إجراءاتُ التقاضي في فرنسا تعرقلُ رفعَ دعاوى ضدَّ أفرادٍ يُشتبُه بارتكابِهم جرائمَ في سوريا

أفاد تقريرٌ بأنَّ إجراءات التقاضي في فرنسا، المرتبطةَ بالجرائم المرتكبة في سوريا، كانت شديدةَ التعقيد، الأمرُ الذي عرقل رفعَ عدّةِ دعاوى ضدَّ أفراد يُشتبه بارتكابهم جرائمَ حربٍ، أو جرائمَ ضدَّ الإنسانية.

وتمارس الدولُ ولايتها القضائية على هذه الجرائمِ على أساس مبدأ الجنسية (للجاني أو الضحية)، أو على مبدأ “الولاية القضائية العالمية خارج الحدود الإقليمية”، وهذا المبدأ يمكّن من محاكمة الجاني بغضِّ النظر عن جنسيته أو جنسية ضحاياه، بشروط معيّنةٍ مثلِ الوجود أو الإقامةِ في دولة المقاضاة.

وذكر تقريرٌ لموقع “عنب بلدي” أنَّ قرارَ محكمة “النقض” الفرنسية الصادرَ في تشرين الثاني 2021، والذي نصَّ على أنَّ المحاكم المحلية غيرُ مختصّة بما يرتبط بمحاكمة عنصرٍ سابق في أجهزة نظام الأسد الأمنيّة، بتهمة التواطؤ في جرائم ضدَّ الإنسانية، ضيّقَ اختصاصَ المحاكم الفرنسية بالجرائم المرتكبة في سوريا.

وبرّرت محكمةُ “النقض” قرارَها بعدم الاختصاص، بأنَّ سوريا لم تعرّف جريمةَ الحرب أو الجريمة ضدَّ الإنسانية في تشريعاتها، كما يستثني النظامُ القانوني الفرنسي من اختصاصه الجرائمَ الدولية التي تُرتكب في أو من قبل مواطني جميعِ الدول غير الأعضاء في المحكمةِ الجنائية الدولية، من بينها سوريا.

وأثار هذا القرارُ مخاوفَ حقوقيين سوريين من هدمِ مستقبلِ آلاف التحقيقات الجارية في فرنسا المرتبطة بسوريا، واُعتبر أنَّ هذا القرارَ قد يجعل من فرنسا “ملاذًا آمنًا” لمرتكبي الانتهاكات في سوريا.

ويخضع تطبيقُ الولاية القضائية في فرنسا لشرطين أساسيين، في حالِ لم يكن الجاني أو الضحية يحملان الجنسية الفرنسية.

الشرط الأول هو أنْ يكونَ المشتبه به موجودًا أو مقيمًا على الأراضي الفرنسية، أما الشرط الثاني، فيجب أنْ يكونَ تكييف الجريمة محلَّ القضية، ضمن جرائم الحرب أو الجرائم ضدَّ الإنسانية، فضلًا عن التزام فرنسا بملاحقة مرتكبي هذه الجرائم، بموجبِ اتفاقيةٍ دولية، وهي نظام روما الأساسي المؤسس لمحكمة الجنايات الدولية، بحسب “المركز السوري للعدالة والمساءلة”.

في شباط الماضي، أعلنت السلطاتُ الفرنسية الشروعَ في إجراءِ تغييرات تشريعية، لمنحِ اختصاصٍ قضائي خارجَ أراضيها لمحاكم البلاد، في قضايا الجرائم الدولية الأساسية، ما قد يمهّدُ الطريقَ لمحاكمة مرتكبي الجرائم ضدَّ الإنسانية خلال النزاع في سوريا.

كما اعتمد البرلمانُ الفرنسي مشروعَ قانون يجيز التعاون القضائي الدولي بين فرنسا وآلية الأمم المتحدة الدولية المحايدة والمستقلّة المكلّفةِ بسوريا، وسيُعرض مشروعُ القانون على مجلسِ الشيوخ بعد موافقةِ البرلمان.

واعتبر حقوقيون سوريون أنَّ مشروع القانون ليس الإجراء التشريعي المنشود، إنّما يمكن وصفُه بأنّه “تسهيلٌ إجراءات المحاسبة عن الجرائم المرتكبة في سوريا”، وما يتطلّع إليه الحقوقيون السوريون هو تعديلُ القانون الجنائي الفرنسي، بحيث يُسمح ببدء التحقيق حتى في غياب المشتبه به استنادًا إلى الولاية القضائية العالمية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى