وثيقةٌ فرنسيةٌ تقترحُ رفضَ انتخاباتٍ رئاسيّةٍ “صوريّةٍ” في سوريا

بدأت دولٌ أوروبيّة تحرّكاً لإقرار وثيقة قدّمتها فرنسا باسم مجموعة ذات تفكير متشابه، تقترح رفضَ “أيِّ انتخابات رئاسية سورية لا تحصل بموجب القرار الدولي (2254)”، وقطعَ الطريق على “التطبيع” مع نظام الأسد بعد الانتخابات الرئاسية المقرّرة في نهاية أيار المقبل

وبدأ ممثلو الدول الأوروبية اجتماعات لإقرار مسوّدةٍ لـ”الورقة الفرنسية”، واتخاذِ موقف موحَّدٍ من الانتخابات الرئاسية، بناءً على مسودة سابقة كانت تتناول الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

وحسب المسودة التي حصلت “الشرق الأوسط” على نصِّها، فإنَّها ترمي إلى “منحِ وساطة الأمم المتحدة المتوقِّفة منذ 3 سنوات بشأن الدستور زخماً سياسياً جديداً يساهم في معاودة ربطِ العملية السياسية بالشعب السوري، داخل وخارج البلاد، مع مواجهة القيادة الروسية بشأن العملية السياسية”، إضافةً إلى “معارضة محاولات نظام الأسد وحلفائه إعلانَ نهاية الأزمة، من خلال إجراء انتخابات صورية مزيَّفة في عام 2021 الحالي، من دون الالتزام بتنفيذ العملية السياسية المستندة إلى القرار (2254)، أو التعامل المباشر مع الأسباب العميقة للأزمة الراهنة”.

وأضافت الورقة, “من شأن الانتخابات الرئاسية السورية المقبلة لعام 2021 أنْ تنعقدَ بموجب الأحكام الدستورية والقوانين المعمول بها راهناً، تحت مظلَّة وسيطرة نظام الأسد الحاكم منفرداً، وستُستغل هذه الانتخابات من جانب النظام الحاكم ومؤيّديه للإعلان من جانب واحد عن نهاية الأزمة السورية، من دون الالتزام بأيِّ شيء يتّفق مع تطّلعات الشعب، ومن شأن هذه الانتخابات أنْ تشكِّل حاجزَ ردعٍ كبيرٍ في وجوه اللاجئين”.

وأشارت إلى أنَّ “الدول الأوروبية التي كابدت التبعات المباشرة والدائمة للأزمة السورية المستمرَّة، أمنيّاً وبالهجرة، لديها مصلحة كبيرة في الحيلولة دون انحراف العملية السياسية عن مسارها الصحيح بواسطة الانتخابات الرئاسية الصورية”، مؤكِّدةً أنَّ “إجراء الانتخابات الحرَّة النزيهة ذات الاتساق التام مع القرار (2254) هو ما يساهم بصورة حقيقية فاعلة في تسوية الأزمة، وليس تفاقهما. ومن الواضح أنَّ مثل هذه الانتخابات لن تتمَّ في المنظور قصير المدى”.

وعليه، فإنَّ الورقة اقترحت خطة عملٍ مشتركة للدول الأعضاء للتعاطي مع الانتخابات تتضمّن خطوات، بينها “الإيضاح عبْرَ رسالتنا العامة أنَّ الانتخابات التي تُعقد بمنأى عن القرار (2254) لا يمكن الاعتدادُ بها بصفتها مساهمةً فاعلةً في حلِّ الأزمة السورية، وإنَّما من شأنها العمل على تقويض فرصِ التوصّل إلى تسوية سياسية حقيقية مستديمة للنزاع السوري”، و”دعوةُ المبعوث الأممي إلى طرح السلة الانتخابية ضمن العملية السياسية، مع الإشارة بوضوح إلى أنَّه لا يمكن التوصّل إلى حلٍّ سياسي يتّسق مع القرار (2254) من دون إجراء انتخابات رئاسية حرَّة نزيهة، مع عدم ادخار الجهود لتمهيد الأجواء المناسبة لعقد هذه الانتخابات بمجرد انتهاء اللجنة الدستورية السورية من أعمالها».

واقترحت الورقة من حيث المبدأ، 4 خطوات عمل، هي, “أولاً، ضماناتٌ لمشاركة اللاجئين من الخارج والنازحين في الداخل في عملية الاقتراع. ثانياً، تنفيذُ خطوات بناءِ الثقة، وإيجادُ البيئة الآمنة المحايدة. ثالثاً، تهيئةُ الظروف القانونية والعملية لإجراء الاقتراع التعددي. رابعاً، إشرافُ منظمة الأمم المتحدة على الانتخابات، وضمان أقصى درجات الحياد”.

ومن المقرّر أنْ تقوم الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي بإقرار عناصر من هذه الورقة في بيان أوروبي في الذكرى العاشرة للاحتجاجات في 15 الشهر الحالي، إضافة إلى “رفعِ مستوى النفوذ في الأمم المتحدة، وتعزيزِ الحيازة العربية لمسار الانتخابات السورية، بصفتها ركناً ركيناً في جهود تسوية الأزمة السورية”.

كما ستعرض على الدول المجاورة لسوريا لـ”إدماج إسهاماتها، بصفتها أطرافاً فاعلة رئيسية في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مع تشجيع وتيسير مشاركتهم فيها، بالتعاون مع المبعوث الأممي الخاص بالأزمة السورية في أعمال التحضير لإجراء التصويت خارج البلاد”، إضافة إلى “حشد المغتربين السوريين والمجتمعِ المدني وقوى المعارضة السورية، من أجل مساعدتها على الإعراب الواضح عن مطالبها بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة ضمن مجريات العملية السياسية”.

وفي مقابل هذا الموقف من الانتخابات المقبلة في أيار، تقترح الوثيقةُ الشروعَ مع الأمم المتحدة “في الأعمال التحضيرية للانتخابات المستقبلية بما يتّسق مع القرار (2254)، لا سيما من خلال التواصل مع المغتربين السوريين، وبما يتّفق مع أحكام التصويت الانتخابي خارج البلاد التي لا تتطلب الحصول على موافقة رسمية من نظام الأسد, ويستلزم هذا الأمرُ التوضيحَ للمواطنين السوريين أنَّ تلك الأعمال التحضيرية لا تهدف إلى السماح لهم بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة لعام 2021”.

وبالتالي، فإنَّه استعداداً للانتخابات المقبولة غربياً، يجب أنْ تتضمَّن 4 معايير، هي, “الضمانات الصارمة التي تؤكّد ضرورةَ مشاركة اللاجئين والنازحين السوريين، وخطوات بناء الثقة على أرض الواقع بُغيةَ خلق البيئة الآمنة المحايدة للناخبين، وتهيئة الظروف القانونية والعملية لإجراء الاقتراع التعددي، وإشراف منظمة الأمم المتحدة على الانتخابات مع ضمان أقصى درجات الحياد في أثناء العملية الانتخابية”.

وقد اقترحت الورقة, دعوة المبعوث الأممي لـ”بدء الأعمال التحضيرية المكثّفة اللازمة لتنظيم التصويت الانتخابي خارج البلاد، وذلك بما يتّسق مع القرار (2254)، مع المواطنين السوريين كافة، بمن فيهم المغتربين”.

وقالت, “هذا الأمر لا يستلزم التفاعلَ المباشر مع نظام الأسد، ولا ضرورة للحصول على موافقته المسبقة”.

وكان بيدرسون قد رفضَ الانخراط في الإعداد للانتخابات، قائلاً إنَّ مهمّته بموجب القرار (2254) لا تتعلّق بأيِّ انتخابات لا تجري بموجب مضمون القرار الدولي.

ويخطّط نظامُ الأسد لإجراء انتخابات رئاسية، بموجب الدستور الحالي لعام 2012، حيث يتوقّع أنْ يفوز بها رأس النظام “بشار الأسد”, ويدعم الاحتلالان الروسي والإيراني هذا التوجّه، مع جهود روسية كي تكون “الانتخابات نقطة انعطاف وطيِّ صفحة” السنوات العشر الماضية، عبْرَ بدءِ دول عربية وأوروبية عملية تطبيع دبلوماسي وسياسي مع نظام الأسد، وإرسال أموال لدعم الإعمار في سوريا، والاعتراف بـ«شرعية الانتخابات».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى