ما تأثيرُ إنشاءِ أمريكا قاعدةً بـ”عينِ ديوارٍ” السوريةِ على تركيا؟
بدأت الولاياتُ المتحدة بإنشاء قاعدة عسكرية جديدة، على الحدود التركية العراقية السورية، مما يسهم في الحفاظ على حِراك منظمة “العمال الكردستاني” في المنطقة، ويؤجّج التوتّر بين واشنطن وأنقرة، بحسب ما أكّده مراقبون.
وقالت صحيفة “aydinlik” التركية في تقرير مطول ترجمته “عربي21″، إنّ القواعد الأمريكية الجديدة تمثل تهديداً كبيراً بالنسبة لتركيا، وتحافظ على الخط اللوجيستي بين قنديل وسنجار وسوريا لمنظمة “العمال الكردستاني”.
وأشارت إلى أنَّه مع وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض، تسارعت وتيرةُ شحنات الأسلحة والذخيرة لأعضاء منظمة “العمال الكردستاني” و”حزب الاتحاد الديمقراطي” في شرقي الفرات، وبدأت باتخاذ خطوات مناهضةٍ لتركيا.
ولفتت إلى أنَّ الولايات المتحدة بدأت بإنشاء قاعدة عسكرية في منطقة “عين ديوار” بمحافظة الحسكة شمالَ شرقَ سوريا، والمقابلة لمنطقة “جيزري” في ولاية شرناق التركية (جنوب شرق البلاد)، وكثّفت خلال الأسبوع الماضي حركةَ نقلِ مواد البناء إلى المنطقة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطّلعة، تأكيدَها بدءَ إنشاء الولايات المتحدة لقاعدة عسكرية في عين ديوار، لافتةً إلى أنًّ المنطقة تعتبر مركزَ عبور لوجيستي مركزي.
وأشارت المصادر إلى أنَّ الهدف الرئيس لإنشاء القاعدة الأمريكية في المنطقة القريبة من الحدود التركية، هو منعُ أنقرة من اتخاذ خطوات جديدة ضدَّ منظمة “العمال الكردستاني” في شمال شرق سوريا، كما أنَّها وسيلة لإحكام السيطرة على بوابة “فيش خابور” الحدودية بين العراق وسوريا.
ولفتت إلى أنَّ إنشاء القاعدة العسكرية الأمريكية، جاءت في الوقت الذي تبرز فيه جهود تركيا للسيطرة على معبر أوفاكوي الحدودي وخط (أوفاكوي- تلعفر- الموصل- بغداد) والتي تحاول فتحَه منذ فترةٍ طويلة.
وأكًّد مصدر آخر للصحيفة التركية، أنَّه مع وصول بايدن إلى المنطقة، تزايدت التحرّكات الأمريكية في المنطقة، وهناك تحوّل ملحوظ في الآونة الأخيرة، كما أنَّ هناك حديثاً عن إنشاء القوات الأمريكية لقاعدة عسكرية قرب قنديل على الحدود الإيرانية.
وأضاف أنَّ إنشاء القوات الأمريكية لقاعدتين عسكريتين جديدتين في تلك المناطق، يهدف بالأساس إلى حماية منظمة “العمال الكردستاني” التي ستشكل ضغطاً أيضاً على الإدارات المحلية في شمال العراق، ما يعطيها الفرصةَ لدور أكبرَ في خطة “العراق الجديدة”.
ورأى مراقبون، أنَّه في الوقت الذي تشنُّ فيه الجماعات القريبة من الاحتلال الإيراني وأربيل هجمات، تحاول طهران الضغطً على تركيا من خلال ميليشيا “الحشد الشعبي” في شمال العراق، كما أنَّ الولايات المتحدة ترغب في خروج تركيا من هناك باستخدام منظمة “العمال الكردستاني”.
وأكّد المراقبون على أهمية اختيار منطقة “عين ديوار”، لافتين إلى أنَّها منطقة استراتيجية ومنها يمكن كشف منطقتي جيزري (في شرناق)، ودجلة، كما أنَّها تتحكّم في بوابة “فيش خابور”، وخطِّ “أوفاكوي” الذي تسعى تركيا لفتحِه مع العراق.
ووفقاً للمصادر التي تحدّثت إليها الصحيفة التركية، فإنَّ تنظيم “داعش” زاد من نشاطه مجدّداً في سوريا مؤخّراً، بما يخدم المصالح الأمريكية، مشيرين إلى أنَّ دفْعَ “داعش”للميدان” يضفي الشرعية على ميليشيا “قسد” بذريعة محاربتها.
وقال قادة عسكريون متقاعدون خدموا في المنطقة، إنَّ القاعدة الأمريكية في “عين ديوار” تشكّل تهديداً لتركيا، وتهدف إلى حماية “قسدٍ”، مطالبين تركيا بعدم السماح لتلك الخطوةِ الأمريكية.
ونقلت الصحيفة التركية، عن القائد السابق للجيش الثاني في القوات التركية، “أديب باشر”، قوله إنَّ إنشاء الولايات المتحدة لقاعدة في “عين ديوار” عند تقاطع الحدود مع تركيا وسوريا والعراق، وقرب الحدود، يخلق وضعاً تهديدياً ضدَّ أنقرة في المستقبل.
وشدَّد على ضرورة أنْ تتحرّكَ تركيا، ضدَّ هذه الخطوة الأمريكية، ويجب على وزارتي الخارجية والدفاع اتخاذُ المبادرات والتدابير اللازمة, مشيراً إلى أنَّ الخطوة الأمريكية بإنشاء القاعدة العسكرية لا تتوافق مع القانون الدولي.
وأشار الجنرال التركي المتقاعد “فخري إرينل”، إلى أنَّ النشاط الأمريكي تسارعَ في الآونة الأخيرة على الحدود التركية قرب شرناق، في المناطق التي تخضع لسيطرة “قسد”، كما أنّها زادت من حركتها في الحسكة أيضاً.
وأضاف أنَّ الولايات المتحدة تريد أنْ تكون أكثر نشاطاً في العراق وشمال سوريا، ولذلك قامت بتسريع حركة أنشطتها، على الحدود، في الوقت الذي نشهدُ فيه تحرّكاً مماثلاً للاحتلال الروسي، لا سيما مع حكومة أربيل.
وأشار إلى أن “الولايات المتحدة تريد إجراء استفتاء اسقلال في شمال العراق، والذي لم يدخل حيز التنفيذ بسبب الضغوط على حكومة أربيل، والهدف التالي هو تحقيق المصالحة بين “بشمركة روج آفا” وحزب “العمال الكردستاني”، وإقامة بنية إدارية مثل شمال العراق، من خلال تقوية هذا الكيان الموجود داخل “قسد” والمنظمة الإرهابية”.
وشدد على أن المطلوب من تركيا توسيع عملية “نبع السلام” إلى الغرب، في المنطقة الممتدة ما بين نهر الفرات وكوباني، لضمان أمن الحدود بالكامل.
وأكد أنه على تركيا السيطرة الكاملة على جبل غارا، قبل القيام بعملية عسكرية في سنجار.
وأوضح أنه يمكن لتركيا شن عملية جوية في سنجار، على نمط العمليات الهجومية، من خلال تحديد الأهداف وإنهاء المهام والانسحاب، مستدركاً في الوقت ذاته، بأن ميليشيا “الحشد الشعبي” المدعوم من الاحتلال الإيراني عزز من حراكه في المكان بالتعاون مع منظمة “العمال الكردستاني”.
وشدد على أن الولايات المتحدة لا تريد سيطرة تركيا على منطقة سنجار، لأنها تعد نقطة اتصال رئيسة مع شمال سوريا.