الفلتانُ الأمني بدرعا.. إحصائيةٌ تَكشِفُ عددَ القتلى منذُ “التسويةِ” وأسبابُها

منذ سيطرة قوات الأسد بدعم الاحتلال الروسي، في تموز 2018، لم يمرّ أسبوع على محافظة درعا، إلا ويسجّل فيه حوادث اغتيال، لم تنحصر في فئة معينة من الأشخاص الذين فضّلوا البقاء فيها، بل انسحبت لتشمل شرائح عدّة، على رأسها قادة وعناصر سابقون في فصائل المعارضة، الذين اتجهوا للعمل مع الأفرع الأمنية التابعة لنظام الأسد، بينها “المخابرات الجوية” و”الأمن العسكري”، إضافةً إلى “الفرقة الرابعة” في قوات الأسد.

وفيما بقيت حوادث الاغتيال ضد “مجهول”، تّوّسّعت مؤخّراً الفئات المُستهدفة، لتشملَ رؤساء بلديات، وأشخاصاً كانوا قد عملوا سابقاً مع فصائل المعارضة، وانخرطوا فيما بعد مع الدوائر الخدمية والحكومية التابعة لنظام الأسد.

ومع ما سبق، تغيبُ تعليقات نظام الأسد عن الفوضى الأمنية التي تشهدها المحافظة، والتي شهدت أبرز اتفاقيات “التسوية”، وبموجبها انسحبت فصائل المعارضة من جميع المساحات التي كانت تسيطر عليها في درعا المدينة وريفها الغربي والشرقي، لصالح قوات الاحتلال الروسي وقوات الأسد.

الفوضى الأمنية التي تشهدها درعا، لا يمكن حصرُها فقط بعمليات الاغتيال، بل تشمل الهجمات التي شهدتها المحافظة خلال الأشهر التالية لسيطرة نظام الأسد عليها، والتي طالت مواقع لقوات الأسد وقوات الاحتلال الروسي.

وأفاد موقع “السورية نت” نقلاً عن “مكتب توثيق الشهداء في درعا”، بأنّ عمليات الاغتيال التي شهدتها درعا في الفترة الممتدة من بداية شهر آب 2018 وحتى 27 أيلول الماضي، بلغت 111 حادثة قتل، أما عدد الإصابات التي نتجت عن محاولات الاغتيال 66 إصابة، وإلى جانبهم فشلت 18 محاولة اغتيال في تحقيق هدفها.

وبحسب الإحصائية، فإنّ من بين الأشخاص الذين قتلوا جرّاء الاغتيالات 73 مقاتلاً سابقاً في فصائل المعارضة (54 منهم انضم لقوات الأسد بعد التسوية، 19 لم ينضمّوا)، وبينهم 20 قيادياً، وكانت معظم العمليات تتمّ بأسلحة نارية و تركّزت بشكلٍ أكبرَ في ريف درعا الغربي عموماً.

ويقول عمر الحريري عضو مكتب “توثيق الشهداء في درعا” إنّ العمليات التي أصابت المدنيين، كانت مختلفة، وبعض القتلى أصيب بالخطأ أثناء استهداف أشخاص آخرين، والبعض الآخر من المدنيين كانت تظهر أنباء على وسائل التواصل بعد اغتيالهم، تتهمهم بالعمالة لصالح نظام الأسد “وهي أنباء لا يمكن الجزم فيها بطبيعة الحال”.

ويضيف الحريري لـ”السورية.نت” أنّه “لا يمكن وضع جميع الاغتيالات تحت خانة واحدة، سواء باعتبارها نوع من استمرار الثورة في درعا، أو عمليات تصفية تقوم بها قوات الأسد، فالأشخاص المستهدفون متعدّدو التوجّهات، بينهم عناصر من قوات الأسد، وبعضهم رفض التعامل مع نظام الأسد، وبعضهم قادة سابقون(بالجيش الحرّ) لديهم ملفات معقّدة لم تغلق مع اتفاقية التسوية”.

يرى الحريري أنّ “الفوضى الأمنية المترسخة في عموم محافظة درعا حالياً، والانتشار الواسع للأسلحة غير المنضبطة، وتعدْد الجهات المسيطرة بين نظام الأسد وحلفائه، أو بعض مقاتلي الفصائل سابقاً، يؤسس لحالة من الفوضى، والتي تؤسس بدورها لعمليات الاغتيال التي تجري حالياً”.

ويشير إلى أنّ نظام الأسد “سعيد بالفوضى الحالية، أو على أقلِّ تقديرٍ هو غير منزعج منها، فهي تعزّز نظريته بأنّه الجهة الوحيدة التي تضبط الأوضاع الأمنية. فالفوضى والاغتيالات في درعا المحطة الخاضعة بالكامل لسيطرته الأمنية، أقلّ بكثير من درعا البلد، التي مازالت تشهد تواجد لعناصر فصائل التسوية، وكذلك الأمر عند مقارنة منطقة كالشيخ مسكين التي يسيطر عليها بالكامل بطفس التي تسيطر عليها فصائل التسوية”.

وأكّد “عمر الحريري”، على نقطة أساسية في حوادث الاغتيال التي تشهدها درعا، وهي أنّ منطقة سيطرة “الفيلق الخامس” المدعوم من المحتل الروسي في ريف درعا الشرقي وتحديداً بصرى الشام، لم تشهدْ توثيق أيِّ عملية أو محاولة اغتيال طوال السنة الماضية.

واعتبر “الحريري” أنّ “لهذا الأمر أسباب عديدة مرتبطة بطبيعة الجهة المسيطرة على المدينة وعناصرها”.

وعقب اتفاق التسوية في درعا، انقسمت المناطق في المحافظة إلى قسمين، الأول تحت سيطرة الاحتلال الروسي، المتمثل على الأرض بـ”الفيلق الخامس” والمنتشر في مدينة بصرى وبعض قرى الريف الشرقي لدرعا، ويتصدره القيادي “أحمد العودة”، أما القسم الآخر تحت سيطرة الأفرع الأمنية لنظام الأسد وقواته العسكرية كـ”فرع الأمن العسكري” و”الفرقة الرابعة”، والتي تتركّز هيمنتها العسكرية في قرى الريف الغربي لدرعا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى