تقريرٌ حقوقيٌّ: الشعبُ السوري أكثرُ ضحايا الأسلحةِ الكيميائيّةِ في القرنِ الحالي

أصدرتْ “الشبكةُ السورية لحقوق الإنسان” تقريراً بمناسبة يوم إحياء ذكرى جميع ضحايا الحرب الكيميائية، الذي يصادف الثلاثين من شهر تشرين الثاني من كلِّ عام، والذي أقرَّه مؤتمرُ دول الأطراف في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في دورته العشرين التي انعقدت عام 2015.

وسجَّل التقرير 222 هجوماً كيميائياً على سوريا منذ أول استخدامٍ موثَّق في قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان لاستخدام الأسلحة الكيميائية في 23/ كانون الأول/ 2012 حتى 30/ تشرين الثاني/ 2020، كانت قرابة 217 منها على يدِ قوات الأسد، و5 على يد تنظيم “داعش”.

وبحسب التقرير فإنّ هجمات قوات الأسد تسبَّبتْ باستشهاد 1510 أشخاص, يتوزّعون إلى 1409 مدنيين بينهم 205 أطفالٍ و260 سيدة (أنثى بالغة) و94 من مقاتلي الفصائل الثورية، و7 أسرى من قوات الأسد كانوا في سجون الفصائل.

وتسبَّبت جميعُ الهجمات في إصابة 11212 شخصاً، 11080 منهم أصيبوا في هجمات شنّتها قواتُ الأسد و132 أصيبوا في هجماتٍ شنّها تنظيمُ داعش.

وأكّدَ تقريرُ الشبكة أنَّ يوم إحياء ذكرى جميع ضحايا الحرب الكيميائية يأتي في وقتٍ لا يزال نظام الأسد فيه يرفض الاعترافَ بأنّه خدع منظمةَ حظر الأسلحة الكيميائية، حيث استمرت مؤسساتُه المختصّة في إنتاج الذخائر الكيميائية، واستمرَّ في تطوير برنامج السلاح الكيميائي بعدَ انضمامه إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية في عام 2013، الأمرُ الذي ترجم عملياً عبْرَ استخدامه المتكرّر للأسلحة الكيميائية عشرات المرّات.

ولفت إلى أنَّ الفشل الدولي الشامل، الذي تجسَّد في مجرد إدانات على استخدام مؤكّد وموثّق لأسلحة الدمار الشامل من قِبل نظام الأسد هو الذي سمح له بالتمادي في ارتكاب كلِّ أنواع الانتهاكات، وأتاح له وبشكلٍ متكرَّر خرْقَ اتفاقية وقّعت عليها 193 دولةً والتزمت فيها بشكلٍ كبير، في حين أنّه لم يلتزمْ هو حتى بإعلان واضح ودقيق لمخزونه الكيميائي.

ونوَّه التقرير إلى أنَّ سياسة نظام الأسد في خداع المجتمع الدولي وإعاقةِ عمل المنظمات هي سياسة انتهجها منذ عام 2011 ولا سيما فيما يخصُّ ملفَ الأسلحة الكيميائية، بدءاً من التأخير المتعمَّد في إعطاء تأشيرات الدخول لفريق المنظمة، وكذلك التأخّر في الردِّ على رسائل المنظمة، وصولاً إلى إعاقة وصول المفتشين إلى عددٍ من المناطق، وكذلك رفضه دخولَ فريق التحقيق التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية كما حصل في حزيران 2019.

وحمَّل التقريرُ مسؤولية تحريكِ واستخدامِ الأسلحة الكيميائية إلى رأس نظام الأسد، الذي يتولّى قيادة الجيش والقوات المسلحة، وأكّد أنّه لا يمكن القيام بمهام أقلَّ من ذلك بكثير دون علمِه وموافقته، مشيراً إلى أنّ القانون الدولي الإنساني يأخذ في الاعتبار الطبيعة الهرمية للقوات المسلّحة والانضباط الذي يفرضه القادة، ويحمل القادة المسؤولية الجنائية على المستوى الشخصي لا عن أفعال وتجاوزات ارتكبوها بل أيضاً عن أفعال ارتكبها مرؤوسوهم.

وأوضح أنَّ النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يعزّز عناصر المسؤولية هذه ويوسّعها لتشملَ الجرائم ضدَّ الإنسانية، التي ترتكب وقتَ السلم أو الحرب، وجرائم الحرب، سواء ارتكبت في نزاع مسلّح دولي أو داخلي. ويحمّلُ القانون القادة العسكريين بالإضافة إلى كبار المسؤولين، بمن فيهم المدنيون المسؤولية عن ذلك.

وأشار التقرير إلى أنّ المحاكم الجنائية الدولية اشترطت إثبات ثلاثة عناصر قبل تحميل شخصٍ ما مسؤولية الرؤساء عن جرائم ارتكبها المرؤوسون، وهي وجود علاقة رئيس ومرؤوس بين المتهم ومرتكب الجريمة الأساسية، ومعرفة الرئيس بحقيقة أنَّ مرؤوسه ارتكب الجريمة أو على وشكِ ارتكابها، وعدم قيام الرئيس بمنع ارتكاب الجريمة أو معاقبة مرتكبيها.

ورأى التقرير أنَّ كافة هذه الاشتراطات متحقّقةٌ في حالة نظام الأسد، وعلاقةِ رأس النظام وقياداته وسلسلة القيادة الشديدة الصرامة والمركزية، مما يجعل بحسب التقرير رأسَ النظام والقيادات العليا جميعَها متورطةً بشكل مباشر عبْرَ استخدام أسلحة الدمار الشامل الكيميائية في ارتكاب انتهاكات تصل إلى الجرائم ضدَّ الإنسانية وجرائم الحرب بحقِّ الشعب السوري.

وطالبت الأمم المتحدة ومجلس الأمن بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية وعسكرية على نظام الأسد, كما طالب حلفاء النظام بإدانةِ استخدامه للأسلحة الكيميائية، والعملِ مع بقيّة دول العالم على محاسبته، والضغط عليه للدخول في عملية سياسية تفضي إلى انتقال سياسي حقيقي بعيداً عن حكم العائلة الواحدة؛ مما يساهم في رفع العقوبات والانتقال نحو الديمقراطية والاستقرار.

وأوصى التقرير المجلسَ التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بنقلِ المسؤولية بشكل…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى