استمرارُ إضرابِ المعلمينَ المتطوّعينَ في محافظةِ إدلبَ حتى تحقيقِ مطالبِهم

بدأ عشراتُ المدرّسين المتطوّعين في عشراتِ المدارس التابعةِ لمديرتي التربية في إدلبَ وحماة منذ يوم السبت 5 شباط، إضراباً مفتوحاً بعنوان “الكرامة للمعلمين”، وذلك احتجاجاً منهم على غيابِ الدعم والرواتبِ منذ سنواتٍ.

وأصدرت المدارسُ المتطوّعة التابعةُ لمديرية التربية في إدلب وحماة يومَ السبت بياناً أعلنتْ فيه تعليقَ الدوام حتى تأمينِ حقوقِ المعلمين المستحقّة، أقلُّها راتبٌ شهري لهم.

وجاء في البيان، “نعلن ـ نحن المتطوعين ـ تعليقَ الدوام حتى تأمينِ حقوق المعلّم المستحقّةِ وهي على الأقلِّ راتبٌ شهري له يُعينه على تجاوز صعوبة المعيشة ويسدُّ رمقَه”.

وأكّدَ الموقّعون عليه أنَّ هذه الخطوة تحزّ في قلوبهم، ذلك لأنَّهم يعرفون عواقبَها على الطلبة، لكن لم يعدْ لديهم القدرةُ على التحمّل أكثرَ مما مرَّ، موضّحين أنَّهم تطوّعوا لأكثرَ من ثلاث سنوات، وناشدوا الجهاتِ المعنيّة والمنظّمات الإنسانية النظرَ بحال المعلم.

ولفت البيانُ إلى أنَّه يمثّل جميعَ المدارس المتطوّعة في تربية حماة وإدلبَ بكلِّ مجمعاتها، “جسرِ الشغور، أريحا، حارمَ، معرةِ مصرين، إدلبَ، الدانا، المخيماتِ”، حيث بلغ عددُ المدارس التي انضمّتْ للإضراب حتى أمس الأحد 86 مدرسةً.

الأستاذُ “طلالُ عبد القادر”، مديرُ إحدى الثانويات التابعةِ لمجمّعِ جسر الشغور التربوي، قال: إنَّ إقدام المعلمين المتطوّعين على الإضراب جاء بسببِ غياب الدعم عن الكوادر التعليميّة المتطوّعة منذ سنوات، حيث لم تكفلْ أيُّ جهةٍ حكومية أو إغاثيّة المعلمينَ المتطوّعين.

وأشار “عبد القادر” في حديثٍ خاص لـ”شبكة المحرَّرِ الإعلاميّةِ”، أنَّ مطلبَهم الأساسي هو تأمينُ راتبٍ شهري ثابتٍ أسوةً بباقي الموظّفين في الوزارات التابعة لحكومة الإنقاذ، مؤكّداً أنَّهم مستمرّونَ بالإضراب حتى تحقيقِ هذا المطلبِ، ويرى أنَّ مطلبَهم أساسي من أجل استمرار العملية التعليميّة في المنطقة.

كما طالبَ “عبدُ القادر” من جميع الفعاليات المدنيّةِ والاجتماعية وغيرِها من المنظّمات والحكومة والوزارات دعمَ مطالبِهم المشروعة والأساسية لاستمرار العملية التعليمية، مؤكّداً على أنّهم مصرّونَ على الاستمرار بالإضراب حتى تحقيقِ مطالبهم، وأشار إلى أنَّ مدّةَ الإضراب مفتوحةٌ تحدّدُها الحكومة بحسب تجاوبها مع مطالبهم.

ولفت إلى أنَّ منفّذي الإضراب لم يلقوا حتى الآن أيَّ تجاوبٍ من حكومة الإنقاذ أو المنظّمات العاملة في المنطقة، آملينَ من وزير التربية الجديد في حكومة الإنقاذ أنْ يعملَ بسرعة لاتخاذِ الخطوات الصحيحة والتعاونِ مع المعلمين المتطوّعين لإيجاد حلٍّ سريعٍ.

بدوره، أشار مدرّسٌ الرياضياتِ في بلدةِ الجانودية “فردوس قاروط”، أنَّ إضراب الكرامة ليس فقط من أجل تأمينِ رواتبَ ثابتةٍ للمعلمين المتطوّعين، موضّحاً أنَّ الهدفَ الآخر للإضراب هو إعادةُ الكرامة للمعلم.

وأوضح “قاروط” في حديثٍ لـ”شبكةِ المحرّرِ” أنَّ مسؤولي التربيةِ في حكومتي الإنقاذ والمؤقّتة كانوا متغافلين عن موضوعِ رواتبِ المعلمين المتطوّعين، مشيراً إلى أنَّهم قدّموا على مدى السنوات الماضية عدّةَ معروضاتٍ وقابلوا مسؤولين، ويكون الردُّ عبارةً عن وعود تتّضح فيما بعد أنَّها كاذبةٌ، حتى وصل الأمرُ مؤخّراً إلى طردِ وفدٍ من المعلمين من أمام مبنى حكومةِ الإنقاذ ولم يُسمحْ له بالدخول من أجل توضيحِ مطالبهم، ما دفعَ المعلمين لتحصيلِ حقوقهم عبرَ “إضراب الكرامة”.

وأكّد “قاروط” أنَّ المعلمين المتطوعين يتأسّفون لإغلاق المدارسِ أمام الطلاب، إلا أنّهم اضطّروا للقيام بالإضراب كي يعيدوا للمعلم كرامتَه في الدرجة الأولى، وتأمينَ دخلٍ ثابتٍ يعينه على مقتضيات حياته اليومية.

ولفت المدرّس قاروط المتطوع والحاصل على إجازة في إدارة الأعمال أنَّ حكومة الإنقاذ وبدلَ الاستماعِ لمطالب المضربين، تلجأ لتخويفِ المعلمين بشكلٍ فردي وتتّبع لذلك عدّة أساليب عن طريق المجمّعات التربوية ومديرية التربية، منها تهديدُ المعلمين بالفصل من المدارس، مؤكّداً أنَّ الحكومة ووزارة التربية التابعةَ لها تتعامل مع الإضراب وكأنَّ الأمر لا يعنيها.وبيّن “قاروط” أنَّ “نقابةَ المعلمين” في إدلب مشتّتةٌ أيضاً، وغالبيةُ أعضائِها مكفولين ومدعومين مادياً، لذلك يتصرّفون وكأنَّ الأمرَ لا يعنيهم، علماً أنَّ صلبَ عملهم في النقابة هو الدفاعُ عن المعلم وحقوقه.

“قاروط” نوّه خلال حديثه للشبكة، أنَّ كلَّ المنظمات العاملة في الشمال المحرَّرِ تركت القطاعَ الأهم في المنطقة، واتجهت للأعمال الطبيّة والإغاثية وغيرِها، موضّحاً أنَّ بعضَ مدراء المدارس والمعلمين تركوا عملهم في المدارس واتّجهوا للعملِ في المنظمات كمستخدمين براتب يصل لـ “250” دولاراً أمريكياً شهرياً.

وحول الخطواتِ القادمة في حال عدم التجاوب مع مطالبهم، أكّد “قاروط” أنَّهم مستمرّون بالإضراب وإغلاقِ المدارس كمرحلة أولى، بعد ذلك سيتمُّ التحوّلُ في حال عدم الاستجابة إلى العمل الشعبي والضغطُ من أجل الدفاع عن حقوق المعلمين، وذلك من خلال الخروجِ بمظاهرات شعبيّة لتحقيق المطالب، وكذلك الضغطُ على الحكومة عن طريق الإعلام في الشمال المحرَّرِ وخارجِه بشكلٍ أوسع.

وتزامناً مع إعلان الإضراب، تمَّت الدعوةُ إلى وقفات احتجاجية تضامناً مع مطالبِ المعلمين المُحقّة، حيث تمّت الدعوةُ لوقفاتٍ في مدارس مدينة جسر الشغور، وأخرى في مدرسة “عبد الكريم لاذقاني” في مدينة إدلبَ.

يُذكر أنَّ أعداداً كبيرةً من المدارس في إدلب وريفها تعمل بصورة تطوعيّةٍ، حيث بلغت أعدادُ المدارس المتطوّعةِ في محافظة إدلب 405، وتضمُّ 130 ألفاً و44 طالباً وطالبةً، بكادر تطوّعي يصل إلى 5 آلاف و707 مدرّسين ومدرّسات، بحسب إحصائية “مديرية تربية إدلب”، وتتركّز معظُمها في المرحلتين الإعدادية والثانوية.

وعلى الرغم من إطلاقِ فعاليات مدنيّة وشعبيّة، مبادراتٍ لمساندة ملفّ التعليم في محافظة إدلب، إلا أنّ القطاع يعاني من فجوةِ دعمِ وغيابِ التجهيزات اللوجستية والتغطية المالية.

فريق التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى