معتقلةٌ سوريةٌ تروي قصصاً مروّعةً عمّا تعرّضت له داخل معتقلاتِ نظامِ الأسدِ من تعـذيبٍ واغتـصابٍ

تحدثت إحدى المعتقلات السوريات السابقات لدى نظام الأسد عن الأساليب الوحشية التي كانت قد تعرّضت لها خلال فترة اعتقالها، وذلك على خلفية تقديمها الرعاية الطبية لعددٍ من جرحى المظاهرات في بداية الثورة.

حيث تم اعتقال مريم (33 عاماً) وهي امرأة متزوجة في أيلول عام 2012، حيث وصلت دورية من الشبيحة في الصباح الباكر، ووضعوها في سيارة مصفّحة كانت تقل 4 شابات أخريات وامرأة عجوزاً.

اقتحم الشبيحة منزلها في مدينة حماة بلا طرقٍ على الأبواب، وهجموا على الغرف باحثين عنها، ومن ثم اقتادوها بلباس المنزل دون حتى أن يسمحوا لها بارتداء الحجاب، ولتبدأ رحلة معاناتها.

وتقول مريم واصفة تلك اللحظات: “تذكرت مشهد اعتقال أخي وكيف كان ينزف بعد ضرب رأسه في السيارة، صرت أفكر في أبنائي الذين تركتهم خلفي وأنا ماضية للمجهول”.

بعد نصف ساعة وصلت “مريم” ومن معها من المختطفات لأحد الأفرع الأمنية التابعة لنظام الأسد، وفوجئت هناك باستقبال كان كافياً كي تدرك هولَ ما هي مُقدِمةٌ عليه.

وتضيف بقولها: “استقبلونا هناك بعبارة جاءت الإرهابيات، ثم دخلنا على شخص يدعى المقدّم سليمان، وكان يأكل الفستق ويبصق علينا، ويتفوه بكلام بذيء بحقّنا”.

ولم تكتمل فصول حفلة الاستقبال، فسرعان ما اقتادت عناصر الفرع المختطفات إلى قبو تحت الأرض بطابقين، وبدأوا بتصويرهن، وأجبروهن على خلع الملابس بحجة التفتيش، وهنا أدركت مريم أنّ أبواب الجحيم قد تفتّحت على مصراعيها، وتقول: “بدأوا بتعذيبنا عن طريق الشبح، وكان يوجد نساء ورجال في غرفة التعذيب”.

كما تذكر السيدة السورية أنّ أحد الرجال المعتقلين بجانبها طلب من المحقّقين أن يتركوها ويعذبوه بدلاً منها، وهنا تعالت قهقهات الجلادين ساخرة، وانهالوا على كليهما بالضرب المبرّح.

تقول مريم إنّها تعرضت خلال اعتقالها إضافة للشبح إلى ضرب شديد بالقضيب المعدني، وفقدت بعض أسنانها جرّاء الضرب المتكرّر على وجهها.

وعن الحوادث التي عايشتها في المعتقل، أفادت أنّها سمعت شاباً كان يتوسّل إلى المحقّق للتوقّف عن ضربه، وبعد قليل سمعت الجلاد وهو يقول للمحقّق لقد مات، فما كان من الأخير إلا أن أمر الجلاد بأن يأخذه ويرميه، وشاب آخر اشتكى الجوع فأخذوه إلى المرحاض وأجبروه على تناول القذارة.

وفي خضم تجربتها المهوّلة يئست مريم من الحياة، ونسيت حتى أولادها، وكان الموتُ مبلغَ أمانيها على البقاء ليوم إضافي في المعتقل.

حيث كان برنامج التعذيب كما تقول مريم: “يوم شبح وثلاثة أيام ضرب، وفي إحدى المرّات كان المحقّق يشرب، وبيده القضيب المعدني فسكب الماء الساخن عليّ، إلا أنّني ومن شدة الخوف لم أشعر به”.

وضعوا المعتقلات الست في الطابق السفلي تحت الأرض في زنزانة مساحتها متر في متر، وكان هناك ضوء أحمر صغير مزعج جدا، وصوت تنقيط المياه يعذبهن، وكان يتمّ اقتيادُ كلّ واحدة منهن على حدة للتحقيق، وتقول: “الأكل كان مرّة باليوم، والذهاب إلى الحمام لقضاء الحاجة مرّة باليوم كذلك، في الوقت الذي يختارونه هم وليس نحن”.

تقول: “أضربت عن الطعام لأربعة أيام فنزل أحد الضباط وسألني عن سبب انقطاعي عن الأكل، فأخبرته أنّي أريد الخروج، فسألني مجدّداً ماذا تريدين أن تأكلي، فأجبته ساخرة كريسبي (دجاج مقرمش)، لم أكد أنهي الكلمة حتى انهالوا عليّ بالضرب”.

وعن حالات الاغتصاب تروي مريم: “بعد الساعة 12 ليلاً كانوا يأخذون الفتيات وكنت منهن، ويتم اغتصابنا، وإحدى صديقاتي فقدت عذريتها، واغتصبوا امرأة كان عمرها 55 سنة”، حيث كانت “مريم” تتضرع للجلادين ألا يغتصبوها من أجل الله والنبي، ولكنهم كانوا يقولون لها ساخرين: “الله ليس موجوداً والنبي في إجازة”.

وأخيرا خرجت “مريم” في صفقة تبادل، معتقدة أنّ أهلها وزوجها يستقبلونها بشوقٍ، ولكن أحضانهم كانت موصدة، وتنكّر لها الأهل والمجتمع، ما جعلها تتمنى لو ماتت داخل أقبية التعذيب ولم ترَ النور مجدّداً، ولدى وصول “مريم” إلى تركيا كانت في حالة نفسية سيئة جداً، وحاولت الانتحار 3 مرات، وبعد ذلك خضعت لعلاج نفسي، وتختم “مريم” قائلةً: “تركيا احتضنتني، عندما تخلّى عني الجميع، ونبذني أهلي ومجتمعي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى