مركزٌ حقوقيٌّ: لبنانُ مستمرٌّ بالتضييقِ على اللاجئينَ السوريينَ في ظلِّ أزمةِ “كورونا”
أفاد مركز حقوقي بأنّ السلطات اللبنانية لاتزال تضيّق الخناق على اللاجئين السوريين بشكلٍ تمييزي، وذلك في ظلّ حالة التعبئة العامة والطوارئ الصحية لمواجهة انتشار فيروس “كورونا” التي دخلت أسبوعها الخامس على التوالي، ومع تزايد الخطابات التمييزية بحقِّ اللاجئين السوريين من قِبَلِ بعض البلديات اللبنانية، والانتشار الأمني الواسع في المناطق.
وقال مركز “وصول” لحقوق الإنسان إنّه تلقّى عدّة شكاوى وبلاغات حول الممارسات التمييزية أبرزها الحدُّ من حرية التنقّل للاجئين السوريين دون سواهم إثرَ عدم قدرة السلطات اللبنانية السيطرة على بعض البلديات التي تتبع سياسياً لأحزاب مناهضةٍ لتواجدِ اللاجئين السوريين في لبنان.
وسجّل المركزُ خلال الأسبوع الفائت حادثة اعتداء على ثلاثة لاجئين سوريين جرتْ في نطاق بلدية زحلة يوم الخميس الماضي قام بها مجموعة من عناصر الجيش اللبناني، بعد قيام الأخير باعتقالِ اللاجئين الثلاثة وإرغامِهم على الركوب في سيارة عسكرية ثم أخذِهم إلى حاجزٍ مشترك بين الجيش وأمن الدولة في ساحة زحلة المنارة، ليُعرضوا الشبان على إحدى الضباط المسؤولين عن الحاجز للتحقيق معهم بعد تعرّضِهم لإساءة معاملة، إلّا أنّ الضابط قام بإعطاء المجموعة أمر “القيام بالواجب”، ومن هنا، قامت مجموعة عناصر الجيش بالابتعاد بضعة أمتار عن الحاجز المشترك لينهالوا على الشبان اللاجئين بالضربِ المبرّح، ما أدّى إلى إصابتهم بجروح بالغة.
وأشار المركز إلى أنّ الشبان يحملون إقامات سارية، وجميعُهم كانوا قد استحصلوا على ورقة إذن التنقّلِ من البلدية التي تفرض على “السوريين فقط” استخراجها للتنقّل بين المناطق أو مغادرة البلدية، كما أنّ الشبان كانوا ملتزمين بشروط الوقاية التي يتوجب على جميع السكان أخذُها بعينِ الاعتبار كضرورة للسلامة العامة.
كما سجّل “وصول” في إحدى البلديات في منطقة البقاع ممارساتٍ تمييزية من قِبَل البلديات وأجهزة أمنية عدّة ضدّ لاجئين سكان ١٠ مخيمات في منطقة البقاع حيث تمّ إغلاقُ جميعَ الطُرق المؤدّية إلى تجمّع المخيمات العشرة، وترْكُ طريقٍ واحد مفتوح عليه حاجز لقوى الأمن الذي يمنعَ اللاجئين من الخروج من محيط مخيماتهم، إذْ تَحِدّ البلديةُ من حركة تنقّل اللاجئين بشكلٍ قاسٍ ومُهين من دون السماح لهم الخروج لشراء اللوازم الأساسية للمعيشة حتى، وتفرض “عليهم فقط” شرط استحصالهم على أذونات من البلديات التي ليس من السهل الوصول إليها بسبب منعِهم من قِبَلِ حاجزِ قوى الأمن الذي يمنعهم من التحرّك.
إضافة إلى ذلك، فقد سجّل “وصول” في مناطق أخرى تعرّض تسعة مخيمات لمداهمات مستمرّة من دون هدفٍ للأجهزة الأمنية المختلفة التي تفتّش بشكلٍ شبه يومي عن أوراق تسجيلهم في مفوضية اللاجئين وأوراق الإقامة القانونية، ويجرون إحصاء لأفراد المخيم، وما إنْ كان لديهم نقص أو زيادة في عدد الأفراد حتى يقوموا بضرب المسؤولين عن العائلة، علماً أنّ سكان المخيمات ملتزمة التزاما كاملاً في الحَجْر الصحي رغم الصعوبات التي تفرضها البلدياتُ عليهم.
وأصدر مركز “وصول” بياناً تمنّى فيه على الحكومة اللبنانية القيامَ ببعض الإجراءات التي تحدُّ من الممارسات التمييزية بحقّ اللاجئين.
وأدان المركز هذه الاعتداءات واعتبرها انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، وحمّل السلطات اللبنانية كاملَ المسؤولية عن أيِّ اعتداء قد يحصل في ظلِّ أزمة كورونا، مالم يَصدرْ بيانٌ واضحٌ حول منعِ الأجهزة الأمنية والبلديات القيام بأيِّ ممارسات تمييزية بحقِّ اللاجئين.
واستنكر إساءة عناصر من الجيش باستخدام السلطة واستعمال القوة المفرطة وغيرِ القانونية، إذ أنّهم يسيئون إلى سمعة المؤسسة العسكرية التي تقوم بواجباتها، وشدّد على واجبات الجيش اللبناني وجميعِ الأجهزة اللبنانية بضمان حماية جميع المقيمين على الأراضي اللبنانية ومنهم اللاجئون السوريون.
وطالب مركز “وصول” بالتحقيق الفوري واتخاذ الإجراءات اللازمة ضدّ عناصر الأجهزة التي تتعسّف باستخدام سلطتها ضدّ اللاجئين السوريين.
كما استنكر سياسة التدابير التمييزية، وطالب السلطات اللبنانية بالسماح للاجئين السوريين القيام بأعمالهم اليومية والضرورية أسوةً باللبنانيين من دون تقييدٍ وشروط تعجيزية (كاستحصال على إذن البلدية للتجوّل في حين يغيب هذا الشرط عن اللبنانيين).
وأكّد على واجبات السلطات اللبنانية باحترام الدستور اللبناني والقوانيين الدولية التي تكرّس حقَّ التنقّل التي تمنع تقييد هذا الحق على أساس تمييزي بحسب العرق أو الجنسية حتى أثناء حالات الطوارئ.