أبشعُ مجازرِ العصرِ الحديثِ… مئاتُ الشهداءِ قضَوا والعالمُ يكتفي بالمراقبةِ والإدانةِ

استرجع السوريون مؤخّراً ذكرى مجزرة مروّعة لقوات الأسد في مدينة “داريا” غربي دمشق، والتي راح ضحيتها مئات المدنيين ضِمن حملة إبادةٍ ممنهجةٍ استمرت لعدّة أيام.

ونشرت الشبكةُ السورية لحقوق الإنسان تقريراً تحدّث عن “مجزرة داريا الكبرى” وقالت: إنّها من “أبشع مجازر العصر الحديث والتي أوقعت أكثر من 500 مدني في مدينة واحدة أمام العالم أجمع”.

وأضافت الشبكة: “بين 20 و 27 آب/ أغسطس 2012 نفّذت ميليشيات نظامِ الأسد عمليات قصف مكثّف استخدمت فيها قذائف الدبابات وقذائف الهاون، والبراميل المتفجرة مستهدفةً أحياء عدّة في مدينة داريا في ريف دمشق، تلا ذلك عملياتِ اقتحام ودهمٍ لمنازل المدنيين والملاجئ التي اختبؤوا فيها، قبل أنْ تُنفّذَ عمليات قتلٍ جماعي رمياً بالرصاص بحقّ مئات المدنيين”.

وأكّدت الشبكة أنّها أحصت حينها وقوع 524 شهيداً مدنياً خلال سلسلة المجازر والتي كان أكبرُها في مسجد (أبو سليمان الداراني) بين 25 و 26 آب.

وكانت داريا من أوائل المناطق السورية التي شاركت في الحراك السلمي المطالب بالإصلاح في آذار من عام 2011، واستشهد من أهلها 2712 شخصًا، حتى 28 من تموز 2018، بحسب فريق التوثيق في داريا.

تحوّلت المدينة الاستراتيجية، المتاخمة لمطار المزّة العسكري، إلى واحدة من أبرز معاقل “الجيش الحرّ” عند اتجاه الثورة السورية إلى العمل المسلح ردًا على ممارسات القمع التي اعتمدتها حكومة الأسد لمجابهة المظاهرات السلمية.

وكان من أبرزِ محطّاتها المجزرةُ التي نفّذتها قوات الأسد، بعد تفجير ما عرف بـ”خلية الأزمة” في 18 من تموز عام 2012، الذي قتل إثره أربعةٌ من كبار المسؤولين في نظام الأسد.

ارتكبت قوات الأسد مجازر وإعدامات جماعية، واعتقلت العشرات من مواطني المدينة، ثم عرضت “نصرها” عبر عدسة قناة “الدنيا” التي دخلت المدينة وصوّرت الجثث في البيوت والطرقات، ناسبةً الجريمة لأفعال “الإرهابيين”.

استغرق إحصاءُ أعداد الشهداء عدّة أيام بعد أنْ سمح نظام الأسد لأهل المدينة النازحين بالعودة إليها، حيث قاموا بحفر قبور جماعية، تركت دون معالم، لدفن الشهداء.

أثارت المجزرةُ، والصور التي عرضها إعلام نظام الأسد، إدانة دولية واسعة، وقال الأمين العام للأمم المتحدة حينها، بان كي مون، إنّها تمثّل “جريمة مروّعة ووحشية”، ويجب التحقيقُ بشأنها بشكلٍ مستقل مباشرةً.

كما قال الوزير البريطاني المختص بالشرق الأوسط، “آليستر بيرت”، إنّ المجزرة في حال تأكّدت ستكون “انتهاكًا بمستوى جديد يتطلّب إدانة حازمة من المجتمع الدولي بأكمله”.

بعد أربعة أعوام من القتال والمعارك بين قوات الأسد والفصائل الثورية في المدينة، عانت خلالها المدينةُ من الحصار المستمر والقصف منذ تشرين الثاني عام 2012، توصّلت لجنة ممثّلة عن فصائل وفعاليات المدينة، إلى اتفاق مع نظام الأسد يقضي بإفراغ المدينة، في 26 من آب 2016.

غادر المواطنون والمقاتلون المحاصرون المدينة التي عانت من أكبر نسب الدمار في سوريا الذي وصل إلى 95%، وطال معظمَ معالمها الرئيسية وبناها التحتية، حسبما وثق المجلس المحلي في داريا والشبكة السورية لحقوق الإنسان.

لم يسمح نظام الأسد بعودة أهلها إلا بعد عامين كاملين على تهجيرهم، ووفق موافقات خاصة، بعد أنْ أعلن عن بدئه مرحلة ترحيل الأنقاض وفتح الطرقات فيها مطلع عام 2018.

ولا تزال المدينة على ما كانت عليه تقريبًا من الدمار ونقص الخدمات باستثناء الجهود الفردية التي قامت بها العائلات التي سمح لها بالعودة لإخلاء الركام من بيوتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى