أعضاءُ في مجلسِ الأمنِ: خيبةُ أملٍ بسببِ عدمِ التوافقِ على تمديدِ عملِ آليةِ إيصالِ المساعداتِ الإنسانيةِ إلى سوريا
فشل مجلس الأمن، أمس الجمعة، في تبنّي مشروعي قرارين متنافسين يهدفان إلى السماح بتسليم المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، وكانت المسودة الأولى التي اقترحتها ألمانيا وبلجيكا والكويت قد حصلت على 13 صوتاً مؤيّداً لكنّ الاحتلال الروسي والصين اعترضتا عليها، كان من شأن المسودة أنْ تجيزَ استخدام ثلاثة من المعابر الحدودية الأربعة المكلّفة حالياً بالعمليات الإنسانية عبر الحدود.
والمسودة الثانية التي اقترحها الاحتلال الروسي لم يتمّ اعتمادُها لأنّها لم تحصل على أصوات كافية مؤيدة، حيث حصلت على خمسة أصوات مؤيدة “روسيا والصين وجنوب أفريقيا وغينيا الإستوائية وكوت ديفوار”، فيما صوّتت ضدّه ست دول هي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وبلجيكا وبولندا وبيرو – وامتناع أربعة عن التصويت هي ألمانيا والكويت، إندونيسيا، وجمهورية الدومينيكان.
وعقب انتهاء جلسة المجلس بشأن سوريا، أصدرت كلٌّ من “الكويت وألمانيا وبلجيكا” بياناً مشتركاً. تلاه مندوب ألمانيا لدى الأمم المتحدة، “كريستوف هويسغن” قائلاً “يوجد أكثرُ من أربعة ملايين شخص بحاجة إلى مساعدات عبر الحدود في سوريا، واليوم مجلس الأمن خذلهم، هذا يوم حزين للشعب السوري”.
وبعد مناقشات ومفاوضات حثيثة وشفّافة خلال الأسابيع الماضية للتوصل إلى حلٍّّ يرضي الجميع ويسمح باستئناف إيصال المساعدات عبر الحدود بعد أنْ ينتهيَ مفعولها في 10 كانون ثاني، قال “هويسغن” إنّه خلال المفاوضات “تمّ الأخذ بعين الاعتبار اختلاف الآراء والتوصّل إلى حلٍّ متوازن، ومقترحُنا غيرُ مبنيٍّ على السياسة، ولكنْ على الاحتياجات الإنسانية الحقيقية للشعب السوري، وقد قادت جهودنا أولويات الأمم المتحدة للعمل الإنساني.”
وشدّد المندوب الألماني على أنّ السعي لإيجاد الحلّ سيستمر، ودعا جميع أعضاء المجلس للتمسّك بمسؤولياتهم واتخاذ الإجراءات اللازمة، وأضاف يقول “إنّ الشعب السوري يعوّل علينا”.
بدورها، قالت السيدة “كيلي كرافت”، مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ورئيسة مجلس الأمن لهذا الشهر، “إنّنا نشعر بخيبة أمل عميقة وكبيرة بسبب نتائج اجتماعات اليوم، وبإمكاني أنْ أعدكم أنّ المجلس سيواصل العمل كلَّ يومٍ وخلال أيام العطلة وصولاً إلى 10 كانون ثاني للتوصّل إلى قرار يساعد الشعب السوري المحتاج”.
وأكّدت مندوبة بريطانيا لدى الأمم المتحدة، “كارين بيرس”، أنّه حتى ذلك التاريخ يمكن التوصّل إلى حلٍّ إذا وجدت إرادة لدى الجميع لفعلِ ذلك, وأضافت “لا أعتقد أنّنا سنقوم بذلك في اجتماعات رسمية لمجلس الأمن، ولكنّنا سنسعى إلى ذلك بين بعضنا البعض وبشكلٍ غيرِ رسمي على أمل الوصول إلى تسوية منطقية وفعّالة لإتاحة إيصال المساعدات إلى المناطق التي تحتاج إليها.”
وشدّدت “بيرس” على أنّ مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) هو من يطلب تمديد الولاية، “ومن واجبنا إتاحة المجال لهم للقيام بعملهم، أما عملنا ودور المجلس فلا يتمثّل في اعتراض ما تحتاج أوتشا إلى فعله”.
وكانت كلٌّ من الكويت وبلجيكا وألمانيا قد قدموا نصاً توافقياً ثانياً خلال يومين لتمديد المساعدات المقدّمة عبر الحدود للشعب السوري، وجرى تعديلُه بعد مناقشات ومفاوضات حثيثة لإرضاء الاحتلال الروسي التي اعترضت على الصيغة الأولى بشدّة، وينصّ القرار المعدّل على أنّ يمدّد لفترة سنة العمل بالآلية المعتمَدة منذ 2014 لإيصال المساعدات الإنسانية الدولية لنحو أربعة ملايين سوري عبر الحدود.
وتُنقل المساعدات حالياً عبر أربع نقاط حدودية: اثنتان على الحدود التركية وواحدة عبر الأردن وأخرى من منفذٍ مع العراق. وجرى السعي في بداية الأمر إلى زيادة عدد هذه المعابر من أربعة إلى خمسة من خلال استحداث نقطة حدودية جديدة عبر تركيا، الأمر الذي رفضه الاحتلال الروسي بشدّة، مطالباً بالمقابل بخفض عددِ المعابر إلى اثنين وبخفض مدّة التمديد إلى ستة أشهر بدلاً من عام, ومن ثمّ نصّ مشروع القرار المعدّل على خفض عددِ المعابر إلى ثلاثة (اثنان عبر تركيا وواحد عن طريق العراق) أي إلغاء معبر الرمثا الحدودي مع الأردن.