كيف تستعدُّ إدلبُ السوريةُ لمواجهةِ فيروس كورونا؟
بينما يخوضُ الرجالُ معركةً دامية من أجل محافظة سورية، تواجُهُ النساءُ خياطة أقنعة لمحاربة التهديد التالي، ومع تسارعِ جائحة فيروس كورونا، تتزايد التحذيراتُ من أنّ مخيمات اللاجئين المترامية الأطراف في محافظة إدلب المحاصرةِ تنذرُ بكارثة.
حيث قامت “إيثار علام” بجولة في مخيمات اللاجئين للتحذير من المرض، لكنّها أدركت أنّ الوعي لم يكن كافياً، قالت “علام”، 34 سنة: “يقول لك الناس، لا يمكنني شراءُ أقنعةَ الوجه أو المطهِّر اليدوي أو القيام بالعزلة، لأنّ جميع أفراد الأسرة يعيشون في خيمة، الخيمة ليست مكانًا مجهّزًا لعزْلٍ كاملٍ عن المرض”.
لذلك أطلقت منظمتُها (مزايا) التي تدير مراكز نسائية في المنطقة مشروعاً لخياطة أقنعةِ الوجه محليةِ الصنع لتوزيعها في خضّمِ الأزمة الإنسانية لإدلب، وهي واحدة من أسوأ المناطق في العالم، وهذا الجيبُ من الأراضي التي يسيطر عليه الثوار في شمال غرب سوريا هو وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة موطنٌ لأكثرَ من 3 ملايين شخصٍ نصفُهم نزحوا من أماكن أخرى في البلاد.
وقد نزح الكثيرُ منهم بشكلٍ متكرّر – ما يصل إلى خمس مرّاتٍ، ويشكّل الأطفالُ نصفَ السكان بحسب منظمة “إنقاذ الطفولة”، ولم يتمّ الإبلاغ عن حالات إصابة بفيروسات تاجية في جيب إدلب، ولكنّ ضعف الناس يعني أنّ الفيروس إذا اندلع من المحتمل أنّ ينتشرَ بين السكان المحليين.
النظام الصحي في حالة خراب، ضعف مراقبة الأمراض، الكثافة السكانية، انخفاض مستويات خدمات الصرف الصحي، ضعف القدرة على الاستجابة والمستويات دونَ المثالية من التأهّب للصحة العامة، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن إدلب في تقريرٍ نُشِر يوم الخميس: إنّ جميع العوامل من المحتمل أنْ تؤدّي إلى انتقال سريع للفيروس في المنطقة، وقالت في مدينة إدلب وتسعى لتسريع المزيد من الشحنات، توقعاً لقيود أو اضطرابات محتملة في تدفّق المساعدات عبْرَ الحدود في الأسابيع المقبلة، قد نكون في وضع خلال غضون بضعة أشهر حيث لدينا تفشٍ في أيدينا.
وقال “ميستي بوسويل” مدير السياسات والدعوة في لجنة الإنقاذ الدولية في الشرق الأوسط: “إنّنا نسعى جاهدين جميعاً للحصول على المزيد من معدّات الحماية، نحن نحاول التحضير وإعادة الجرّ الآن بأفضلَ ما يمكننا لتجنّب ذلك ولكنّ هناك مخاوفَ بشأن القدرة على الوصول إلى الإمدادات العالمية وتحديات إدخالها إلى شمال غرب سوريا في ظلّ القيود المتعلّقة بالتغذية، بالإضافة إلى الحدود الدولية المغلقة والقيود الأخرى على الصحة العامة، حيث تشكّل الحرب الطاحنة في إدلب عقبةً كبيرةً أمام التصدّي لتفشٍ محتملٍ للأمراض”.
ومنذ أوائل آذار استمر وقفُ إطلاق النار إلى حدٍّ كبير بموجب شروط الصفقة التي توسّطت فيها تركيا، والتي تدعم الثوارَ في المنطقة، وروسيا التي تدعم الرئيس بشار الأسد، ولكن نادراً ما يستمرُّ وقفُ إطلاق النار في إدلب ونتيجة للصراع ينحسر عددٌ لا يحصى من الأطفال من سوء التغذية، وتفتقرُ العائلات إلى المرافق الأساسية، وغالباً ما تعيش في خيامٍ رقيقة على عجلٍ على أرض صخرية وعرة.
وقال تقرير الأمم المتحدة إنّه من الصعب منعُ تفشي الأمراض والكشفُ عنها والتصدّي لها والقدرة على عزل الفيروس واختباره وعلاجه وتتبعه محدودةٌ للغاية، بسبب ظروف المعيشة ونقصٍ في الموظفين والمعدِات الطبية في المراكز الصحية، حيث هناك أشخاص يعيشون في ظروف معيشية صعبة للغاية، ولم نتمكّن من المعرفة، قالت “علام” متحدّثةً من إدلب: إنّ العائلات في المخيمات غير الرسمية التي تزورها بشكل منتظم تُترَك إلى حدٍّ كبير، نحن هنا لنجعلك على دراية بالكورونا، عندما لا يكون لديهم أيُّ قدرات لمحاربة هذا المرض.
قالت “نرمين السويد”، التي تعمل مع “إيثار علام” في منظمة (مزايا) التي تدير مشروع قناع الوجه: نحن نعيش في بيئة ومجتمع مختلفٍ عن المجتمعات في جميع أنحاء العالم، لدينا مجتمعٌ من المخيمات غيرِ الرسمية، وهو مجتمع يفتقر بشدّةٍ إلى ضرورات الحياة الأساسية والتدابير الوقائية، لذا نأمل من خلال هذه الخدمة البسيطة أنْ نتمكّن من توفير إجراء جادٍ لمنع انتشار هذا المرض الخطير الذي نقف أمامه عاجزين.
وتعمل مجموعة صغيرة من النساء بسرعة لإنتاج أقنعة للوجه، عادة ما تصنع حوالي 100 قناع يوميًا، قبل أنْ تتوجّه نساء أخريات إلى المخيم لتوزيعهن مجانًا، وانضمت مجموعات محلية أخرى إلى هذا الجهد، والأسبوع المقبل يخطّطون لبدءِ جعل المطهرات المنزلية محلية الصنع من المواد المتاحة في السوق.