صعودُ اليمينِ المتطرّفِ الأوروبيّ يثيرُ قلقَ اللاجئينَ السوريينَ

شهدت السنواتُ الأخيرة، صعوداً كبيراً للأحزاب اليمينية المتطرّفة في أوروبا ومناطق أخرى من العالم، ممن تحمل ملامحَ عنصرية في أدبياتها وبرامجها وسياساتها، وانعكس ذلك على نتائجِ الانتخابات في العديد من الدول الغربية، من السويد شمالاً، حتى إيطالياً جنوباً.

أغلب هذه الأحزاب، اشتركت بتأييدها للديكتاتوريات في المنطقة العربية، وعلى رأسهم بشار الأسد، إضافة إلى معاداتها للاجئين والمهاجرين، ما يطرح تساؤلات حول تأثير وصولها لمواقع القرار، على حال السوريين الموجودين في بلادهم؟

وانعكس وصولٌ الأحزاب اليمينية المتطرّفة على موقف بعض الدول الأوربية التي باتت تطالب بالتطبيع مع نظام الأسد، حيث كشفت صحيفة “فورين بوليسي” قبلَ أيامٍ عن ضغوطٍ تمارسها اليونان وقبرص وإيطاليا والمجر والنمسا وبولندا داخل الاتحاد الأوروبي لتغيير سياساتهم تماشياً مع مصالح النظام.

أدّى صعود الأحزاب اليمينية إلى مخاوفَ لدى عديد من السوريين في أوروبا، خاصةً أنَّها تعادي اللاجئين والمهاجرين، تزامناُ مع دعواتهم لإعادة تعويمِ الأسد، وتبريرِ جرائمه، بل ومباركتها.

وترى هذه الأحزابُ، أنَّ اللاجئين والمهاجرين يشكّلون خطراً على ثقافة المجتمع الأوروبي وهويته، ويزعمون وجودَ تأثيرات سلبية لهم على فرصِ العمل وجودةِ الخدمات الاجتماعية والصحية والمجتمعية، مع الإشارة إلى أنَّ هذه المزاعم، كانت باباً من الأبواب التي دخلوا فيها حملاتِهم الانتخابية، ونجحوا إلى حدٍّ كبيرٍ في الحصول على أصوات الناخبين.

في هذا السياق، يرى المحلّلُ السياسي والباحثُ في العلاقات الدولية محمود الابراهيم، أنَّ “الأحزاب اليمينية في أوروبا مدعومةٌ بشكلٍ مباشر من هيئة أمنِ الدولة الروسية، وهي امتداد لمشروع روسيا في أوروبا”، إضافةً إلى “توجّهات الأحزاب العنصرية في أمريكا، التي تتّفق على مواجهة الإسلام السياسي”.

وأضاف في حديث لموقع “تلفزيون سوريا”، أنَّ اليمين المتطرّف لم يكن فاعلاً في أوروبا قبل العقدين الأخيرين، “ولم تكن هناك تنظيماتٌ واسعة قويّة قادرة على الدخول في الانتخابات والسيطرة على المجال السياسي، لكن بعد غزو العراق بدأت بالظهور والسيطرة على المشهد السياسي الأوروبي”.

ويشير الابراهيم، إلى أنَّه “ما قبل 20 إلى 25 عاماً، كان ظهورُ اليمين غالباً عبرَ أصوات فردية، وتعاني ضعفاً في الأداء، وصعوبةً في الوصول إلى البرلمان، كما تعاني من نبذ مجتمعي، إضافة إلى أنَّ الأحزاب اليمينية كانت تعاني من معاداة من المؤسسات الصهيونية، داخل الاتحاد الأوروبي، لكونها تعادي اليهود بشكلٍ أو بآخر”.

وحول تأثير صعودِ اليمين على واقع اللاجئين السوريين في أوروبا، توقَّع أنْ تصلَ الأحزاب اليمينية إلى السلطة في أوروبا خلال السنوات العشر القادمة، “وقد يكون من سياساتُها طرحَ مشاريعَ لمعالجة مسألة اللاجئين، وتنظيمَ وضعهمِ دون التخلي عنهم، بسبب حاجةِ البلاد إلى اليد العاملة”.

وأضاف، “على المدى المنظور، لن يكونَ لهذه الأحزاب تأثيرٌ حقيقي، لكن على المدى المتوسط، قد يكون هناك نوعٌ من التأثير، مثلِ عرقلةِ الحصول على الجنسيات، أو حيازة حقوق الإقامات”.

وفي إجابة عن تساؤل حول تأثيرات تسلّمِ اليمين للسلطة في أوروبا على الشأن السوري، يقول المحمود، إنَّ “الميليشيات هي التي تحكم في البلاد ونظامَ الأسد غيرُ موجود فعلياً، وبالتالي لا يعول عليه”، مشيراً في هذا السياق، إلى أنَّه “لا يمكن التجاهلُ أنَّ النظام منذ عقودٍ عبارة عن نظام مافيوي، ويعتمد على شبكاتٍ مالية وسياسية وجماعات ضغط سياسية واقتصادية مهمّة في أوروبا ومناطق أخرى من العالم، لتأمين حركته المالية والسياسية، وهذه الجماعاتُ هي من تؤمّن الغطاءَ للأحزاب اليمينية المتطرفة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى