الدفاعُ المدنيُّ السوريُّ يشاركُ في تقريرِ مرصدِ الذخائرِ العنقوديّةِ لعامِ 2022

يشارك الدفاعُ المدني السوري “الخوذ البيضاء”، في الاجتماع العاشرِ للدول الأطرافِ في اتفاقية الذخائرِ العنقودية لعام 2008، والذي يُعقد في مقرِّ الأمم المتحدة في جنيف خلال الأيامِ من 30 آب حتى اليوم الجمعة 2 أيلول.

وناقش المؤتمرُ، تقريرَ مرصدِ الذخائر العنقودية لعام 2022 التابع للتحالف الدولي للقضاء على الذخائر العنقودية والحملة الدولية لحظرِ الألغام الأرضية (ICBL-CMC)، الذي يُقدّم معلوماتٍ مفصّلة عن مسحِ وإزالةِ الذخائر العنقودية وكذلك عن الضحايا ومساعدة الضحايا، التابع للتحالف الدولي للقضاء على الذخائر العنقودية والحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية (ICBL-CMC)، تقريرِه السنوي الخاص، حول الذخائرِ العنقودية حول العالم.

وساهم الدفاعُ المدني السوري (الخوذُ البيضاء) في إنجاز هذا التقريرِ من خلال توفير البياناتِ المتعلّقة بعمليات المسحِّ غيرِ التقني وتحديدِ المناطق الملوثة بالذخائر العنقودية و عمليات التخلّصِ النهائي منها، ويسعى الدفاعُ المدني السوري من خلال المشاركة في هذه التقارير لتسليط الضوءِ على حجم الكارثة طويلةِ الأمد التي تعيشها سوريا بسبب مخلّفاتِ الحرب.

ويتضمّن التقريرُ، الذي تشارك فيه دولٌ ومنظّماتٌ عاملة في إزالة مخلّفاتِ الحرب أو في توثيقها، النتائج الرئيسية حول الذخائر العنقودية في العالم، ولمحة عامة عن التلوّثِ العالمي من مخلّفاتٍ الذخائر العنقودية، وعمليات المسح والتطهير التي تمَّ إجراؤها، وتقاريرِ جميع الدول المتضرّرة من الذخائر العنقودية والمناطق الأخرى على مستوى العالم.

ويؤكّدُ التقرير (تقريرُ مرصد الذخائر العنقودية لعام 2022) بما يخصُّ سوريا، أنَّ ثلث المجتمعاتِ المأهولة بالسكان في سوريا متأثرةٌ بمخلّفات الحرب، وأنَّ الاحتياجات الإنسانية الناتجة عن التلوّث ما تزال مرتفعةً للغاية على خلفية ضعفِ برنامجِ الأعمال المتعلّقةِ بالألغام الذي يعاني من نقصِ تمويل الخبرات.

وأضاف التقرير أنَّ النطاقَ الكامل للتلوّث بمخلّفات الذخائر العنقودية غيرُ معروف ولكنَّه بالتأكيد واسعُ الانتشار مع الاستخدام المتكرّر للذخائر العنقودية بسبب الحرب المستمرّةِ منذ 11 عاماً، وسجل التقريرُ زيادةً بنسبة 23٪ في عددِ الحوادث التي تسبّبها المتفجّرات من مخلّفات الحرب في عام 2022 مقارنةً بعام 2020.

وبحسب التقرير، سُجّلت هجماتٌ بذخائر عنقودية في محافظات حلب وحماة وإدلب خلال عام 2020 وفي الربع الأول من عام 2021 ، فيما شهدت 13 محافظةً من محافظات البلاد الأربعة عشرة (جميعها باستثناء طرطوس) الاستخدام المستمرّ للذخائر العنقودية منذ عام 2012، وأشار التقرير نفسُه إلى زيادة استخدام الذخائر العنقودية BM-30 SMERCH و BM-27 URGAN ، حيث تمَّ إطلاقُ معظم أنواع الذخائر الصغيرةِ 9M55K و 9M27K و 9M27K1 ، والتي تمَّ إطلاقُها من منصّاتٍ ثابتةٍ.

وتحدّث التقريرُ عن جهود الدفاع المدني السوري في عمليات المسحِّ والإزالةِ، في شمال غربي سوريا، وعن المخاطر التي تواجُهها الفِرقُ كإصابة أحدِ المتطوعين بجروح في عام 2021 خلال عمله بالتخلّص من مخلّفات الحرب، وعن انضمام متطوّعات إلى فِرق المسحِ غير التقني، في عام 2022.

وأكّد التقرير أنَّه في عام 2021، سجلت سوريا أكبرَ عددٍ من الضحايا من مخلّفات الذخائر العنقودية المسجّلة في أيّ بلدٍ بالعالم، حيث بلغ عددُ ضحايا الذخائر العنقودية 37 ضحيّةً، بانخفاض عن عام 2020 والبالغ عددِ الضحايا فيه 147 من مخلّفات الذخائر العنقودية، وهو أدنى عددِ ضحايا بمخلّفات الذخائر العنقودية تمَّ تسجيله منذ عام 2012، وشكّلَ الأطفال ثلثي ضحايا الذخائر العنقودية في عام 2021.

ويعيش ملايينُ المدنيين في سوريا في مناطق موبوءة بالألغام والذخائر غيرَ المنفجرة نتيجةَ سنواتٍ من قصفِ النظام وروسيا، وتشكّل تهديداً كبيراً على حياة السكان، وموتاً موقوتاً طويلَ الأمد، وتؤثّر بشكلٍ مباشر على استقرار المدنيين والتعليم والزراعة، تنتشر مخلّفاتُ الحرب في عموم مناطق سوريا التي باتت ساحةَ حربٍ لتجريب واختبارِ الأسلحة الروسية، فحجمُ الترسانة العسكرية الهائل التي تمَّ قصفُ المدنيين فيها، كبيرٌ جداً وانتشرت مخلّفاتُ الحرب في المدن والقرى وفي الأحياء السكنية وفي الأراضي الزراعية.

حيث استجابت فِرقُ الدفاع المدني السوري خلال عام 2020 لأكثرَ من 60 انفجاراً لمخلّفات الحربِ في شمال غربي سوريا أدّتْ لمقتلِ، 32 شخصاً بينهم 6 أطفالٍ و4 نساءٍ وإصابةِ 65 آخرين بينهم 7 أطفالٍ و 13 امرأةً.

وبينما انخفضت انفجارات مخلّفات الحربِ لنحو النصف عام 2021، حيث استجابت فرقنا لـ 32 انفجاراً، أدّت لمقتل 18 شخصاً بينهم 5 أطفال، وإصابة 32 آخرين بينهم 11 طفلاً.

ومنذ بداية العام الحالي وحتى يوم الأحد 28 آب، وثّق الدفاع المدني السوري 21 انفجاراً لمخلّفات الحرب في شمالَ غربي سوريا أدّت لمقتل 18 شخصاً بينهم 5 أطفال وإصابة 23 آخرين بينهم 14 طفلاً، وامرأةً.

جميعُ الذخائر غيرُ المنفجرة بمختلف أنواعها خطرةٌ، ولا تختلف نسبةُ الخطورة بين نوع أو آخر، لكنَّ القنابلَ العنقودية بسبب استخدامها المكثّفِ من قِبل النظام وروسيا، وانخفاضِ نسبة انفجارها الفورية بعد وصولها إلى الأرض مقارنةً بباقي أنواع الذخائر الأخرى وانتشارِها الواسع بسبب طبيعة انفجار الحواضن التي تلقيها الطائراتُ أو التي تحملها الصواريخ، يمكننا القولُ إنَّها شكّلت الخطرَ الأكبر.

لا تستهدف الذخائر العنقودية هدفاً محدّداً، فهي تنتشر بشكلٍ عشوائي في مناطق واسعة، وقد تصل نسبةُ القنابل التي لا تنفجر مباشرةً بعد ارتطامها بالأرض لنحو 40% بحسب الأمم المتحدة، ما يؤدّي إلى نتائج مدمّرةٍ لأيّ شخصٍ يصادفها لاحقاً، فرقُ الدفاع المدني السوري وثَّقت استخدامَ نظام الأسد وروسيا لأكثر من 11 نوعاً من القنابل العنقودية (جميعُها صناعة روسية).

واستجاب الدفاع المدني السوري لـ 20 هجوماً بقنابل عنقودية على شمالِ غربي سوريا خلال عام 2020، هجومان منها استهدفا مدرستين، وهجومٌ استهدف سوقاً شعبياً، و 11 هجوماً استهدف منازلَ المدنيين، وباقي الهجمات استهدفت طرقات ومناطق زراعية، وفي عام 2021 استجاب لثلاث هجماتٍ عنقودية شنّتها قواتُ النظام وروسيا، جميعُها كانت بصواريخ تحمل قنابلَ عنقودية، استهدف أحدُها سوقاً للمحروقات، وفيما استهدف هجومان منها تجمّعاً لمحطات بدائية لتكرير الوقود في ريف حلب الشرقي، وفي هذا العام استجابَ الدفاع المدني السوري حتى يوم 28 آب، لهجومٍ واحد من قِبل قوات النظام وروسيا استهدف ريف إدلب الجنوبي.

وتقوم فرقٌ متخصّصةٌ في الدفاع المدني السوري في التعامل مع أنواع محدّدةٍ من مخلّفات الحرب، وهي أحدُ أخطرِ الخدمات وأصعبِها، وتضمُّ عدَّة نشاطات مختلفة منها المسح لتحديد المناطق الملوثة وعملياتِ التوعية، وعمليات التخلّص بشكلٍ نهائي من الذخائر، و بدأت فرقُ الذخائر غيرُ المنفجرة (UXO) العملَ على إزالة مخلّفات الحرب عام 2016 لمواجهة هذا التحدي الذي يهدّد حياة آلاف المدنيين يومياً في ظلّ عدم وجود أيّ جهة تعمل في هذا المجال.

وتضم فرق (UXO) المتخصّصة بمسح وإزالةِ الذخائر غيرِ المنفجرة في الخوذ البيضاء 3 أقسام، ولا بُدَّ من التنويه إلى أنَّ فرقنا لا تقوم بإزالة الألغام وينحصر عملها فقط بإزالة الذخائر غيرِ المنفجرة من مخلّفاتِ القصف.

1ـ فرقُ المسح غير التقني: وعددُها 6 وتقوم بمهامها بمسحِ القرى والمجتمعات على مرحلتين:

الأولى: عبر جميع الاستبيانات من المجتمع المحلي بمختلف أطيافه للوصول للمناطق الملوثة.

الثانية: تحديدُ المناطق الملوثة ورسمُ الخرائط اللازمة وإرسالها لفرق الإزالة التي تقوم بعملية البحث التقني لاحتمالية وجودالذخائر في المنطقة المستهدفة والتخلّص النهائي من الذخائر كلُّ ذخيرة على حدى وبدون أنْ يتمَّ نقلُها أو تحريكها.

2ـ فرقُ الإزالة (التخلصُ النهائي): بعد الوصول للمنطقة الملوثة والمحدّدة من قِبل فريق المسح تجري عملية بحثٍ تقني باستخدام الأجهزة في المكان الملوث بشكل دقيقٍ وتتمُّ عمليةُ إتلاف الذخائر (كلُّ ذخيرة على حدى) بحرفية عالية ومهنية من قِبل الفِرق التي تحرص على إتلافها بشكلٍ كامل.

يبلغ عددُ فرقِ الإزالة 6 فرق متوزّعة في شمال غربي سوريا قامت حتى الآن بالتخلّص من أكثرَ من 23 ألفَ ذخيرة متنوّعة من بينها أكثرَ من21 ألف قنبلة عنقودية وضمن إمكانيات محدودة جداً وظروف عمل صعبة للغاية في كثير من الأحيان كلّفت 4 شهداءَ من الدفاع المدني السوري.

وطوال السنوات الماضية وثّقت فرقُ الذخائر في الدفاع المدني السوري استخدام 60 نوعاً من الذخائر المتنوعة تمَّ استخدامُها لقتل المدنيين منها 11 نوعاً من القنابل العنقودية المُحرمة دولياً والتي لم يتوانَ النظام وحليفه الروسي عن استخدامها.

3ـ التوعية: وتعتبر عمليةُ التوعية من أهم إجراءات مواجهة خطرِ الذخائر غير المنفجّرة، وتقوم فرق (UXO) المتخصّصة بمسح وإزالة الذخائر غير المنفجرة في الخوذ البيضاء بإقامة جلساتِ توعيةٍ من مخاطر الألغام والذخائر غير المنفجرة للمدنيين لزيادة الوعي المجتمعي من خطر هذه الذخائر، وركّزت على خطر الذخائر غير المنفجرة وضرورة الابتعاد عن الأجسام الغريبة، وأهمية إبلاغ فرقِ الدفاع المدني السوري المختصّة عنها فوراً.

وقامت فرق (uxo) في الدفاع المدني السوري خلال عام 2020 بأكثرَ من 600 عمليةِ إزالةٍ، تمَّ فيها التخلصُ من 622 ذخيرةً متنوعة، كما قامت فرقُ المسح بإجراء 167 عمليةً، تمَّ فيها تحديد 237 منطقة ملوثة، فيما قدّمت الفرق 244 جلسةَ توعوية حضرها أكثرُ من 30 ألفَ شخصٍ، وفي عام 2021 قامت الفرق بأكثر 2132 عمليةً ميدانية، منها 608 عمليات إزالة، تم فيها التخلصُ من 683 ذخيرةً متنوعة، كما قامت فرقٌ المسح بإجراء مسحٍ لـ 613 قرية، تم فيها تحديدُ 408 منطقة ملوثة، فيما قدّمت الفرق 1107 جلساتةتوعوية حضرها أكثرُ من 13 ألفَ شخص، أكثرُ من 90 % بالمئة منهم أطفال.

ومنذ بداية العام الحالي وحتى منتصف شهر آب الحالي كثّفت فرق (uxo) عملها وأجرت أكثر 780 عمليةَ مسحٍ غير تقني في أكثر من 260 منطقةً ملوثة بالذخائر، وأزالت 524 ذخيرة متنوعة في 449 عمليةَ إزالة، وقدّمت الفرق 1080 جلسةَ توعية من مخاطر الألغام ومخلّفات الحرب استفاد منها 20 ألف مدني من بينهم أطفال ومزارعون.

حيث ان ضّمت متطوعات في الخوذ البيضاء للمرّة الأولى في شمال غربي سوريا، إلى فرق الذخائر غيرِ المنفجرة (uxo) وذلك في مهمة جديدة يؤدّونها في معركتهن للحفاظ على المجتمعات ولإنقاذ الحياة، لتثبت المرأة السورية في كلّ لحظة أنَّها بالخطوط الأمامية، في السلم وفي الحرب، وكانت رائدةً في التعليم والقيادة وبناء الأجيال، واليوم هي رائدة في حماية المجتمعات وإنقاذ الأرواح.

وشاركت 12 متدرّبة متطوّعة بالدفاع المدني السوري في شهر حزيران الماضي بدورة تدريبيّة مكثّفة استمرت 12 يوماً بإشراف مدربين مختصين من فرق (UXO) وتمَّ تدريبهن على المسح غير التقني بهدف توسيع عمليات المسح والتوعية الخاصة بمخلّفات الحرب التي تشكّل خطراً يهدد حياة المدنيين في مناطق شمال غربي سوريا.


وتمَّ تدريبهنّ على المسحّ غير التقني واستخدام معّدات المسح كالأجهزة اللوحية، أجهزة تحديد الموقع والبوصلات لتسهيل عملية البحث والوصول إلى نتائج أكثرَ دقةً في العمل، وسيكون لدى المتطوعات القدرة على القيام بمهام المسح غير التقني وتحديد المناطق الملوثة بمخلّفات الحرب، إضافة للقدرة على توعية المجتمعات المحلية، وأعطى انضمامُ المتطوعات لفرق المسح وصولاً أكبرَ للمجتمعات المحلية وللنساء وللأطفال.

رغمَ كلّ الجهود المبذولة ما تزال أعدادُ كبيرة من الذخائر غير المنفجرة والألغام موجودة بين منازل المدنيين، وفي الأراضي الزراعية وفي أماكن لعبِ الأطفال، ناجمةً عن قصفٍ ممنهج للنظام وروسيا استمر على مدى سنوات ومايزال حتى الآن، وستبقى قابلةً للانفجار لسنوات أو حتى لعقود قادمة.

ومع وجود تلك الذخائر وانتشارِها في جميع أنحاء سوريا، ستستمر الخسائرُ لفترة طويلة حتى في حال انتهاء الحرب، و تتركز جهودُ الدفاع المدني السوري على التعامل مع هذا الواقع المؤلم والحفاظ على أرواح المدنيين، عبرَ إزالة تلك الذخائر وتوعية المدنيين من خطرها، وإنَّ الأعمال المتعلّقة بالألغام وإزالةَ الذخائر غير المنفجرة هي استثمارٌ في الإنسانية، فهي تساعد في رعاية المجتمعات وإعادة إحيائها، وتمكين النازحين داخلياً للعودة إلى منازلهم، والأطفال من الوصول لمدارسهم و أماكن لعبهم بأمان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى