شروطٌ متبادلةٌ تغلقُ بابَ التطبيعِ بينَ تركيا ونظامِ الأسدِ
لايزال مسارُ تطبيع العلاقات بين تركيا ونظام الأسد يراوح مكانَه منذ أشهر، رغمَ الحديث عن وساطة روسية في وقتٍ سابق، وإمكانية عقدِ لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورأس النظام.
ويعكس موقفُ نظام الأسد المتكرر تجاه تركيا رفضَه المضي في مسار التطبيع، دون انسحاب تركي من الأراضي السورية، والتي تقول أنقرة إنَّه جاء لحماية أمنها القومي، ومحاربة “القوى الإنفصالية”، ومنعِ تدفّق المزيد من اللاجئين السوريين.
ويرى الباحث في مركز جسور للدراسات وائل علوان، أنَّ فرصَ التطبيع بين تركيا ونظام الأسد “كانت ضعيفة جداً، لأنَّ هناك الكثيرَ من نقاط الضعف والكثير من التهديدات والتحديات، في مقابل الكثير من الفرص ونقاط القوة”.
وأضاف علوان لموقع العربي الجديد أنَّ هناك مصالحَ تحتاجها تركيا من نظام الأسد، ومن الصعب جداً، ومن غير المتوقع أنْ يستجيبَ لها النظام، أهمُّها ما يتعلّق بعودة اللاجئين، والأمن القومي التركي، والمشاركة الفعلية في محاربة تنظيم حزب العمال الكردستاني (PKK) وأذرعه في شمال شرقي سوريا.
وتابع الباحث، “في المقابل خضعَ نظام الأسد لضغوط روسية، رغمَ أنَّه كان يروّج دائماً، عبرَ إعلامه، أنَّ تركيا هي جزءٌ من المؤامرة الكونية على نظامه، وهو ما أجبرَه على الدخول في المفاوضات لمصلحة روسية”، مبيّناً أنَّ موسكو ترغب باستثمار رغبة أنقرة في التطبيع مع النظام من أجل تسويق تعويمه على المستوى العربي والإقليمي، لأنَّ روسيا تحتاج هذا الهامش من أجل أنْ تسوّقَ ذلك لمن يستطيع أنْ يقدّمَ الدعمَ المالي للنظام من الدول العربية.
ويرى علوان أنَّ روسيا لا تنتظر فعلياً أنْ تطبّع أنقرة علاقاتها مع نظام الأسد، لأنَّها لن تقدَم أيّ دعم مالي أو اقتصادي ينقذ النظام من أزماته المستمرّة التي تهدّد وجودَه.
واعتبر أنَّ موسكو حصلت على هذا الأمر جزئياً، لكن في الوقت ذاته لن يفيدَ هذا الأمرُ لا روسيا ولا نظام الأسد، لأنَّ النظامَ بسلوكه كفيلٌ بأنْ يعطّلَ كلَّ مسارات الحل، سواء مع تركيا أو مع الدول العربية.
من جانبه، يرى الباحث السياسي السوري درويش خليفة أنَّ الدورَ الإيراني كان أكثرَ تأثيراً على نظام الأسد من الدور الروسي، وعائقاً أمام تقدّم العلاقات التركية مع النظام، لأنّ طهران “تريد من جميع القوى الموجودة على الجغرافية السورية أو حتى القوى المحلية المناهضة لمصالحها الخروجَ من سوريا، لتتفرّدَ هي بإدارة النظام وتوجيهه”.
ووفقاً للباحث فإنَّ نظام الأسد غيرُ مستعجل للتطبيع مع تركيا، لأنَّه “يعلم أنَّ أنقرة ليس لديها شيء لتقدمه، خاصةً أنَّ الأسد الآن يركز على التطبيع مع دول الخليج العربي، لإدراكه أنَّ تركيا لن تقدّمَ شيئاً من استثمارات وإعادة إعمار، بسبب العقوبات الأميركية والغربية وقانون قيصر”.
واستبعد خليفة أنْ تتمَّ عمليةُ التطبيع بين أنقرة ونظام الأسد في “أمد قريب أو حتى متوسط”، لأنَّه لا مصلحة للنظام أو تركيا من هذا التطبيع، كما أنَّ أنقرة “لديها أوراق قوية في الملف السوري، وليست مستعدّةً من جانبها لأن تنفّذ مطالبَ النظام بالانسحاب”.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان قد صرّح يوم الثلاثاء بأنَّ نظامَ الأسد “لا يتبنّى نهجاً إيجابياً تجاه تطبيع العلاقات” مع بلاده، مضيفاً أنَّ تطبيع العلاقات “ممكنٌ إذا تحقّق تقدمٌ في مجال مكافحة الإرهاب، وكذا بشأن العودة الآمنة والطوعية للاجئين، إضافةً إلى المسار السياسي”.
وشدّد أردوغان على ضرورة أنْ يتحرّكَ نظام الأسد وفقَ الحقائقِ على الأرض، وأكّد على أهمية أنْ “يبتعدَ عن التصرفات التي تلحق الضرّر بهذا المسار”، لافتاً إلى أنَّ “الأسدَ يتابع من بعيد الخطواتِ المتّخذة ضمن الصيغة التركية الروسية الإيرانية السورية”.
كما قال وزير خارجية نظام الأسد، فيصل المقداد، إنَّ “الاحتلالَ التركي في شمال سوريا سينتهي، وتركيا تعلم أنَّ انسحابَها هو السبيل الوحيد لإعادة العلاقات بين البلدين إلى ما كانت عليه”.