في أقبيةِ نظامِ الأسد، معتقلةٌ سوريةٌ تروي ظروفَ اعتقالِها مع أمِّها القعيدةِ وأختِها لمدّةِ عامينِ (فيديو)

التعذيب النفسي بسجون نظام بشار الأسد لا يقلُّ قسوة عن التعذيب الجسدي، حيث قال سَجّانُو المُعلمة رفيدة زيتون: “سترين طفلك بعد أنْ يصبح شاباً” مؤكّدين لها أنها ستبقى معتقلة لسنوات طويلة.

اعتقلت رفيدة (38 عاماً) بنت مدينة دمشق، عام 2014 لمدّة عامين، لكنّهم أوهموها في السجن أنّها لن تخرج في الأمد القريب، ولن تتمكّن من رؤية ابنها صاحب الـ 6 أعوام إلا وهو شابٌ ما أدّى إلى تحطّمها نفسياً.

بدأت “رفيدة” رواية قصتها للأناضول بالقول: “اعتقلت مع والدتي وأختي عامين، بسبب نشاط أخي، كوسيلة ضغط لتسليم نفسه”، وأضافت “بداية الاعتقال كانت مع إصابة والدتي في قصف للمنزل ليلاً، وحين أخذناها للمشفى في اليوم التالي، وكانت في غيبوبة بالعناية المشدّدة، وأنا مع أختي احتجزنا بغرفة، وكان بسبب اسم العائلة المحسوب على المعارضة”.

وتابعت “رفيدة”: “تأكّدوا أنّ أخي مطلوبٌ، وفي غرفة صغيرة فيها سرير فقط، بقينا 15 يوماً حتى استعادت والدتي وعيها، ولم يُسمح لي برؤيتها، وكنت أذهب مرّة واحدة للحمام”.

ومضت في سرد قصتها: “بعد فترة أحضروا والدتي للغرفة واحتجزونا معاً، والدتي فقدت الحركة بالجزء السفلي من جسدها مع إصابات وعمليات عديدة”.

وزادت: “كلما أسال لماذا نحتجز هنا، يقولون لا شيء سوى أنّ هناك تعليمات بذلك، وبقينا 6 أشهر و20 يوماً في هذه الغرفة، يفتح لنا الحمام مرّة باليوم حسب رغبة السجان”.

وأضافت: “بعدها نقلت لغرفة ثانية بالمستشفى، فيها حمام، وبقيت فيها 4 أشهر، وبعدها حوّلت لفرع الخطيب على أساس اكتفاء المدّة، وأخرج منها”.

وتحدثت “رفيدة” عما حدث معها بعد نقلها قائلة: “في فرع الخطيب, في البداية دخلنا عنبراً جماعياً فيه 40 فتاة، الجميع استغرب كيف تدخل حالة شلل إلى السجن بسبب أخي”.

وتابعت “تركوني 5 أيام دون تحقيق، وبعدها وضعني على الأرض وسألني المحقّق عن معلومات تخصّني، وعيني مربوطة, سألني عن أهلي فرداً فرداً، وعندما يقول فلان إرهابي أقول لا، فيبدأ بالشتم والإهانة وكان يتجنّب ضربي بسبب والدتي المقعدة التي بحاجة لمن يعينها”.

وقالت “رفيدة”: “سألني عن أخي وأنا قلت ليس لي دخل به، وبعد التحقيق دون ضرب، أنزلني وأخرج أختي لمطابقة الحديث، وبقينا في الغرفة الجماعية شهراً، وفي مرّة سمعنا أصوات إحضار لمعتقلين جُدد من بينهم أطفال، فكنا نحاول استراق النظر ونتساءل لماذا اعتقال الأطفال؟”.

واستطردت في حديثها موضحة “قيل لنا إنّ قوات الأسد دخلت على بلدة في الغوطة، وهناك جلبوا النساء والأطفال والرجال ممن لم يتمكّنوا من الهرب، الرجال نقلوهم لقسم الرجال، والنساء والأولاد جلبوهم لهذا العنبر، وأخذوا الأطفال للميتم”.

وتابعت، “فرزوا النساء وعندما جاء السجان قال لي جرى تحويلك لهنا من أجل التبادل فتحولت بذلك إلى أسيرة للمفاوضات”.

وأردفت: ” كنا 19 فتاة، وأغلق علينا الباب ولم يدخل علينا أحد وبقينا هكذا، وكانت هناك مسافة تحت الباب تدخل منها الحشرات والجرذان ويقدم منها الطعام لنا، وبدأت أرجلنا وظهورنا ومفاصلنا تؤلمنا”.

وزادت: “مرّة رفضنا تناول الطعام لمعرفة ما هو مصيرنا، حتى جاء العقيد وفتح باب السجن وقال يجب أنْ تأكلن، فقلنا نريد أنْ نعرف مصيرنا، بدأ يهيننا، وبعدها قال سيدخل الطعام بعد قليل ومن يهون عليه شرفه فليمتنع عن الأكل، هنا خفنا وأكلنا”.

وأضافت “قال لي بالتحديد إن لم تأكلي سأعريكي وأضعك أمام الشباب ما جعلنا نبقى صامتات ننتظر الفرج، وبقينا في الغرفة 8 أشهر”.

وحول ما تعرّضت له من تعذيب، أفادت رفيدة “أنا لم أتعذّب ولكن بقية الفتيات تعرّضن للضرب، والكلام البذيء أصعب من التعذيب، والوضع النفسي أيضاً، كنت أبكي على ولدي، وعندما يشعرون بذلك كان يقولون لا تزعلي عندما يصبح شاباً ستتمكنين من رؤيته”.

وتابعت “كان عمر ولدي 6 سنوات، زُرع في رأسي بأني لن أخرج، فتحطّمت نفسياً، ناهيك عن صوت التعذيب من منتصف الليل حتى الفجر”.

وقالت رفيدة : “كنا نسدّ آذاننا لكي لا نسمع، يومياً الساعة 7 صباحاً يأتي الأطباء لتضميد الشباب المعذبين، وكنا نراهم من شقوق الباب، القمل والجرب يغطيهم، كانت أجسادهم سوداء من الأمراض والتورّم”.

ولفتت إلى أنّ أحد المعتقلين “كان عظام قفصه الصدري خارج جسده من كثرة تعرضه الضرب”، مضيفة، “رأيته بنفسي، وكانت عينه متورمة من شدّة التعذيب”.

وحول ما إذا كانت هناك من تعرّضت للاغتصاب، قالت السيدة السورية “لم يحصل اغتصاب ولكن كان التهديد به موجود دائماً، بعد 8 أشهر حوّلنا إلى سجن عدرا، وبقينا فيه 12 يوماً، أعطونا ثياباً وتحمّمنا وكان الوضع أفضل لأنّه سجن مركزي وفيه زيارات”.

ومضت قائلة “جاء الطلب للعرض أمام قاضٍ بمحكمة الإرهاب، كنا 13 فتاة، منهن أنا ووالدتي وأختي، وكانت والدتي محمولة”.

وعن كيفية خروجها، قالت رفيدة “أخبرت القاضي أنّه لا علاقة لنا بأخي، ومع ذلك أوقفني القاضي 5 أشهر بسجن عدرا، وهناك سمعت صوت أولادي، كان الاتصال مسموحاً، وعرفت أين هم، لكن لم يزرْني أحدٌ لأنّ إخوتي كانوا محاصرين”.

وختمت حديثها بالقول، “بعدها أفرج عني، وبقيت 4 أيام في دمشق وكنت أخاف جداً، وخرجت بعدها مع أولادي إلى إدلب، وأنا حالياً مع أولادي ووالدتي المريضة بإدلب، فيما عاد زوجي لدمشق”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى