مطالبُ بتعديلِ الآلياتِ التشريعيّةِ الخاصةِ بالمحاسبةِ على الجرائمِ في سوريا

طالب حقوقيون أمميون بالبحثِ عن قوانين وآليات قضائية أفضلَ لمحاكمة جرائمِ الحرب والجرائم ضدَّ الإنسانية في سوريا.

وقالت كلٌّ من رئيسةِ آلية الأمم المتحدة الدولية والمحايدة والمستقلة الخاصة بسوريا “كاثرين مارشي أوهيل”، ورئيسِ لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة الخاصةِ بسوريا “باولو بينيرو”، والمفوضان في لجنة التحقيقِ التابعة للأمم المتحدة “هاني مجلي ولين ويلشمان”، إنَّه في بعض البلدان، لا يزال هناك عددٌ من الحواجز القانونية التي يجب رفعُها للتمكّنِ من مقاضاة مرتكبي الجرائم الدولية.

وبحسب الحقوقيين، فمن حيث المبدأ، على حكومةِ نظام الأسد محاسبةُ جميعِ مرتكبي الفظائع المرتكبة على أراضيها من خلال تقديمِ المسؤولين عنها أمام محاكمَ مستقلّةٍ، وفقاً لما نقله موقع “عنب بلدي”.

لكنْ عملياً، تسهل الإجراءات التعسّفية من قِبل مخابرات نظام الأسد العامة، والإجراءات غيرِ العادلة من قِبل محكمة “مكافحة الإرهاب” والمحاكمِ العسكرية الاستثنائية المزيد من الانتهاكات والجرائم.

وتوثّق عدّةُ مجموعات حقوقية سورية انتهاكاتِ نظام الأسد ضدَّ حقوق الإنسان، وخروقات القانون الإنساني الدولي في سوريا، كما شكّلت الجمعيةُ العامة للأمم المتحدة في كانون الأول عام 2016، آليةً مُكّلفةً بتحليل وجمعِ أدلّةٍ على الجرائم الخطيرة المرتكبة في سوريا، تكون مناسبةً للاستخدام في أيّ إجراءات قضائية في المستقبل أمام أيّ محكمة قد تكون لها ولايةُ النظر في تلك الجرائم.

لم تساعد المعلوماتُ والبيانات المتوفّرة على إحراز تقدّمٍ في الجهود الدولية نحو تحقيق العدالة على الجرائم الدولية الماضية والحالية داخلَ سوريا، لأنَّها ليست دولةً طرفًا في “المحكمة الجنائيّة الدولية“.

ولذلك، في حال لم تقبلْ حكومةُ نظام الأسد ولايةَ المحكمة للنظر في الجرائم التي ارتكبتها خلال العقدِ الأخير طوعاً، ستضطّرُ المدعيةُ العامة في هذه المحكمة إلى إحالة الوضع في سوريا إليها من قِبل مجلس الأمن، حتى تفتحَ تحقيقاً هناك.

وفي 2014، استخدمت روسيا والصين حقَّ “الفيتو” اعتراضاً على قرارٍ لمجلس الأمن كان من شأنِه منحُ المدعية هذه الولاية، الأمرُ الذي حال دون القيام بأيّ خطواتٍ على طريق ضمان المحاسبةِ الحقيقية لحكومة النظام، في سوريا أو خارجها، ما أسهمَ في وقوع مزيدٍ من الانتهاكات.

تسعى المراكزُ الحقوقية السورية والأوروبية نحو التحقيقِ في تلك الانتهاكات، والملاحقةِ القضائية لمرتكبيها، لإحراز قدرٍ محدودٍ من العدالة، وذلك ضمن محاكم محليّة أوروبية، ذلك في ظلّ تعطّلِ مسار العدالة الدولي لضحايا انتهاكاتِ حقوق الإنسان في سوريا

لكن، وبحسب الحقوقيين الأممين، لم تختر كلُّ دولةٍ الإطارَ القضائي لإجراءِ المحاكمات التي تتطلّب العديدَ من الشروط المحدّدة للقيام بها، بما في ذلك وجود المشتبهِ به على أراضي تلك الدول.

وفي سياقٍ لا يمكن فيه تحقيقُ المحاسبة العادلة والمستقلة في سوريا ومع انسداد طريقِ مجلس الأمن، فإنَّ المحاكم المحليّة الأوروبية، حتى لو كانت محدودة، فإنّها “تقدّم للضحايا طريقاً ضيّقاً للوصول إلى العدالة”.

وللاستفادة الكاملة من سبلِ العدالة المحلية الأوروبية، يجب على الدول التأكّدٌ من أنَّ تشريعاتها وميزانياتها وسياساتها يمكن أنْ تتصدّى لهذا التحدي بشكلٍ كامل.

وطالب الحقوقيون الأمميون بتحسين التشريعات، وتجنّبِ الثغرات التي يمكن للجناة من خلالها الإفلاتُ من العدالة، والتأكّد من أنَّ “الولاية القضائية العالمية” لا تواجه قيوداً إضافيةُ بموجب القانون المحلي.

كما توجد حاجةٌ شديدة لمزيد من الموارد والتعاون بين الدول لضمان محاسبةِ من هم “في متناول اليد”، بالإضافة إلى معالجةِ مسائلِ حصانةِ كبار المسؤولين السوريين للتأكّد من عدم وجود أحدٍ فوق القانون.

وتأتي هذه المطالب بمناسبة إصدارِ المحكمةِ الإقليمية العليا في بلدة كوبلنز، جنوبَ غربي ألمانيا، حكمَها بالإدانةِ ضدَّ الضابط السابق في مخابرات نظام الأسد “أنور رسلان”، والسجنِ المؤبّد غير المشدّد، بتهمٍ ترتبط بجرائم ضدَّ الإنسانية، بما فيها التعذيبُ، وعشراتُ جرائم القتل واعتداءاتٌ تشمل العنفَ الجنسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى