المحاميةُ نورا غازي الصفدي في جلسةِ مجلسِ الأمنِ: كيفَ يمكنني في عشرِ دقائقَ أنْ أصفَ معاناةَ شعبٍ وبلدٍ باتَ عمرُها عشرَ سنواتٍ
قدّمت الناشطة الحقوقية نورا غازي الصفدي زوجة الشهيد باسل الصفدي الذي أعدمه نظام الأسد مداخلةً مُهمّة في جلسة لمجلس الأمن أمس الثلاثاء, عن المعتقلين في سوريا.
وقالت “الصفدي” في بداية مداخلتها, “لقد احترتُ كثيراً عندما وجّهتْ لي الرئاسة الفرنسية لمجلس الأمن مشكورة الدعوة لحضور هذا الاجتماع، إذ كيف يمكنني في عشر دقائق أنْ أصف معاناة شعب وبلد بات عمرها الآن ما يقارب العشر سنوات”.
وتساءلت, “هل حقاً سيشكّل حضوري إضافة في إيجاد حلٍّ لقضية المعتقلين والمختفين قسراً في سوريا، أم سيتمُّ استخدامي كأداة لإبراز الوجه الإنساني للمجتمع الدولي الذي وللأسف لطالما تخاذل عن نصرة قضايا إنسانية محقّة”.
وأضافت مخاطبة أعضاء مجلس الأمن, “أنا الآن وهنا أتحدّث إليكم عن معاناة عشرات آلاف العائلات والنساء تحديداً، عائلات المفقودين والمختفين قسراً والمعتقلين، على امتداد هذه البقعة الجغرافية الأقرب إلى قلبي (سوريا)، وأحدّد النساء لأسباب عديدة لعلّ أهمها أنهن الضحايا المباشرات لهذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في تغييب أحبابهن من الرجال بأبشع الطرق, وهذا بالطبع لا يجعلني أستثني النساء أنفسهن كمعتقلات ومختفيات ومفقودات”.
ونوّهت “الصفدي” إلى أنّه “وفْقَ العديد من المنظمات الدولية هناك عشرات آلاف من المعتقلين والمختفين قسراً والمفقودين في سوريا منذ اندلاع الاحتجاجات التي بدأت في آذار 2011، مطالبة في أولويات ما طالبت به الإفراج عن المعتقلين، فكانت النتيجة أنْ قوبلنا بالقتل والاعتقال، وأدّى العنف إلى مزيد من العنف على امتداد سوريا، وبتنا عاجزين عن إحصاء عددِ ضحايانا، وأسماء خصومنا الذين ينتهكون حقوقنا كلّ يوم”.
وأشارت, “الاعتقال والاختفاء القسري والتعذيب أصبح يمارس من قِبلِ جهات عديدة، والعالم ينظر إلى الصراع في سوريا بأنّه حربٌ بين نظام دكتاتوري وفصائل متطرفة، ويغضُّ النظر عن وجودنا كناشطين لا عنفيين نرفض كلَّ من يرتكب عنفاً وظلماً بوسائل مقاومتنا السلمية”.
وأكّدتْ الصفدي أنّ “آلاف من النساء والأطفال في مراكز الاحتجاز دون ذنب، مئات من الأمهات اعتقلن مع أطفالهن، أطفال ولدوا داخل المعتقلات”, مضيفة, “اتّهم جميع من اعتقلوا بأنّهم إرهابيون، وهم لا ذنبَ لهم سوى أنّهم رفضوا الظلم، وربّما لم يتدخلوا في أيِّ فعلٍ ضدَّ السلطات، بل اعتقلوا لمجرد انتمائهم لمناطق مغضوب عليها، أو كرهائن بسبب نشاط أقاربهم المعارضين للنظام، هل يصدق أحدٌ هنا أنّ هناك منظومة سياسية تكره وتغضب على منطقة ما؟”.
وأشارت إلى أنّ نظام الأسد لم ينتهك القوانين الدولية فحسب, وإنّما القوانين السورية أيضاً، وعلى رأسها الدستور السوري الحالي, مثل محكمة الميدان العسكرية ومحكمة الإرهاب والإعدامات العشوائية والتعذيب, والتي تمثّل انتهاكاً لمبادئ المحاكمة العادلة التي نصّت عليها القوانين السورية والدولية.
وطالبت الصفدي من “العالم الذي يتّحدُ في خوفه من فيروس كورونا، أنْ يتّحدَ بأقلِّ تقدير على إرادة اتخاذ قرار لحماية المعتقلين في السجون السورية من هذا الفيروس الذي يضعهم في خطرٍ مضاعف”.
وتطرّقت إلى المظاهرات السلمية في السويداء جنوب سوريا، وما قام به نظام الأسد من اعتقال عشرة ناشطين خلال المظاهرة، وهم ينتمون لأقلية يدّعي نظام الأسد أنّه يحميها، ولا يستطيع أنْ يتهمهم بأنّهم إرهابيون وهو يعرف السبب.
وقالت نحن كسوريين مطالبنا بسيطة وواضحة أمام العالم، نريد تطبيق القانون ومحاسبة كلَّ من ينتهك القانون، ويطلق علينا لقب خونة بسبب مطالبنا هذه… هل يجب علينا أنْ نخضعَ للظلم والاستبداد حتى لا نسمّى خونة؟.
وفي نهاية مداخلتها شكرها المندوبون بِمَن فيهم مندوبا الصين والاحتلال الروسي ولو بروتوكولياً.
وفي أواخر عام 2019 الماضي، كانت منظمة العفو الدولية قد اختارت “نورا غازي الصفدي” الحقوقية السورية والمديرة التنفيذية لمنظمة “نوفوتوزون”، كواحدة من 14 مدافعة عن حقوق الإنسان حول العالم.