رجلُ إيرانَ وتلميذُ مملوكٍ.. “لؤي العلي” الذي أشعلَ السويداءَ بشتيمةٍ تعرّفَ عليه ؟

قبلَ عامين تنفّسَ أهالي السويداء جنوبَ سوريا الصعداء بعد نقلِ رئيس شعبة الأمن العسكري العميد “وفيق ناصر” إلى محافظة حماة، والذي كان يعرف بسطوته الأمنية حتى بات يلقّب بـ”حاكم المنطقة الجنوبية لسوريا”، لكن من جاء مكانَه في ذلك الوقت لم يختلف كثيراً عنه، من ناحية إدارة الملفّ الأمني للجنوب أو طريقة التعامل مع الحاضنة الشعبية سواء في السويداء أو جارتها محافظة درعا.

وفي التوقيت ذاته الذي غادر فيه “وفيقُ ناصر” من جنوب سوريا اتجه خلفُه “لؤي العلي” لإشعال نارٍ ما يزال جمرُها متّقداً حتى الآن، وبالأخصِّ في السويداء التي تشهد، ومنذ ثلاثة أيام توتراً كبيراً وغضباً شعبياً بين أبناء الطائفة الدرزية, ذلك بعد إهانة لفظية وجَّهها “العلي” لرئيس مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز “حكمت الهجري”، في أثناء اتصالٍ هاتفي من الأخير طلب فيه الإفراج عن أحد المعتقلين من أبناء السويداء.

الإهانة التي جاءت على شكلٍ شتيمةٍ حسب ما قالت مصادر إعلامية من السويداء في تصريحات لموقع “الحرَّة” دفعت الأطيافَ الاجتماعية في المحافظة ومشايخ العقل بمجملهم للتضامن مع “الهجري”، والذي ورغم دعمِه لنظام الأسد منذُ بداية أحداث الثورة، إلا أنَّ ما تلقّاه من “العلي” اعتبرَ، وكأنَّه إهانةٌ موجّهة لـ”أهالي جبل الدروز بكاملهم”.

وأضافت المصادر أنَّ أطيافَ محافظة السويداء، وعلى رأسها قادة الفصائل المحلية كـ”قوات الفهد” و”قوات بيرق سلطان باشا الأطرش” تصرّ على تلقّي اعتذار رسمي من قِبل “القيادات العليا في نظام الأسد” المتمثّلة برأس النظام، كما تطالب بإقالة “العلي” من منصبه، على خلفية الإهانة التي وجَّهها من جهة، ولممارساته الأمنية التي ولّدتْ حالةً من الرعب والخوف بين أبناء المنطقة الجنوبية في العامين الماضيين من جهة أخرى.

وبحسب المصادر, شهدَ منزلُ الشيخ “الهجري” في بلدة قنوات منذ يوم الأربعاء عدّةَ زيارات من وفود رسمية تتبع لنظام الأسد، في مسعى لـ”تهدئة النفوس” وردَّ الاعتبارِ بعدَ “الإهانة” التي تلقاها من “العلي”.

وكانت أولى الزيارات من قِبل محافظ السويداء وأمين فرع حزب “البعث” إلى جانب قائد الشرطة في المحافظة، وشخصيات أخرى من مسؤولي المحافظة، ويقول المصدر إنَّ عدداُ من ممثلي الفصائل المحلية وعائلات المحافظة اعتبرت أنَّ زيارة الشخصيات المذكورة ليست كافية، وطالبت باعتذارٍ رسميّ من “السلطة في دمشق”.

وحذّر ممثلو الفصائل المحلية من اللجوء لتصعيد الموقفِ، في حال لم تتداركْه السلطةُ بشكلٍ فوريٍّ، وتتّخذْ الإجراءاتِ المناسبة لتهدئة حالة التوتّر في المحافظة، مؤكّدين على أنَّ الإساءة اللفظية التي وجَّهها “العلي” أثارت غضبَ شريحةٍ واسعة من أبناء المحافظة.

وإلى جانب الشخصيات المذكورة التي أجرت الزيارةَ الأولى شهد منزل “الهجري” زيارة ثانية يوم الخميس من قِبل عضو القيادة المركزية في حزب “البعث”، اللواء “ياسر الشوفي” وشخصيات أخرى من “القيادة القطرية للحزب في سوريا”، لكنَّها لم تفلحْ أيضاً بتهدئة الشارع في السويداء، مع إصرار ممثلي الفصائل وعائلاتِ المحافظة على تلقّي اعتذار رسمي من السلطة الحاكمة في دمشق.

ووفْق ما نقلته المصادرُ الإعلامية، فإنَّ “الإهانة” التي تلقّاها “الهجري” بدتْ وكأنَّها موجَّهةٌ للطائفة الدرزية بكاملها، مشيرةً إلى إصرار مجتمع السويداء وتمسّكِه حتى الآن على تلقّي اعتذار رسمي يمثّل “أهالي الجبل” ككلٍّ.

وينحدرُ “لؤي العلي” من مدينة طرطوس، وكان قد شغل عدّةَ مناصب قبل رئاسة شعبة الأمن العسكري في الجنوب السوري، بينها رئيس فرع الأمن العسكري في السويداء في عام 2018، ورئيس قسم الأمن العسكري بدرعا (245) في عام 2011، أي في أثناء انطلاقة الثورة السورية.

وبحسب مصادر عسكرية من محافظة درعا فإنَّ “العلي” يعتبر من أبرز المقرّبين لـ”علي مملوك” نائب رأس نظام الأسد للشؤون الأمنية، حتى أنَّه بات يلقَّب في أثناء عمله الأمني مطلع عام 2011 بـ”تلميذ علي مملوك”.

وتضيف المصادر أنَّ “العلي” يعتبر أحد المتورّطين في إعطاء الأوامر بقمع الاحتجاجات الشعبية في مدينة درعا مطلع 2011، ويحظى في الوقت الحالي بسلطة أمنية أكبرَ من تلك التي عليها الجهات الأمنية والعسكرية الأخرى التابعة لنظام الأسد.

وكان اسم العميد “لؤي العلي” قد ورد في تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في حزيران 2011 والمعنْوَن تحت اسم “لم نر مثل هذا الرعب من قبلُ”، حيث اتُّهم بالاشتراك في ارتكاب جرائم ضدَّ الإنسانية في درعا، والقيام بعمليات القتل والتعذيب الممنهجة من قِبل قوات الأسد التي اقتحمت درعا، حيث أشرف على كافة العمليات التي قام بها عناصرُ قسم المخابرات العسكرية في درعا.

وإلى جانب عمله الأمني في شعبة الأمن العسكري يحظى “العلي” أيضاً بتواصل وتنسيق مع الاحتلال الإيراني، والذي يحاول ومنذ سنوات إيجادَ أرضية عسكرية له على حدود الجولان السوري المحتل، وهو الأمر الذي حذَّرَ منه الاحتلالُ الإسرائيلي مراراً، واستهدفه بأكثرَ من مرّة بضربات جويّة، قائلاً: إنها لمواقع ميليشيات يدعمها الاحتلال الإيراني.

واعتبرت مصادر محلية أنَّ “العلي شخصيةٌ خطيرة بالنسبة للجنوب السوري، ويعتبر عرابُ المشروعَ الإيراني في السويداء وفي درعا والقنيطرة، ويُتّهم بالوقوف وراءَ عصابات تهريب الحبوب المخدَّرة التي تتوجّهُ وتعبرُ إلى الأردن”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى