مسؤولٌ تركيٌّ سابقٌ يكشفُ عن خطةِ بلادِه في سوريا التي لم تُطبَّقْ وكانت ستقلبُ الطاولةَ لصالحِ الجيشِ الحرِّ

كشف وزير الخارجية ورئيس الوزراء التركي السابق “داود أوغلو” لأوّل مرّة عن تفاصيل حساسة حول سبب تأخّر الدعم العسكري التركي للثورة السورية، وخاصة بعد التدخل الروسي لصالح نظام الأسد والتدخل الأمريكي لصالح ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية.

حيث اعتبر “داود أوغلو” في لقاء تلفزيوني بثّته قناة “خبر تورك” مساء أمس الخميس، أنّ “تنظيم غولن كان السبب الرئيسي في تأخير التدخل العسكري التركي في سوريا”، معتبراً أنّه “لو لم يكن تنظيم غولن يسيطر على قيادة الجيش التركي، لكان الواقع في سوريا اليوم مختلفاً تماماً عما هو عليه الآن”، لافتاً إلى أنّ تغلغل التنظيم داخل الجيش أعاق تنفيذ قرار الحكومة بالتدخل العسكري المبكِّر في سوريا.

وتحدّث “داود أوغلو” بدرجة أساسية عن بداية الثورة السورية عندما كان يشغل منصب وزير الخارجية قُبيل توليه منصب رئيس الوزراء، وفي محاولة لمواجهة الاتهامات الحادة حول السياسة الخارجية تجاه سوريا في تلك الفترة، اضطر “داود أوغلو” للكشف عن أنه قدّمَ بصفته وزيراً للخارجية توصية بضرورة التدخل العسكري السريع في سوريا، إلا أنّ قيادة الجيش رفضت ذلك.

ولفت “داود أوغلو” إلى أنّه عقبَ انطلاق ثورات الربيع العربي قامت الخارجية والحكومة التركية برسم خط أمني لحماية تركيا من التغيّرات على حدودها الجنوبية، موضّحاً أنّ هذا الخط أبلِغ به رئيس أركان الجيش والاستخبارات، وقال: “رسمنا خطاً على حدودنا الجنوبية، يبدأ من السليمانية (في شمال العراق)، ويمر من جنوب حلب وشمال حمص ويصل حتى اللاذقية وطرطوس”.

وتساءل “داود أوغلو”: “من الذي قدّم أكبر خدمة لدعاية داعش ضدّ تركيا (اتهام تركيا بدعم داعش)؟ عملية تنظيم غولن ضدّ الاستخبارات (توقيف شاحنات للاستخبارات التركية كانت تنقل أسلحة إلى المعارضة السورية)”، عندما يكون هذا القدر من عناصر غولن في الجيش والدولة التركية وفي رئاسة الأركان، ماذا كان يمكنني القيام به كرئيس للوزراء؟”.

وأضاف “أوغلو”: “القوة الخشنة التي طبقت في ليبياً مؤخّراً وبتطابق مع سياسات الحكومة لم يكن بالإمكان تطبيقها في سوريا، تمّ إعاقتها (من قِبل تنظيم غولن)، من أعاق حماية وفرض سيطرة الجيش السوري الحرّ على تلك المناطق (شمال سوريا) ومن أعاق جهود تدريب وتحويل الجيش السوري الحرّ إلى وحدات نظامية هو نفوذ تنظيم غولن داخل الجيش”.

وقال: “في الوقت الذي استخدم فيه السلاح الكيميائي في سوريا لأوّل مرّة ووقفت الإدارة الأمريكية متفرجة، كانت لحظة فارقة في الأزمة السورية، ومن تلك اللحظة حصل شرخ كبير في السياسة المشتركة بين تركيا وأمريكا تجاه سوريا”، مضيفاً: “ما الذي كان يتوجّب القيام به؟ كان يتوجّب على تركيا ومنذ اللحظة الأولى التي دخل فيها تنظيم داعش إلى سوريا أنْ تدعم الجيش السوري الحرّ وتوقفَ داعش تماماً”.

وتابع: “ما قامت به الولايات المتحدة من دعم تنظيم ب ي د (الوحدات الكردية) لو نجحنا في القيام به ودعمنا الجيش السوري الحرّ، ولو استطعنا إحكام السيطرة على حلب والرقة ودير الزور لما كنا وصلنا إلى هذه المرحلة، ولما كنا نتحدث عن هذا الموضوع حالياً”.

واستطرد قائلا: “لو كان بإمكاننا القيام بالمبادرة التي أخذتها روسيا (التدخّل العسكري في سوريا)، لكن لماذا لم نقمْ بهذه الخطوة؟ هذه الخطوة لا تقوم بها وزارة الخارجية، ولكن تحتاج إلى موافقة كافة أركان الدولة”، معتبراً أنّ “رئاسة الأركان والجيش هم المسؤولون عن أمن الحدود، أنا كنت وزيراً للخارجية، أستخدم الوسائل الدبلوماسية فقط، ولست مسؤولاً عن ذلك، لم أكن أدير رئاسة أركان الجيش”.

وختم “داود أوغلو” بالقول: “لم يكن هناك خطٌ دبلوماسي، كان هناك مشكلة داخل الجيش، كان بين يدينا جيش هو نفسه الذي قام بمحاولة انقلاب ضدنا (محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016) وقصف أنقرة وإسطنبول، يجب استخدام القوة الدبلوماسية والعسكرية بانسجام، ولكن لم أكن أنا من يستطيع استخدام القوة العسكرية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى