صحيفةٌ غربيةٌ: هكذا حاولتْ بريطانيا تحريضَ العلويينَ ضدَّ الأسدِ

ذكر موقع “ميدل إيست آي”، تقريراً، قال فيه إنّ حركة احتجاج على الإنترنت، تدّعي أنّها حملة شعبية من الطائفة العلوية، هي في الواقع عملية تقف خلفها الحكومة البريطانية، بحسب وثائق رسمية اطّلع عليها الموقع.

وقال موقع “ميدل إيست آي”، إنّ الحملة التي أطلق عليها اسم “صرخة” عبْرَ الفيسبوك، تزعم أنّها بدأت في طرطوس كردِّ على المستوى العالي من الضحايا بين الرجال العلويين الذين يخدمون في قوات الأسد.

وتتضمّن الصفحة على الفيسبوك، منشورات وتقارير حول ملصقات على الجدران في طرطوس، وفيديوهات قصيرة تظهر شباباً يكتبون الشعارات على الجدران.

وأضاف الموقع، أنّ الحملة بعد ذلك توسّعت لتشملَ مدينة اللاذقية وجزيرة أرواد وغيرها من المناطق الساحلية، التي يقطنها أبناء الطائفة العلوية التي ينحدر منها رأس النظام بشار الأسد، كما أنّها حصلت على تأييد من معظم أنحاء البلاد، حيث زاد عددُ المتابعين لصفحة الحملة على الفيسبوك، لتصل إلى أكثر من 100000 إعجابٍ قبل أنْ تتطوّر إلى موقع إنترنت.

وذكر أنّ الوثائق التي اطّلع عليها، تشير إلى أنّ صرخة في الواقع، هي من ابتكار شركة أمريكية تدعى “Pechter Polls of Princeton” في نيوجيرزي، وتعمل بعقدٍ مع الحكومة البريطانية.

ولفت إلى أنّ العقدَ بالبداية كان يُدار من وحدة في وزارة الدفاع البريطانية تسمى (المؤثرات الإستراتيجية العسكرية)، ثم تمّ تحويل المسؤولية عن المشروع لصندوق تابع للحكومة البريطانية يدعى “صندوق الصراع والاستقرار والأمن CSSF”، يهدفُ إلى التعامل مع الصراعات التي تؤثّر على المصالح البريطانية.

وأشار إلى أنّه لم يكنْ واضحاً للعلن دور الحكومة البريطانية بحملة “صرخة”، بينما قامت وسائل الإعلام في الشرق الأوسط بنشر تقاريرَ وصفت الحملة بأنّها “أطلقت من ناشطي المجتمع المدني القلقين من العددِ العالي للضحايا بين العلويين الذين يخدمون في قوات الأسد”.

وأبرزت الحملة الوفيات والإصابات، وقالت إنّ عدداً كبيراً من الشباب العلويين يفرّون من الجيش، بينما يتمّ سجن آخرين في سجون نظام الأسد.

وأضاف الموقع أنّ الرسالة التي تريد الحملة إيصالها للطائفة العلوية، هي أنّها بحاجة لرفض الطائفية، والتعاون مع المسلمين السنةِ وغيرهم من الأقليات الدينية والعرقية في سوريا والقبول بأنّ بشار مع كونهِ علوياً إلا أنّه طاغية.

وتابع، بأنّه تمّ تغييرُ شعار “صرخة” إلى “نفس الألم”، كما أظهر تفحص لصفحة “نفس الألم” على فيسبوك، أنّه تمّ إطلاقها في 15 تموز/ يوليو 2014 مثل “صرخة” والتي تحوّل شعارُها بعد سبعة أيام إلى “ارفعْ صوتَك” وتمّ تغييرُها إلى “نفس الألم” في 25 تشرين أول/ أكتوبر 2017. 

ونقل الموقع عن أحدِ الناشطين المشاركين في الحملة قوله: “هناك مموّل يكافئك ويخطّط لإنهاء المشكلة الطائفية في بلدك ويرفعُ صوت المظلومين وهذا ليس شيئاً سيئاً. أنا واثق من عملي والرسالة التي قمت بها، مهما كان مصدر التمويل”.

ولكنه أضاف: “لا أعتقد أنّنا كنا ناجحين تماماً. عندما انتهت الحملة غادر الشخص الذي كان حلقة الوصل مع العلويين إلى أوروبا”.

وذكر الموقع أنّ بعضَ الصحفيين الذين يعملون مع إعلام نظام الأسد في مدينتي طرطوس واللاذقية الساحليتين، صدموا عندما علموا كيف ابتكرت وموّلت الحملة، حيث وصفها أحدهم بأنّها “مشبوهة وغيرُ واقعية”.

وشكّك كلٌّ من الصحفيين العاملين في المناطق التي تسيطر عليها حكومة الأسد، والمعارضين العلويين في كون الحملة اكتسبت أيَّ شعبية على الأرض.

وقال صحفي في طرطوس: “لم يوجدْ لهذه الحملة أثرٌ أو حضور حقيقي”، فيما أكّد معارض علوي من بلدة جبلة أنّ “سوريا بحاجة ماسّة إلى حملة لإنهاء الولاءات الطائفية”، أما عن صرخة فقال: “لم أسمعْ بها أبداً”، وشكّك في فعالية حملات الإنترنت والتي يهدف منها إثارة مشاعر المعارضة في المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد.

وقال المعارض: “إنّ استخدام العبارات غيرِ المحايدة على أيِّ صفحة ينتج عنه أنّ الناس يخشون التفاعل معها لأسباب أمنية.. هناك الكثير ممن يتّفقون مع الحملة، ولكن لا يستطيعون التعبير عن رأيهم أو حتى التعاطفَ معها”.

ولفت الموقع إلى أنّ الوثائق تظهر أنّ “صرخة” كانت واحدة من خمسة برامج دعاية تشغّلها المملكة المتحدة في سوريا بذات الوقت.

وأشار إلى أنّ دوائر في الحكومة البريطانية، وصفتها بأنّها مبادرات “تواصل إستراتيجية”، بدلاً من برامج دعاية، كما عرفت “صرخة” بين المسؤولين في الاتصالات البريطانية الاستراتيجية بمصطلح “AWBP” أي منصة الإنترنت العلوية.

وكان موقع “ميدل إيست آي” كشف في وقت سابقٍ من هذا العام بأنّه وكجزء من برنامج الدعاية قامت الحكومة البريطانية بإقامة شبكة من المواطنين الصحفيين في أنحاء سوريا خلال السنوات الأولى من الحرب الأهلية فيها، في محاولة لصياغة المفاهيم حول الصراع.

وأضاف الموقع، أنّه في العادة، لم يعرفْ الأشخاص الذين تمّ تشغيلهم بأنّ إدارتهم تتمّ من لندن، وأنّ بعضهم قتل خلال الصراع.

ونوّه إلى أنّ متخصّصاً بالأنثروبولوجيا يعمل في مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية البريطانية في لندن، أعدّ الخطط الأولى لثلاثة برامج من الخمسة على الأقلّ.

ووصف تقييم لفعالية البرامج الخمسة الأساسية، تمّ القيام به لصالح CSSF في تموز/ يوليو 2016، الهدفُ من حملة “صرخة” على أنّه “إيجاد منصّةِ تواصل اجتماعي آمنة للعلويين لمناقشة وتبادل الآراء حول احتياجاتهم، وحياتهم ودورهم المستقبلي في سوريا ما بعد الثورة”.

ولفت موقع ميدل إيست آي، أنّ ميزانية الحملة من CSSF خلال ذلك الوقت كانت 600 ألف جنيه استرليني بحسب ما تظهر الوثائق.

وأضاف أنّ التقييم يشير إلى أنّ “التداعيات الطائفية المحتومة للحرب الأهلية” هي “حقل ألغام سياسي”، ولكن توصلُ إلى أنّ شركة Pechter Polls  كانت ناجحة في اجتياز ذلك “بتحميل المسؤولية للنظام وليس للطائفة العلوية”، بشأن كوارث الصراع.

وأشار إلى أنّ مؤلفي التقرير، قالوا: “بما أنّ التوتر يدور بشكل أساسي حول الانتساب إلى مؤيدي النظام أو معارضيه بدلاً من مكان سكناهم .. حاول محتوى شركة Pechter Polls أنْ يخفف من التوتّر بالتركيز على القواسم المشتركة ويضيّقَ دائرة اللوم إلى صميم النظام”.

وعلى عكس مبادرات الدعاية الأخرى للحكومة البريطانية والتي في العادة اعتمدت على السوريين داخل سوريا للقيام بها، يبدو أنّ “صرخة” تمّ تنفيذُها بشكل كبير من مكاتب شركة Pechter Polls في برنستون، واعتبرت بأنّها لا تشكّل خطراً كبيراً على المشاركين بحسب تقييم CSSF، وفقاً للموقع.

وأوضح الموقع، أنّ التقييم كان لاذعاً تجاه مبادرات الدعاية البريطانية بشكل عام، حيث خلص إلى أنّها  متفكّكة وضعيفة التخطيط وتكلف أرواحاً، كما أنّه توصل إلى أنّ برامج الدعاية شكلت “مخاطرة كبيرة” بخرق القوانين البريطانية.

ولم تسلّطْ الوثيقة التي اطلع “موقع ميدل ايست آي” عليها المزيد من الضوء على هذه تلك المخاطر، ولكنّ قانون الإرهاب لعام 2000 يعرّف “الإرهاب” بأنّه استخدام أو التهديد بأيّ فعل يتضمّن عنفاً خطيراً أو خطراً على الصحة أو تخريبا للممتلكات، إنْ كان الهدف من الفعل هو التأثير على أي حكومة في أيّ مكان في العالم.

وقد عملت شركة Pechter Polls في الشرق الأوسط لعدّة سنوات حيث تقوم بإجراء استطلاعات رأي هاتفية. وقامت بعددٍ من هذه الاستطلاعات في مصر خلال ثورة 2011، فيما طلب موقع “ميدل ايست آي” مكرّراً تعليقاً من الشركة ولكن لم يصلْه أيُّ ردٍّ.

وختم الموقع بأنّ وزارة الخارجية البريطانية رفضتْ التعليق أو الردّ على عدّة أسئلة حول حملتها تمّ توجيهها لها، بما في ذلك سؤال حول المخاطرة بخرْقِ القوانين البريطانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى