صحيفةُ “لوفيغارو”: أطباءٌ سوريونَ في خطِّ المواجهةِ ضدّ كورونا بأوروبا

قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إنّ العديد من الأطباء السوريين الذين عثروا على ملجأ في أوروبا عندَ فرارِهم من الحرب في بلدهم، أصبحوا الآن على خط المواجهة الأمامي في المعركة ضدّ جائحة “كوفيد 19” في بلدانهم المضيفة.

واستعرضت الصحيفة في مقال لـ”ويلسون فاش”، عيّنات من الأطباء السوريين العاملين في بلدان مختلفة من أوروبا، وقالت إنّهم يعرّضون حياتهم للخطر بالعمل في الصفوف الأمامية في مواجهة وباء كورونا.

وبدأ الكاتب مقاله بحكاية الطبيب السوري فادي دالاتي “30 عاماً” الذي قابلته الصحيفة من وراء قناعه ونظاراته وبدلة الجرّاح، وهو على خط المواجهة ضدّ وباء كورونا في مركز مستشفى جامعة “سان بيار” في بروكسل الذي يعتبر المركز المرجعي في بلجيكا للأمراض المعدية.

ويقول فادي إنّ “بلجيكا كانت هناك بالنسبة لي عندما احتجتُ إليها حين وصلت عام 2013، وهي الآن بحاجة إليّ، لذلك أبذل قصارى جُهدي, أشعر اليوم بأنّني بلجيكي.. لا.. أنا بلجيكي”.

وفي مستشفى آخر بالعاصمة بروكسل، قابلت الصحيفة السوري عبود “27 عاماً” الذي يعمل في قسم منتجات التعقيم، وقال لها عن الحجْر الصحي في المنازل والشوارع الفارغة إنّ “هذا يذكّرني بسوريا في زمن الحرب”.

وقالت الصحيفة إنّ هذا الشاب القادم من الرقة “المعقل السابق لتنظيم داعش” فرّ من بلاده في أيلول 2015 عبْرَ تركيا، مروراً باليونان وطريق البلقان، وهو يقول إنّ “السوريين والعديد من اللاجئين الآخرين العاملين في القطاع الطبي في أوروبا يعرّضون حياتهم للخطر”، مضيفاً “لو كنت ناشطاً من أقصى اليمين، لجعلتني هذه الأزمة أعيد النظر في قناعاتي السياسية”.

وفي السياق نفسه، قالت الصحيفة إنّ بعض الأطباء السوريين خاطروا بحياتهم بالفعل في إيطاليا التي كانت الوجهة المفضّلة للسوريين، حيث توفي أربعةٌ منهم منذ بداية الوباء، بينهم طبيب الأورام عبد الستار عيرود المولود في حلب عام 1945.

وقالت كندة ابنة هذا الطبيب الذي كان يدير داراً لرعاية المسنّين بعد تقاعده الرسمي قبل خمس سنوات، إنّ والدها أصيب بالعدوى من أحد مرضاه وتوفي يوم 16 آذار الماضي بسبب المضاعفات. ولعدم وجود موقع في المقبرة المحلية للمسلمين، تمّ دفنه في قرية مونتيشياري على بعدِ أكثرَ من 100 كلم من منزله.

السوري بشار فرحات الذي يعيش في إنجلترا ويعمل في غرفة الطوارئ وسطَ أزمة صحية غير مسبوقة، يقول بدوره “منذ أنْ غادرت سوريا، كنت قلقاً على والديّ اللذين بقيا هناك.. ومن المفارقات، أنهما الآن هما القلقان عليّ”.

ويضيف الشاب الهارب من منطقة إدلب عام 2013 بعدَ أن اعتقله نظام الأسد بسبب صلاته بالمعارضة، إنّه ليس قلقاً على نفسه ولكنْ على بلاده “هذه ليست حربي الأولى”، موضحاً أنّ الأطباء السوريين تعلموا العمل تحت الضغط من تجاربهم داخل سوريا.

وفي الوقت الذي يشهد فيه العالم كارثةً صحية هائلة، وتحتاج فيه الدول إلى كلِّ أطقمها الطبية، يقول بشار فرحات إنّ نظام الرعاية الصحية في سوريا كان على وشك الانهيار قبل الوباء، مبدياً ندمَه لأنّه أجبر على الفرار “مكاني هو سوريا.. أتمنى أنْ أساعد شعبي”.

وتشير الصحيفة إلى خطورة الوضع في سوريا التي لم تعلن رسمياً إلا عن 42 حالة إصابة بكورونا توفي ثلاث منها، مشكّكةً في صحة هذا الرقم، ومعتبرةً أنّه أقلُّ بكثير من العدد الفعلي للمصابين، مما يعني أنّ هذا البلد الذي يمزّقه صراعٌ دامٍ منذ عقد من الزمن يمكن أنْ يشكّل انتشار الوباء فيه عواقب كارثية، لا سيما منطقة إدلب حيث يعيش 3 ملايين مدني محاصرين على الحدود مع تركيا.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ 50% من الأطباء غادروا سوريا بالفعل في العام 2015، وفقاً لمنظمة “أطباء حقوق الإنسان” غيرِ الحكومية، وأنّ ما لا يقلُّ عن 923 مهنياً صحياً استشهدوا بين عامي 2011 و2020، أكثرُ من 90% منهم على أيدي قوات الأسد وحليفِها المحتل الروسي الذين استهدفوا المستشفيات بشكلٍ منهجي في مناطق سيطرة فصائل الثورة السورية.

من جهته، يقول الباحث في شؤون الشرق الأوسط ريان قطيش إنّ مغادرة أيِّ طبيب للبلد أو قتله تخلق فراغاً كارثياً ونقصاً يصعب ملؤه، وستكون له عواقبٌ كبيرةٌ على المدى القصير والمتوسط والبعيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى