تقريرٌ: النزوحُ والترحيلُ يضغطانِ على الشمالِ السوري المأزومِ أصلاً
ذكر موقع المدن في تقرير أنّ المناطق المحرّرةَ شمال غرب سوريا تشهد ارتفاعاً واضحاً في أعداد السكان، وتوقع أنْ تتزايدَ الكثافة السكانية خلال الأِشهر القادمة بسبب تصاعد عمليات الترحيل للاجئين السوريين في تركيا، وتدفُقِ أعداد أكبرَ من السوريين نحو مناطق المعارضة، هرباً من مناطق سيطرة نظام الأسد مع تصاعد الأزمة المعيشيّة والسياسات التهجيرية هناك.
وأشار تقرير الموقع إلى أنَّ عمليات ترحيل السوريين من تركيا تصاعدتْ خلال الأسابيع الماضية، إذ تصل أعدادُ المرحّلين يومياً إلى نحو 150 شخصاً عبر معابر باب الهوى، وباب السلامة، وتلّ أبيض.
كما لفت إلى أنَّ السوريين القادمين من مناطق نظام الأسد يدخلون المناطق المحرّرة عبرَ ممرات التهريب المنتشرة بكثافة في خطوط التماس بين الطرفين، وقد لوحظ تدفُّقُ أعدادٍ أكبر مؤخّراً بعد الانخفاض الكبير في سعر صرف الليرة السورية.
وأكّد التقرير على أنَّ الضغطَ السكاني المتزايد في الشمال السوري والزيادةَ المتوقعة في الأعداد خلال الفترة القادمة، سيكون له آثارٌ سلبية على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، حيث سيشكّل ضغطاً على الخدمات، إذ إنَّ الزيادةَ لم تترافق مع إجراءاتِ تحسينٍ للبنية التحتية، كشبكات الري وشبكات مياه الشرب والطرق والصرف الصحي والمدارس والخدمات الصحية، فيما أدّى الضغطُ السكاني المتصاعد إلى تراجع مستوى الخدمات على الصعيد الكمي والنوعي والتي تُعدّ منخفضةً أصلاً.
الباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر قال للموقع، إنَّ أعدادَ السكان في المناطق المحرّرة في زيادة مستمرّةٍ، فقد وصل عددُهم وفقاً لأحدث إحصائية في 2023 إلى أكثرَ من 6 مليونِ شخصٍ، بعدما كان العددُ لا يتجاوز الـ 5.5 ملايين شخصٍ في 2022.
وأوضح الباحث أنَّ “نسبةَ النازحين والمهجرين من العدد الإجمالي للسكان في الشمال تبلغ 49.3%، وغالبيةُ هؤلاء النازحين يقطنون في مخيّماتٍ ومساكنَ عشوائيّة، وهو ما يزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية في المنطقة”، مبيّناً أنَّه بين هؤلاء النازحين أكثرُ من 880 ألفٍ طفلٍ، و600 ألفِ امرأةٍ، وأكثرُ من 80 ألفَ شخصٍ من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ويقول السيد عمر إنَّ “الانتشارَ الأفقي لمرافق الخدمات يرتبط بشكلٍ مباشرٍ بالكثافة السكانية، فمن المفترض توسيعُ البنية التحتيّة للتمكّن من تلبية حاجات الأعداد الجديدة، لكنَّ هذا الأمرَ لا يتمُّ في ظلِّ المشهد السياسي المعقّد محلياً وإقليمياً ودولياً، ما يعني زيادة معدلات الفقر وازدياد صعوبة الوصول للخدمات العامة”.
وبخصوص الإجراءات المطلوبة للتخفيف من حدّة الآثار السلبية المرافقة لتزايد الكثافة السكانيّة، يوضّح السيدُ عمر أنَّها تقع بالدرجة الأولى على عاتقِ المنظمات الدولية، ولكنَّ هذا الأمرَ قد لا يتمّ، في ظلِّ الضغوط المالية التي تواجهها هذه المنظمات، وفي ظلّ عدم وجودِ انفراجات سياسية في القضية السورية، مشدّداً على أنَّ “أيَّ حلول حالية تُعدُّ إسعافية، فالقضية تحتاج لحلول جذرية، ولكنّها على الأغلب لن تتمَّ إلا من في ظلِّ
حلٍّ دولي شامل، وهذا الأمر غيرُ متوقّع على الأقل في الفترة الراهنة”.
من جانبه، قال وزير المالية والاقتصاد في الحكومة المؤقّتة عبد الحكيم المصري، إنّه “لا بُدَّ من اتّخاذ إجراءات للتعامل مع التحدّيات المرتبطة بزيادة أعداد السكان، كتحسين البنية التحتيّة، وتوفيرِ فرص العمل، والتوسّع في بناء المساكن، وخلق بيئة استثمارية تمهّد لنشوءِ المشاريع المتوسطة والصغيرة، ورفعِ الأجور للموظفين والعاملين في المهن الحرّة، والتي تتراوح بين 1500 و2000 ليرة تركية، وهي أجورٌ لا تكفي لتغطية تكاليفِ المعيشة”.