منظماتٌ سوريةٌ تطالبُ بإنشاءِ محكمةٍ لمحاسبةِ مرتكبي مجزرةِ الكيماوي
أطلقت منظماتُ المجتمع المدني السورية ومحامون ومدافعون عن حقوق الإنسان، وروابطُ ومجموعات الضحايا وذووهم، والشهود والناجون والناجيات من الهجمات الكيميائية في سوريا، في بيان مشترك، دعوا من خلاله لإنشاء محكمة استثنائية للأسلحة الكيميائية لمحاسبة الجناةِ على استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا وخارجها.
وقالت المنظمات في بيانها: “تَعَرُّضُنا بشكل مباشر لهذه الأسلحة الفتّاكة، والتي تسبّب آلاماً وأضراراً شديدة وطويلةَ الأمد، وتعامُلنا الدائم مع تبعاتها سواءٌ عند وقوع هذه الهجمات، أو في المحافل الدولية والمحاكم من خلال جهودِ الاستجابة والتوثيق والمناصرة والتقاضي ودعمِ التعافي في الحالات الممكنة”.
وأضافت: “إيماناً منا أنَّ حالة الإفلات من العقاب السّائدة تضعف قوّةَ الاستجابة لجرائم استخدام الأسلحة الكيميائية، وتنهي الحظرَ المطلق لهذه الأسلحة ممّا يزيد من احتمال استخدامِها في المستقبل، ويضعف مكانةَ ومصداقية المؤسسات والمنظمات الدولية المعنيّة بحفظ الأمن والسلام والاستقرار”.
ولفتت إلى وجود حظرٍ دولي تامٍّ لاستخدام الأسلحة الكيميائية مصانٍ في الاتفاقيات والأعراف الدولية، ووقوع انتهاكات متكرّرة لهذه القاعدة العالميّة بطريقة غيرِ مسبوقة في النّزاع السوري، وتكدس الأدلّة الدامغة التي قامت منظّمة حظرِ الأسلحة الكيميائية بجمعِها، والتي تشير إلى مسؤولية السلطات السورية عن تسعِ ضرباتٍ منها، وتنظيم الدولة الإسلامية عن ضربتين.
وتحدّث البيان عن قيام الآلية الدولية المحايدة والمستقلّة التي أنشأها المجتمع الدولي بالبناء على مثل هذه الأدلة دون وجودِ محكمة دولية جنائية تستطيع سماعَها والبتَّ فيها، وعدم قدرة المحكمة الجنائية الدولية البتّ في هذا الانتهاك الصارخ لأنَّ سوريا لم توقّع على قانون إنشاء المحكمة، ولأنَّ محاولة إحالة الملف من قبل مجلس الأمن إلى المحكمة الجنائية الدولية قوبل بالفيتو في عام 2014.
وأوضحت أنَّ قدرةَ الدول ضمن حقوقها السيادية على المحاسبة بشكلٍ جماعي ووجودِ النصوص الدولية ذات الصلة التي تدعم وتشجّع السير بعملية المحاسبة، صرامة القرارات الدولية من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة في سياق محاسبةِ جميع الأفراد والجهات والحكومات على استخدام الأسلحة الكيميائية، وخاصةً قرارات مجلس الأمن ٢١١٨، ٢٢٠٩، ٢٢٣٥، ٢٣١٤، ٢٣١٩ وقرارات الجمعية العامة ١٨٢\٦٨ (٢٠١٣)، ٤١\٧٠ (٢٠١٥)، ٦٩\٧١ (٢٠١٦)، ٤٣\٧٢ (٢٠١٧)، ١٨٢\٧٣ (٢٠١٨)، ٤٠\٧٤ (٢٠١٩)، ١٦٩\٧٤ (٢٠١٩)، ٢٢٨\٧٦ (٢٠٢١)
ولفتت إلى قيامِ المجموعات والأفراد، منذ استخدامِ الأسلحة الكيميائية في الصراع السوري، وبشكلٍ مكثّفٍ في الآونة الأخيرة بعدد من الخطوات، منها المناصرة تجاه محاسبةِ جميع الأفراد أو الجهات المتورّطة باستخدام الأسلحة الكيمائية.
وأوضحت المنظمات أنَّه رغمَ الصعوبات القانونية والإدارية والنفسية التي يعانيها ضحايا الهجمات الكيماوية، إلا أنَّ جهوداً مكثفةً من قبلنا بُذلت في مجال التقاضي والمحاسبة أمام المحاكم المحلية في الدول التي وصل لها اللاجئون السوريون، ومن بينهم من نجا من الهجمات الكيماوية، بالاستعانة بمبدأ الولايةِ القضائية العالمية، أو غيرها من القوانين المحلية التي تدعم مكافحةَ الإفلات من العقاب في جرائم الحرب والجرائم ضدَّ الإنسانية.
وذكرت أنَّ منها الهجماتِ بالأسلحة الكيماوية، والتي أفضت في واحدة منها إلى صدور مذكّرات توقيف بحقّ الرئيس السوري بشار الأسد وشقيقه ماهر وضابطين آخرين، أمام المحاكم الفرنسية، ما يعدّ سابقةً قضائية تاريخية تستحقُّ الإشادة بجهود وشجاعة الضحايا والشهود.
وعملت المنظماتُ على إجراء مشاوراتٍ مكثّفة على مستوى خبراء قانونيين وممثلي حكومات على المستوى التقني والسياسي عالي المستوى، ومؤسسات دولية معنيّة حول هذا المقترح للتأكد من وجود أساسٍ قانوني وسياساتي داعمٍ له.