روبرت فورد: “أردوغان” يستعدُّ لمزيدٍ من المصارعةِ مع “بوتين” في سوريا

تحدّث السفيرُ الأمريكي السابقُ إلى سوريا، والباحثُ في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، “روبرت فورد، عن التوازناتِ التي تتّبعها تركيا في الحربِ الأوكرانية والعناصرِ الاستراتيجية التي تمتلكها أنقرةُ في هذا السياق.

وذكر “فورد” في مقالٍ نشرته صحيفة “الشرق الأوسط” أنَّ لدى الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” كثيراً من النقّادِ في الولايات المتحدة، لكنَّ توازنَه الحذرَ بشأن أوكرانيا يعطي دروساً حول كيف يمكن للدبلوماسية أنْ تغيّرَ عدمَ الارتياح إلى ميزة سياسية.

ولفت إلى أنَّ الرئيس التركي شخصيتُه صعبةٌ، لكنَّه تجنّبَ تهديدَ أيٍّ من الجانبين في الصراع الأوكراني، مبيّناً أنَّه استعادَ نفوذَه في حلف “الناتو” رغم استمرارِ علاقاته الاقتصادية الوثيقة مع روسيا.

وأضاف، “تجنّب الرئيس أردوغان انتقادَ الرئيس بوتين شخصياً. وتؤكّد أنقرةُ على إيجاد مخرجٍ مشرّفٍ لبوتين من الحرب. وفي الوقت نفسه، لم تعترفْ أنقرة قطُّ بضمِ روسيا لشبه جزيرة القرم، وكان واضحاً جدّاً علانيةً دعمَها لاستقلال أوكرانيا وسيادتها الإقليمية”.

وأشار “فورد” إلى أنَّ العنصرَ الثاني المهمَّ في سياسة تركيا المتوازنة تجاه الحرب الأوكرانية يكمنُ في مساعدتها كلا الجانبين، كما أنَّها تسبّب الألم لكلٍّ منهما أثناء سعيها لتأمين مصلحتِها الخاصة، فقد دمّرت الطائراتُ المسيّرةُ التركية التي بحوزة الجيش الأوكراني كثيراً من القوافل والدبابات الروسية، بالإضافة إلى ذلك، منعتْ الحكومةُ التركية عبورَ السفن الحربية الروسية عبرَ مضيق البوسفور. وبعد غرقِ الطراد “موسكفا”، تحتاج روسيا إلى تعزيزات بحرية لتهدّدَ باجتياح ميناء أوديسا الأوكراني الحيوي. غيرَ أنَّ التصرّفَ التركي يوصد هذا الباب تماماً.

ونوّه إلى أنَّ الخطوات التركية الملموسة عزّزت من وضعِ تركيا مع حلف “الناتو”، حيث اتفقت فرنسا وإيطاليا في قمّةِ الحلف التي عُقدت الشهر الماضي، على إعادة إبرام اتفاقٍ مع تركيا بشأن تصنيع نظامٍ للدفاع الجوي.

كما أرسلت وزارةٌ الخارجية الأميركية برسالة الشهر الماضي، إلى الكونغرس تبرّر فيها بيعَ الولايات المتحدة طائرات «إف – 16» إلى تركيا، وشدّدت الرسالةُ على الاهتمام الأميركي بالعلاقات الدفاعية الأميركية – التركية الجيّدة.

في الأثناء ذاتها، تجنّبت أنقرة فرضَ العقوبات على روسيا، وتساعد وارداتها من الغاز والنفط الروسيين الرئيس بوتين في تمويلِ الحملةِ العسكرية الروسية، كما ترحّب الموانئ التركية بيخوت أصدقاء بوتين من أصحاب المليارات، كما ترحّب المدنُ التركية مثل أنطاليا وإسطنبول بالاستثمارات الروسية، وتعكفُ تركيا الآن على تأسيس نظامٍ جديد للمدفوعات يُستخدم الروبل الروسي لتسوية الصفقاتِ التجارية.

ولفت “فورد” أنَّ لدى تركيا مصلحةً اقتصادية كبيرة، وتبرّر أنقرة موقفَها بغياب متطلّبِ من الأمم المتحدة لفرض العقوبات.

وأوضح السفير الأمريكي السابق أنَّ العنصر الأخير في استراتيجية التوازن التركية هو إبقاءُ قنواتِ الاتصالات مفتوحةً مع جميع الأطراف، مشيراً إلى أنَّ الرئيس التركي سوف يستغلُّ الغيابَ الغربي عن عقدِ اللقاءات مع الرئيس الروسي للحفاظ على الحوار مع موسكو

وتوقع “فورد” أنْ تصبحَ سياسةُ التوازن التركية أكثرَ صعوبة خلال الأسابيع المقبلة، بعدَ تحذيراتٍ الخزانة الأمريكية الدول التي تتجاهل العقوبات الغربية على روسيا من عواقب محتملة، وهذا التحذير موجّهٌ لتركيا والصين، لافتاً إلى أنّه إذا أصبح القتالُ في شرق أوكرانيا أكثرَ حدّةً، فسوف تزداد الضغوطُ الغربية على تركيا لفرض العقوبات.

وفي الوقت نفسه، يمكن لروسيا استغلالُ تجديد الأمم المتحدة المقبل للمساعدات الإنسانية للمدنيين السوريين في إدلب أوائل تموز كأداة ضدَّ تركيا، ويشير الإعلان التركي في 23 نيسان بمنعِ الرحلات الجويّة العسكرية الروسية فوق تركيا إلى سوريا، إلى أنَّ “أردوغان” يستعدُّ لمزيد من المصارعة مع “بوتين” في سوريا، ولكن يمكن للرئيسين التحدّثُ عن ذلك بشكلٍ مباشرٍ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى