تحذيراتٌ من تفشّي وباءِ الكوليرا في حالِ توقّفِ المساعداتِ الإنسانيّةِ شمالَ غربِ سوريةِ
حذّرَ عاملون في المجال الصحي والإنساني في شمالِ غربِ سوريا من أنَّ وقفَ المساعدات الإنسانية عبرَ الحدود سيزيد من تفشّي وباءِ الكوليرا في المنطقة.
ونقلت وكالة “رويترز” عن رئيسِ مديرية الصحة في إدلب، الدكتور زهير قراط، قوله إنَّ “قدرات القطاع الصحي ضعيفةٌ بالفعل، ونعاني من نقصِ حادّ في الأدوية والمستلزمات الطبيّة والأمصال”، مؤكّداً على أنَّ “وقفَ المساعدات عبرَ الحدود سيكون له تأثيرٌ مضاعفٌ على تفشّي الكوليرا في المنطقة”.
ووفقَ تفويضِ الأمم المتحدة، يُسمح للوكالات الإنسانية والأممية بإدخال مجموعاتِ النظافة وأقراصِ الكلور لتطهير المياه والمعدّات لثمانية مراكز لعلاج الكوليرا، تضمُّ أكثرَ من 200 سريرٍ، كما تقوم المنظمات غيرُ الحكومية بشحنِ المياه الصالحة للشرب إلى المنازل.
وقال ثلاثةٌ من عمال الإغاثة لـ “رويترز” إنَّه “من دون التفويض الأممي، لن تتمتّع المنظمات غيرُ الحكومية الدولية بغطاء قانوني دولي، ولا يمكنها مواكبةُ وتيرةِ وكميات المساعدات المطلوبة”.
وأضاف عمالُ الإغاثة أنَّ ذلك “يرجع جزئياً إلى ثقة الدول المانحة الكبيرة في أنَّ المساعدات المُقدمة من خلال الأمم المتحدة لن يتمَّ تسييسها أو توزيعها بشكلٍ غير عادل، أو الاستيلاء عليها من قِبل الجماعات المسلّحةِ المتشدّدةِ”.
ويمثّل الكلورُ المستخدم في تطهير المياه تحدّياً خاصاً، حيث أشار عمالُ الإغاثة إلى أنَّ هذه المادة الكيميائية استخدمت في سوريا كسلاح حربٍ، مما أثار مخاوفَ بين المانحين من شأنها أنْ تبطئ مشترياتها من علاج الكوليرا من قِبل المنظمات الإنسانية التي لا تتبع للأمم المتحدة.
وقال منسّقُ “لجنة الإنقاذ الدولية” في شمال غرب سوريا، محمد جاسم، إنَّه “سيتمُّ تعليقُ المراكز والمنشآت الصحية، والإمدادات التي سيتمُّ نقلُها خصيصاً لوباء الكوليرا في الشمال الغربي ستتوقّفُ، بما في ذلك السوائلُ والأمصال والحقن والأدوية عن طريق الفم”.
وأكّد رئيسُ الجمعية الطبية السورية الأميركية “سامز” في حلب، أسامة أبو العز، أنَّه “حتى إذا تمَّ تجديدُ القرارِ لستّة أشهرٍ أخرى، فقد عانى العاملون الصحيون بالفعل من التجديدات قصيرةِ الأجل، مما يجعلهم غيرَ قادرين على التخطيط للمستقبل”.
ومنذ بدءِ تفشّي المرض في أيلول الماضي، سجّلت مناطقُ شمال غربي سوريا 31760 حالةَ إصابةٍ بوباء الكوليرا، بينها 17 حالةَ وفاةٍ، وفق شبكة الإنذار المبكّر والاستجابة للأوبئة حتى نهاية كانون الأول الماضي، ما يجعل من منطقتي إدلب وحلب ثاني ورابع أكثرِ المناطق تضرّراً في سوريا على التوالي.
ويعيش سكانُ شمال غربي سوريا، البالغُ عددُهم نحو 4 ملايين نسمة، في ظروف مزرية، وهم معرّضون للخطر بشكلٍ خاص لأنَّهم يعتمدون على المياه من نهر الفرات للشرب وريّ المحاصيل، فيما تضرّر القطاعُ الصحي في سوريا بشكل كبيرٍ بعدَ عقدٍ من الحرب.
وسبق أن حذّرت منظمات دولية وأممية عدّة من أنَّ مناطقَ شمال غربي وشمالَ شرقي سوريا تواجه خطرَ تفشّي وباء الكوليرا، وأنَّ المياهَ الملوثة والنقص الحادّ بالاستجابة الإنسانية وأسباباً أخرى تهدّد بانتشار المرض في جميع أرجاء سوريا، مؤكدةً أنَّ وصولَ الأهالي إلى المياه الكافية والنظيفةِ ما يزال يمثّلُ مشكلةً مقلقة.