مسؤولةٌ أمميّةٌ: الفظائعُ والانتهاكاتُ مستمرّةٌ في سوريا حتى الآنَ

أكّدت مفوّضة الأممِ المتحدة السامية لحقوق الإنسان “ميشيل باشليت”، أنَّ الفظائع والانتهاكات لا تزال مستمرّةً في سوريا، مشيرةً إلى أنَّ الحرب في البلاد خلّفت ندوباً لا تُمحى عند الرجال والنساء والأطفال.

جاء ذلك في كلمةٍ للمفوضة الأممية أمام الدورة الخمسين لمجلس حقوقِ الإنسان، ناقشت خلالها تقريرَ مكتبِها عن الوفيات المدنيّة المرتبطةِ بالنزاع في سوريا بين آذار 2011 وآذار 2021.

وقالت “باشليت” إنَّ “الخسائرَ البشرية كانت مدمّرة، وتمَّ التعاملُ مع الأرواح على أنَّها شيء يمكن الاستغناءُ عنه، بينما يكتفي العالمُ بالتفرّج”، مؤكّدةً على أنَّ “المدنيين يتحمّلون أضخمَ الخسائر”.

وذكرت أنَّ التقريرَ أشار إلى وجود 350,209 حالاتِ وفاةٍ موثّقةٍ بشكل عامٍ نتيجةَ الصراع، وهي حصيلةٌ لا تشمل أولئك المدنيين الذين لقوا حتفَهم بسبب نقصِ الرعاية الصحية أو الغذاء والمياه النظيفة، وغيرِها من حقوق الإنسان الأساسية.

وأشار التقريرُ، إلى توثيق 143 ألفاً و350 حالةَ وفاةٍ بشكلٍ فردي، ومن قِبل مصادرَ متعدّدةٍ، مع معلومات مفصّلةٍ، تشمل الاسمَ الكامل للضحية وتاريخَ ومكانَ الوفاة، على أقلِّ تقديرٍ.

أما العددُ المتبقّي من الحصيلة، وهو 163 ألفاً و537 قتيلاً، فقد جرى التوصّلُ إليه باستخدام تقنيات التقديرِ الإحصائي والأنظّمة المتعدّدة لربطِ النقاط، حيث كانت هناك عناصرُ مفقودة من المعلومات، مشيرةً إلى أنَّ هذه التقنيات استُخدمت في حالات النزاع الأخرى، بما في ذلك كوسوفو وغواتيمالا والبوسنة والهرسك وكولومبيا وسري لانكا.

وأوضحت المفوّضةُ الأمميّة أنَّ هذه الأرقام تعني أنَّه بشكلٍ يومي منذ بدءِ القتال في آذار من العام 2011 حتى آذار 2021، قُتِل 83 مدنيّاً، بمن فيهم 9 نساءٍ و18 طفلاً.

ووفقَ تقريرُ مجلس حقوق الإنسان، سُجلت أعلى تقديرات للوفيات المدنيّة في ريف دمشق، 61800 وفاةٍ، وحلب 51563، ودير الزور 38041، وإدلب 36536، وحمص 29983 وفاةً.

وأشار التقرير إلى أنَّ العددَ الأكبرَ من الوفيات الموثَّقة نتج عن استخدام أسلحة متعدّدةٍ، ووقعت في أثناء الاشتباكات والكمائن والمذابح، في حين حدثت حالاتُ وفاة أخرى بسبب الأسلحةِ المتفجّرة الثقيلة والأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة والمتفجّرات المزروعة والأسلحة الكيميائية ومخلّفاتِ الحربِ غيرِ المنفجرةِ.

وأضافت المفوّضةُ الأمميّة أنَّ “عدداً كبيراً من الأفراد توفي← توفّوا????
في الحجز، أو نتيجةً للعنف الجنسي، أو التعذيب، أو بقطعِ الرأس، أو الشنقِ، من بين وسائل أخرى”.

وعن المفقودين السوريين، قالت “باشليت” إنَّ “عملَ المكتب لتوثيق الوفيات في سوريا يمكن أنْ يساهمَ في جهود تحديدِ مصير الأشخاص المفقودين، ولاسيما أولئك الذين فُقِدوا في سياق العمليات العسكرية”.

وجدّدتْ باشليت دعوتَها السابقة لـ “إنشاء آلية مستقلّةٍ ذات أولوية دوليةٍ قوية، لتوضيحِ مصير وأماكنِ وجود الأشخاص المفقودين وتقديمِ الدعم للأقارب”.

وشدّدت المفوّضةُ الأمميّة على أنَّ “الأرقام والمعلومات التي قدّمتها اليوم هي تذكيرٌ مذهلٌ بحجم وقسوةِ الحرب في سوريا، وتظهر أنماطاً مقلقةً، عاماً بعد عام، وتبرز أنَّ هذه الحربَ العبثية لم تنتهِ بعدُ”.

ولفتت باشليت إلى أنَّ “العددَ الهائل للقتلى المدنيين، والموثّقَ والتقديري، يشير إلى فشلِ أطراف النزاع في احترام معاييرِ القانون الإنساني الدولي بشأن حمايةِ المدنيين”.

ودعتْ إلى “إنهاء الأعمال العدائيّةِ ودون تأخيرٍ”، مؤكّدة على أنَّه “حتى ذلك الحين، أدعو جميعَ أطرافِ النزاع إلى التقيّدِ الصارم بالقانون الإنساني الدولي والالتزام بحقوق الإنسان وضمانِ حماية المدنيين المعرّضين للخطر من عملياتِهم العسكرية، بما في ذلك عن طريق تجنّبِ استخدامِ الأسلحة المتفجّرة في المناطق المأهولة بالسكان”.

وحثّت المفوّضةُ الأمميّةُ، نظامَ الأسد على “التعاون مع الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان ومع مكتبِ حقوق الإنسان، تماشياً مع قراري المجلس S-18/1 و19/22″، مشيرةً إلى أنَّ ذلك “يشمل طلبَ إنشاءِ مكتبٍ للمفوضية السامية لحقوق الإنسان في سوريا، مع تفويضٍ بحماية وتعزيزِ حقوق الإنسان ومساهمةٍ في حماية المدنيين وفهمِ أنماط النزاع وتأثيره”.

كما دعت نظامَ الأسد إلى “ضمان الوصول إلى سبلِ الانتصافِ والتعويضاتِ لجميع الضحايا والناجين من الحرب، بما في ذلك ضمانُ المساءلة الفعّالة وآليات العدالة الانتقالية، مع المشاركةِ الهادفة للضحايا”.

وحثّت المفوّضةُ الأممية جميعَ الدول، بدعم من الأمم المتحدة، على “استخدامِ جميع الوسائل المتاحةِ بما في ذلك نفوذها لإنهاء النزاع الآن ودعمِ الانتقالِ الفوري والمستدام إلى السلام”، مؤكّدةً على أنه “يجب على المجتمع الدولي أنْ يتّحدَ، وأنْ يظهرَ مزيداً من الإجراءات الملموسة لإنهاء الفظائع وتحقيقِ العدالة للضحايا والناجين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى