معهدُ واشنطن: حربُ إيرانَ وإسرائيلَ غيرُ المعلنةِ في البحرِ.. ما علاقةُ نظامِ الأسدِ وميليشيا حزبِ اللهِ اللبناني؟

كشفَ معهدُ واشنطن للدراسات عن معلومات جديدة حول التصعيد البحري الأخير بين إسرائيل وإيران، والذي كونه من الجهود الإيرانية لتمويل ميليشيا حزب الله اللبناني، مما يؤكّد الترابط المالي بين ميليشيا حزب الله اللبناني ونظام الخامنئي ونظام الأسد.

ومع ذلك، فإنَّ عملية تهريب النفط التي هي في صلب الأزمة لا تتعلّق بالتهرّب بشكلٍ كبير من العقوبات الإيرانية، بل بتأمين الأموال لميليشيا الحرس الثوري الإيراني ووكلائه في الخارج، وأبرزهم ميليشيا حزب الله اللبناني ونظام الأسد.

وعندما كشفت الإجراءات الأمريكية عن مخطّطات تمويل سابقة مقرُّها العراق، لجأت ميليشيا الحرس الثوري إلى تهريب النفط إلى مناطق أبعدَ كمخطَّط تمويل غيرِ مشروع قائم على التجارة، مما سمح له بتمويل ميليشيا حزب الله وتسليحه مع تحقيق المنفعة أيضاً إلى نظام الأسد في سوريا.

لسنوات، تعترضُ البحرية الإسرائيلية سفنَ شحنٍ تحمل أسلحة لجماعات مسلّحة تدعمها إيران، ومنذ عام 2017 حتى صيف 2020، أفادت بعض التقارير أنَّ إسرائيل نفّذت حوالي 1000 غارة جويّة في سوريا، واستمرت هذه العمليات منذ ذلك الحين، مما أدّى إلى تعقيد جهود ميليشيا الحرس الثوري لإرسال الأموال والأسلحة إلى ميليشيا حزب الله اللبناني عبرَ الرحلات الجويّة من طهران إلى دمشق.

كما وضعت إيران خططاً لتمويل ميليشيا حزب الله عبرَ المصارف والشركات العاملة في العراق، ووفقاً لمسؤولي وزارة الخزانة الأمريكية فإنَّ القيادي اللبناني “محمد قصير” يعتبر بمثابة “قناة أساسية” لإيصال الأموال من ميليشيا فيلق القدس التابعة لميليشيا الحرس الثوري الإيراني وصولاً إلى ميليشيا حزب الله اللبناني، وعند انكشافِ أمرِ القنوات المصرفية العراقية انتقلت تلك القنوات إلى مخطّط تمويل قائم على التجارة يشمل النفطَ الإيراني.

في أيلول 2019، أشار تقرير لوزارة الخزانة الأمريكية إلى أنَّ إيران نقلت نفطاً “بقيمة مئات ملايين الدولارات أو أكثرَ” عبرَ شبكة شحنٍ غيرِ مشروعة خلال العام الذي سبق، وقام كلٌّ من ميليشيا فيلق القدس وميليشيا حزب الله بتوجيه الشبكة، بما يعود بالفائدة على كلا المنظمتين وعلى نظام الأسد أيضاً، وأفادت بعضُ التقارير إنَّ هذه الشبكة هي التي حفّزت حملة التعطيل البحري التي تقوم بها إسرائيل.

في تشرين الثاني 2018، وبعد ستة أشهر من اتخاذ إجراءات ضدَّ “البنك المركزي الإيراني” و”مصرف البلاد الإسلامي” في العراق، كشفت وزارة الخزانة الأمريكية عن مخطّط تمويل إيراني معقّد يشمل “قصير” وعناصر أخرى في حزب الله.

ومن خلال عمل مسؤولي ميليشيا حزب الله مع عملاء إيرانيين وشركات روسية و”مصرف سوريا المركزي”، سهّلوا شحن ملايين البراميل من النفط الإيراني إلى نظام الأسد، وبعد ذلك سهل نظام الأسد تحويل مئات ملايين الدولارات إلى ميليشيا «فيلق القدس» التابعة لميليشيا «الحرس الثوري» الإيراني، والذي بدوره أرسل الأموال إلى ميليشيا «حزب الله» اللبناني، وفي رسالة إلى مسؤول كبيرٍ في “البنك المركزي الإيراني”، أكَّد قصير (يُعرف باسم “السيد فادي” في الوثيقة) وشريك سوري مقرّب استلامهما مبلغ 63 مليون دولار.

ووفقاً لوزارة الخزانة الأمريكية، يرأس “قصير” أيضاً “الوحدة 108” في «حزب الله»، وهي “الوحدة المسؤولة عن تسهيل نقلِ الأسلحة والتكنولوجيا وأنواع الدعم الأخرى من سوريا إلى لبنان، وخلال شباط 2019، ظهر “قصير” كمدوّن ملاحظات في صور ومقاطع فيديو عن الزيارة السريّة التي قام بها رأس النظام “بشار الأسد” إلى طهران لعقد اجتماعات مع الرئيس الإيراني “حسن روحاني” والمرشد الأعلى “علي خامنئي”.

ووفقاً لبعض التقارير، تمَّ اختيار “قصير” بعناية للمشاركة في تلك الزيارة من قِبل قائدِ ميليشيا فيلق القدس “قاسم سليماني” الذي وفقاً لوسائل الإعلام كان دورُه في جهود التهريب مكثّفاً قبلَ مقتلِه العام الماضي، وأدار “سليماني” هذا المخطّط بمساعدة “قصير”، الذي اعتمد بدوره على زمرة من عناصر ميليشيا حزب الله، وكان أحدُ هؤلاء العملاء “محمد قاسم البزال”، الذي استخدم شبكة من الشركات – من بينها “مجموعة تلاقي”، وشركة “حقول البحرية”، و”نغم الحياة” و”توافق” وشركة “ألوميكس” (“ALUMIX”) – من أجل “تمويل وتنسيق وإخفاءِ” شحنات النفط غيرِ المشروعة.

يُذكر أنَّ الجهود البحرية التي قامت بها إسرائيل ليست واسعة النطاق مثل حملتِها الجويّة في سوريا، التي قلّلت بشكل كبيرٍ من قدرة إيران على إرسال أسلحة إلى ميليشيا حزب الله اللبناني برّاً عبر البوكمال، ويبدو أنّ هدف هذه الجهود البحريّة هو إعاقة شحنات النفط الإيراني وليس شلّها، ربما بسبب ضعف ممرات الشحن الإسرائيلية عبرَ بحر العرب.

ومع ذلك، تسبَّبت الإجراءات البحرية الإسرائيلية بتأخيرات حرمت نظام الأسد من واردات البنزين ومنعتْ وصولَ الأموال النقدية، والأسلحة، ومعدّات إنتاج الصواريخ إلى ميليشيا حزب الله اللبناني، وتؤكّد هذه الحوادث أكثرَ من أيِّ شيء آخر، تزايد الاعتماد المالي المتبادل بين التحالف الثلاثي المكوّن من إيران ونظام الأسد وميليشيا حزب الله اللبناني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى