“مجموعةُ التفكير الاستراتيجي”: القضية السورية لا تزال تشكل أحدَ أهمِّ الملفّات الشائكة على المستويين الإقليمي والدولي

أصدرت “مجموعةُ التفكير الاستراتيجي” تقريرها الاستراتيجي السنوي السادس, تناولت خلاله الحالة الجيوستراتيجية للمنطقة العربية بشكل عامٍ خلال العام 2020.

وذكرت المجموعة في مقدّمة تقريرها أنَّ العام 2020 شهد سيلاً من المتغيّرات الجيوسياسية، بسبب جانحة كورونا، وتراجع الاقتصاد العالمي، مشيرةً أنَّ نتائجه السياسية كانت مزيداً من التعقيد في المنطقة العربية.

وأشارت إلى استمرار حالة الوهن والضعف والاحتراب والإنهاك للأطراف المختلفة والإقليمية في المنطقة العربية، ومزيداً من التفكّك وعدم اليقين في توفير مظلّة جيوستراتيجية للمنطقة مما ترکها براحاً خصباً ونهباً للصراع الدولي والإقليمي، وشتاتاً منهوباً بين القوى الإقليمية الأكثرِ فاعليّةً في الحراك الجيوسياسي.

وبيّنت أنَّ موجة التطبيع الإقليمي مع الكيان الصهيوني ازدادت وتيرتها في ظلَّ تراجع الأمن الإستراتيجي للمنطقة العربية، كما تتزايد حالة الانتهاكات لحقوق الإنسان.

وأوضحت المجموعة أنَّ الأشهر الأخيرة من عام 2020، ازدادت وتيرة دبلوماسية الوساطة في الإقليم لمعالجة بعض الملفّات الملتهبة في المنطقة، كما حدث في ليبيا واليمن وسوريا من محاولات للاتجاه نحو الحلِّ السياسي.

وتناولت المجموعة في تقريرها إشارات للتوقّعات المستقبلية للمشهد السياسي في المنطقة العربية والسائرة نحو إنهاك جميع الأطراف المحليّة، والقبول بالوساطات والحلول الوسط، ومزيد من التنازلات في القضايا القومية والجيوستراتيجية، مع تراجع للتنظيمات المتشدّدة.

وأشارت أنَّ المشهد الاقتصادي يبقى مشهداً مؤلماً, راسماً أبعادَه في تمدد ظاهرة الفقر والديون الخارجية وتراجع معدل التنمية بسبب تأثیر جانحة كورونا، بشكل عامٍ على الإنتاج، وانخفاض أسعار النفط وكلفة الاحتراب والتسليح

وفي الملفِّ السوري, ذكرَ التقرير أنَّ القضية السورية شهدت تراجعاً ملحوظاً خلال عام 2020 كأولوية لدى الكثير من دول العالم, وتحديداً الدول الكبرى والفاعلة في الملفِّ السوري، بالرغم من أنَّها لا تزال تشغل حيّزاً مهمّاً ومحورياً على الساحتين الإقليمية والدولية, وارتباطها وتأثيرها على مجمل ملفّات المنطقة والعالم.

وأوضحَ أنَّه وبالرغم من المراوحة التي شهدها الملفُّ السوري على الأصعدة كافة، خاصة السياسية منها والعسكرية، إلا أنَّ هذه القضية لا تزال تشهد الكثير من التطوّرات والمتغيّرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية, سواء على مستوى الداخل السوري بتعقيداته وتأثيراته وتفاعلاته, أو على المستوى الخارجي

واستعرض التقريرُ أهمَّ التطوّرات والمتغيّرات التي شهدتها القضية السورية خلال عام 2020 على الأصعدة كافة، مضيفاً قراءة تحليلية موضوعية لهذه المتغيّرات، داخلياً وخارجياً، على مختلف المستويات.

وخلص التقرير إلى أنَّ القضية السورية لا تزال تشكل أحدَ أهمِّ الملفّات الشائكة على المستويين الإقليمي والدولي، ورغم تراجعِ هذا الملفِّ أو تقدمِّه بما يخصُّ أوليات الدول ومصالحها إلا أنَّه يبقى الملفُّ الأبرز والقاسم المشترك بين مختلف القوى الفاعلة.

وأشار إلى أنَّ القضية السورية هذا العام (2020) شهدت تطوّرات ومتغيّرات أقلَّ بالمقارنة مع السنوات السابقة، حيث تراجعت العمليات العسكرية لتحلَّ محلَّها توافقات سياسية بين القوى الإقليمية والدولية، رغمَ عدمِ اكتمال تلك التوافقات واستمرار تضاربها في هذا الملفِّ أو ذاك.

ونوّه إلى أنَّ العام 2020 يُعدُّ الأقلَّ دمويّةً وصراعاً، ما أفسح المجال لبروز أهمية العمل السياسي بين مختلف الأطراف في سبيل الوصول لحلٍّ سياسي ما يكون انطلاقته من خلال اللجنة الدستورية التي بدأت عملَها منذ العام الماضي ولا تزال اجتماعاتها مستمرّةً خلال هذا العام ومطلع العام القادم رغمَ عدم التوصّلِ إلى أيِّ تفاهمٍ حقيقي بين الأطراف حتى الآن, وبانتظار تطوّرات سياسيّة أو عسكرية بعد وصول بايدن إلى السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي لبدءِ مرحلة جديدة للسياسة الأمريكية في الملفِّ السوري قد تظهر نتائجُه خلال العام القادم على أقلِّ تقديرٍ، ستبقى المأساة السورية مستمرّة حتى الوصول لحلٍّ جدّي برغبة دولية حقيقية لا تزال مفقودةً إلى اليوم.

و”مجموعة التفكير الاستراتيجي” مقرُّها الرئيسي في اسطنبول بتركيا, وتعرّف عن نفسها أنَّها “مظلّةُ جمعية التفكير الاستراتيجي وهي إطار تنسيقي بحثي مستقلٍّ غير ربحي، يتشكّل من مراكز معلومات ودراسات وأبحاث وبيوت خبرة واستشارات في التفكير الاستراتيجي وخبراء ومفكّرين وباحثين، للتنسيق فيما بينها ومع غيرها من الكيانات المشابهة لدعم وتنمية وتطويرِ التفكير الاستراتيجي وتقديم المبادرات وبناءِ الشراكات في مجال اختصاصها.

للاطلاع على التقرير كاملاً عبر الرابط التالي:
https://stgcenter.org/%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1/item/download/300_5504cb6d4d6b20b5e1d2187e4419261a

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى