صحيفةٌ عربيةٌ تحاورُ محلّلينَ موالينَ ومعارضينَ لنظامِ الأسدِ بخصوصِ تطبيقِ قانونِ قيصرَ في سوريا
توجّهت صحيفة “اندبندنت عربية” ببعض الأسئلة لموالين ومعارضين لنظام الأسد، للاطلاع على تأثير قانون “قيص” في لعبة السلطة الداخلية لنظام الأسد، وكيف يتحضّر نظام الأسد لمواجهة تداعياته، ومن يستطيع أنْ يسانده في هذا الوقت؟ وهل من الممكن أنْ ينتج من الضغط الدولي، تنازلات أو “تغيير سلوك” من قِبل نظام الأسد، وما هي مقوّمات صموده، إذا ما بقي هناك من مقومات أصلاً، بعد عشر سنوات تقريباً على بدء الحرب؟
ويرى أيمن عبد النور رئيس منظمة “سوريون مسيحيون من أجل السلام”، أنّ “القانون يهدف أولاً إلى حماية المدنيين السوريين، وإقناع النظام أنْ لا حلّ إلا الحل السياسي، لا العسكري. بالتالي فإنّ النظام هو من يجلب العقوبات على نفسه، كونه يرفض تنفيذ شروط “قانون قيصر” ويرفض قرار مجلس الأمن الدولي 2254″.
ويشرح أنّ “العقوبات ستفرض على مناطق النظام والأفراد المتعاونين والذين يخدمون آلته العسكرية من مختلف الجنسيات، من جهة أخرى، سوف يتأثر الكثير من رجال الأعمال العاملين مع النظام، والذي يوجد الكثير منهم حالياً على قائمة العقوبات، كما ستُضاف مجموعة أخرى سواء كانوا من السوريين أو من العرب أو أجانب وربّما من جنسيات إيرانية أو روسية، لا يوجد فارق بين الجنسيات وبين المتعامل أو من يقوم بتبييض الأموال أو توريد المواد أو تقديم الخدمات إلى النظام خلافاً لـ”قانون قيصر”، حيث أنّه ستتم ملاحقتُه ووضعُه على قائمة العقوبات مهما كانت جنسيته، سيشكّل هذا عامل ضغط كبيرٍ، وستصبح هناك صعوبة في تأمين المواد إلى مناطق النظام، وانخفاض في قيمة الليرة السورية وغلاء في أسعار المواد الاستهلاكية، وقد يؤدّي هذا إلى انفكاك وهروب بعض رجال الأعمال المرتبطين بالنظام، بالتالي تصبح هناك شقوق وشروخ، خصوصاً المجموعة المرتبطة برامي مخلوف، والتي بدأت تعيد الكثير من حساباتها، من ناحية تغيير اصطفافها وانسحابها مما كانت تقوم به لصالح النظام”.
وعما إذا كان من الممكن أنْ يقدِم نظامُ الأسد على فكّ ارتباطه بالاحتلال الإيراني، يقول عبد النور، “هناك إجماع دولي أميركي – روسي – تركي – وأوروبي على أنّ طهران يجب أنْ تغادر المنطقة، ويأتي السماح للطائرات الإسرائيلية بضرب المواقع الإيرانية الموجودة في سوريا في هذا السياق. وقد يؤدّي الانسحاب مع ميليشياتها الطائفية إلى إضعاف كبير لدور حزب الله في لبنان، وسيتمّ تشديد العقوبات الاقتصادية والحصار الاقتصادي عليها، وإنهاء دورها في مناطق الإقليم سواء في العراق أو اليمن، وأنْ تعودَ إلى حدودها وتأخذ دورها كدولة طبيعية وليس كدولة متمدّدة تعمل على تصدير مشروعها، وتركب موجة تحرير القدس، هذه الشعارات التي لا تمارس منها أيَّ شيء وتصرف مئات المليارات خارجياً، بينما شعبها منهارُ اقتصادياً، وعملتها منهارة والفقر يزداد انتشاراً في إيران، كلُّ ذلك أدّى إلى اضطرابات، حتى في الداخل، وهي مرشّحة إلى أنْ تحدث فيها ثوراتٌ خلال فترة قريبة”.
وفي المقابل, يقول “شادي أحمد” المحلّل الاقتصادي الموالي لنظام الأسد, إنّ “قانون قيصر” جاء على معطيات غيرِ مثبتة وغيرِ مؤكّدة، ذلك أنّ “الصور الفوتوغرافية التي اعتمد عليها وقيل إنّها من معتقلات نظام الأسد، اعتبرها الكثير من الخبراء محرّفة، أي أنّ بعضها غيرُ موجود على الإطلاق، أو مشغولٌ عليها بطريق الفوتوشوب”.
وأضاف, “أنّه من الواضح أنّ هذا القانون يستهدف الدولة والحكومة السوريتين لا سيما من الناحية الاقتصادية، وهذا القانون الذي حمل اسم حماية المدنيين في سوريا، لا يهدف إلى حماية المدنيين، لأنّه كان هناك تصريح واضح لـ جيمس جيفري من يسمى المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، والذي جاء بعرض للعاصمة دمشق، ويقول العرض (إذا ما تخلت سوريا عن العلاقة مع إيران وحزب الله، فهذا يعني أنّهم جاهزون لرفع هذه العقوبات وإلى دعم الليرة والاقتصاد السوريين)”.
وزعم أحمد أنّ “الأمر ليس مرتبطاً بحماية المدنيين بل بالشروط السياسية التي تتعلّق بالتحالف مع إيران والمقاومة في لبنان، بالتالي فإنّ تأثيرَ (قانون قيصر) قد أكّد للعديد من أفراد الشعب السوري حقيقة القراءة السياسية، التي قدّمتها القيادة السورية، والتي قالت إنّنا في سوريا نتعرّض إلى استهداف ومؤامرة من قِبل الولايات المتحدة، وإذا لم يكن هناك سوريون مقتنعون بهذا الكلام، اقتنعوا الآن، وكأنّ واشنطن تقدم خدمة للسلطة السورية”.
وعن تحضيرات نظام الأسد لمواجهة التداعيات، يقول “إنّ هناك تحضيرات ذات أبعاد سرية وعلنية.
بالنسبة للتحضيرات المعلنة، التوجّه إلى مزيد من إعادة دورة الإنتاج في سوريا على الصعيد الزراعي والصناعي، وتحويل منطقة الغاب (سهل خصب يقع في محافظة حماة في المنطقة الوسطى من سوريا) إلى خزّان ومعمل غذائي، كون هذه المنطقة تمتد على مساحة كبيرة بطول 80 كلم وعرض 15 كلم، أي ثلث أو نصف مساحة هولندا، قد تكون البديل الاحتياطي أو الاستراتيجي، أيضاً دعم منطقة الشيخ نجار الصناعية في حلب والمعامل التي تعرّضت للتخريب، ويعتبرها خطة طموحة قد تؤتى نتائجها قريباً”.
وعمن يستطيع دعم نظام الأسد في هذه الظروف، يقول، “جميع الأصدقاء قادرون على ذلك، ومن يظن أنّ الاستهداف وفق (قانون قيصر) يستهدف الموردين، فإنّ أكثر الدول المؤثرة بالتعامل الاقتصادي مع سوريا هي بالأصل معرّضة للعقوبات، بالأمس وجدنا أنّ إيران قد أرسلت خمس ناقلات نفط إلى فنزويلا، من دون أنْ تتمكّنَ أميركا من عمل أيِّ شيء، وهذا يعني أنّنا نستطيع أنْ نستمرَ بعلاقتنا الاقتصادية مع إيران وروسيا، لا سيما أنّ الشركات الروسية بدأت بتنفيذ المشاريع التي جرى التعاقد عليها، إضافة إلى أنّ الحرب الاقتصادية الكبيرة بين الصين الولايات المتحدة، انعكست على الصالح السوري”.
وعن التنازلات التي من الممكن أنْ يقدّمها نظام الأسد تحت تأثير الضغط الدولي، يتحفظ الأحمد أيضاً على مصطلح “الضغط الدولي”، ويقول إنّ هذا سوف “يزيد من إصرار السلطة السورية على التمسّك بمواقفها، ربّما كان التفاوض والحوار سيؤدّيان إلى تفاهمات، أما الضغط فلن يؤدّيَ إلى نتيجة، باعتبار أنّ سوريا لم تقدّم تنازلات عندما لم تكن تسيطر إلا على 19 في المئة من الأراضي السورية بعد عقوبات عام 2012”.
وعن مقوّمات الصمود يقول، “لا يزال بعضها قائماً بجدارة، مثل الإنتاج الزراعي، صحيح أنّ وضع الليرة السورية يتعرّض لضغوطات داخلية كثيرة، نتيجة المضاربات ونظام سلطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي سرق بحسب التوصيف القانوني العديد من الليرات السورية، وجمعها في مستودعات في مدينة غازي عينتاب ومدينة كيليكس، ولدى قسد، بتوجيه أميركي يقوم أيضاً بالتأثير في سعر صرف الليرة السورية”.
ويقول إنّ “الإنتاج الصناعي بحاجة إلى فترة قليلة من الزمن من أجل أنْ نستطيع تلبية حاجاتنا، فقد استعدنا إنتاج أكثر من 70 في المئة من حاجتنا من الأدوية”. ويضيف أنّه “لا يجب أنْ تكون هناك فجوات بين الوضع الاقتصادي والوضع المعيشي، خصوصاً أنّ هذه الفجوات موجودة، والوضع المعيشي للمواطن السوري ليس بالجيد، ولكن أيضاً من كان يستهدف سوريا كان يأمل بأنْ يكون الوضع أسوأ بكثير مما هو عليه الآن”.