سرقةُ مسؤولةٍ أطناناً من السكرِ تفتحُ البابَ على فسادِ حكومةِ نظامِ الأسدِ
تفاعلت قضية فساد مديرة صالة “الشهداء” بالمؤسسة السورية للتجارة التابعة لنظام الأسد, “إلهام كوسا”، بمدينة حمص، بعدً ضبطِ 6 أطنان من السكر في منزلها الخميس الماضي.
ولم يكتفِ المدير العام للمؤسسة التابعة لحكومة نظام الأسد، “أحمد نجم”، بإعفاء “كوسا” وإحالتِها إلى التحقيق والرقابة، بل طاول الإعفاءُ من وصفتهم مصادرُ لموقع “العربي الجديد” بـ”عصابة مؤسسة التجارة” من مدير المنافذ ومدير الصالة، متوقّعةً إعفاءات جديدة اليوم، بعد وصول مدير المؤسسة إلى حمص “للجرد ومتابعة علميات الفساد” لأنَّ الخلل واضح والفساد قديم والمتورّطين كثرٌ.
وبحسب المصادر، فإنَّه من المفترض أنْ يكون الجهاز الإداري بالفرع على اطلاع ومتابعة لما يحدث في الصالات والتدقيق بالإدخالات والإخراجات في الصالات بشكلٍ يومي، فكيف غابت أطنانُ السكر عن جرد فرع المؤسسة ومن يعلم ماذا سيتمُّ اكتشافه بعد السكر، كما تقول المصادر.
وألحق وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحكومة نظام الأسد، “طلال برازي”، أمس الجمعة، قرارات الإعفاء بإنهاء تكليف “عماد ندور” مدير فرع المؤسسة السورية للتجارة بمدينة حمص، وتعيين “محمد أيوب عمران” بدلاً عنه، وتكليف المدير العام للمؤسسة السورية للتجارة “أحمد نجم” بالتوجه إلى محافظة حمص ومتابعة حيثيات وتجاوزات فرع المؤسسة هناك، وخاصة ما يتعلّق بضبط أطنان من السكر في منزل مديرة صالة البيع “واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وإعلام الوزير بمجريات التحقيق”.
وأفادت مصادر من مدينة حمص لـ”العربي الجديد” بأنّ مستوردي السكر وشركاء مدير فرع حمص ومديرة صالة البيع “معروفون”، وبينهم عمُّ زوجة رأس نظام الأسد، “أسماء الأخرس”، لكنَّ التحقيقات ستتوقف عند هؤلاء “الصغار” ولن يجرؤ الوزير وغيره على متابعة القضية أو حتى التطرّق لذكر اسم “فواز الأخرس.
وتساءلت المصادر, “كيف تمّت سرقة السكر من المؤسسة الحكومية الذي يباع بسعر مدعوم، ليباعَ للتجار أو يطرحَ بالتنسيق مع المستوردين بأسعار مضاعفة في الأسواق، وكيف ستبرّرُ حكومة نظام الأسد اليوم تأخير تسليم المواطنين السكر والأرز بالسعر المدعوم وفق توزيع (البطاقة الذكية)؟”.
وتعاني الأسواق في مناطق سيطرة نظام الأسد من نقصٍ حادٍ بالمادة وارتفاع الأسعار، ما أوصل أشهر محال صناعة الحلويات بالعاصمة دمشق إلى التوقّفِ عن العمل، بحسب عضو مجلس اتحاد حرفيي دمشق لصناعة الحلويات “محمد الإمام” أمس، والذي أكّد، خلال تصريحات، توقّفَ منشآت صناعة الحلويات عن العمل، خاصة للأنواع “الإكسترا” كالمبرومة، كول وشكور والآسية، نظراً لارتفاع أسعار المواد الأولية كالفستق الحلبي والجوز والسكر.
ويشير الإمام إلى أنَّ نسبة المبيعات انخفضت إلى أكثر من 70 بالمائة، وأنَّ كلَّ إنتاج دمشق من حلويات “الإكسترا” لا يتجاوز 100-300 كغ، في حين كان الإنتاج اليومي يصل إلى نحو الطن من الحلويات، إذ إنَّ إنتاج الحلويات لم يعدْ له زبائن بعد الانخفاض الكبير في القوة الشرائية.
وحول أسعار السكر الرسمية والفارق بين أسعار السوق، يقول الاقتصادي فارس عبد الله لـ”العربي الجديد” تبيع مؤسسات التجارة التابعة لنظام الأسد مادةَ السكر للسوريين، بسعر 800 ليرة للكيلو غرام الواحد، بعد رفعِ السعر السابق في تموزالعام الماضي والذي كان 350 ليرة.
ويستدرك الاقتصادي السوري أنَّ مخصّصات السوريين من السلع التموينية مدعومةَ السعر لا تكفي للاستهلاك الشهري، لأنَّ وزارة التجارة وعبْرَ شركة تكامل الخاصة، لا تبيعُ للمواطن سوى كيلو سكر واحد شهرياً للشخص “وكيلو أرز و200 غرام شاي”، على ألّا تتجاوزَ الكميات على البطاقة الواحدة، مهما بلغ عددُ أفراد الأسرة المسجلين عليها، 4 كلغ من السكر و 3 كلغ من الرز و1 كلغ من الشاي، مشيراً إلى أنّ شركة تكامل لم تعدْ تبيع السكر المدعوم كلَّ شهر، بل كلًّ شهرين، فضلاً عن عدم تسليم السوريين مخصّصاتهم الشهر الجاري عن الشهرين الفائتين.
ويبيّن “عبد الله” أنَّ سعر كيلو السكر بالأسواق السورية يتراوح بين 2000 و2200 ليرة سورية، لذا تجارة السلع التموينية واحتكارها وسرقتها، كما فعلَ فرعُ حمص للسورية للتجارة، مربحةٌ وتدرُّ ذهباً، بحسب وصف الاقتصادي السوري.
وتفاوتت ردودُ أفعال السوريين على قضية فساد السكر أمس، ففي حين طالب البعضُ بالمحاسبة وملاحقة المتاجرين بقوت الشعب وسرقة مخصّصاتهم، قلّلَ آخرون من أهمية قضية الفساد، معتبرين أنّها جزء صغير مما يجري في سورية الأسد.
وكتب رئيس تحرير مجلة بورصات وأسواق الاقتصادية، أيمن قحف “قال لي رجل حكيم ذات يوم.. واضطر.. لتلطيف العبارة حرصاً على الأخلاقيات العامّة: “كلُّ العالم فاسدون وحقيرون بس أنا ال…