المساعداتُ الغذائيةُ المجانيةُ تُباعُ على أرصفةِ دمشقِ ونظامٌ الأسدِ يغضُّ الطرفَ

تداول ناشطون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً تظهر بيعَ المساعدات الإغاثية الأممية في السوق السوداء, وذلك بالتزامن مع تحذيرات من تعرّضِ البلاد لخطر المجاعة.

وأكّد الناشطون أنّ عمليات بيع المساعدات تمّت بإدارة وإشراف ضباط تابعين لقوات الأسد، وأشاروا إلى أنّهم باعوها لتجار موالين لنظام الأسد، مؤكّدين أنّ تلك المواد غزت أسواق العاصمة دمشق وبأسعار فلكية.

وأوضح الناشطون أنّ ضباط قوات الأسد المشرفين على الحواجز، التي تمرّ منها المساعدات، يصادرون ما يصل إلى نصفها، ويبيعونه بنصف الثمن للتجار، الذين يعودون بطرحها مجدّداً في الأسواق بأسعار مضاعفة، ما ساهم بخلق طبقة من المهرّبين الأثرياء.

وعن أسعار هذه المواد الغذائية تحدّثت مصادر إعلامية, إنّها ارتفعت على الرغم من أنّها مساعدات أممية ولا يتمُّ استيرادها، ومع ذلك فإنّ أسعارها بقيت أقل من أسعار الأسواق بفوارق متفاوتة، وذلك بعد أنْ ارتفعت الأسعار بشكلٍ كبيرٍ في مناطق سيطرة نظام الأسد نتيجةَ انهيار الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي ما أدّى لزيادة التضخّم.

واللافت في انتشار هذه البسطات هو أنّها تبيع على “عينك يا تاجر”، أي تحت أعين الرقابة التموينية في حكومة نظام الأسد والتي يفترض وبحسب قوانينها عدم السماح ببيع هذه المساعدات الغذائية لأنّها أصلاً غيرُ مخصّصة للبيع.

ولكن وبحسب الباعة فإنّ المراقبين التموينيين يغضون أبصارهم عن الباعة لقاءَ مبالغ يحصلون عليها، فيما يقوم باعة آخرون بعرض منتجاتهم في أيام العطل لأنّ دوريات الرقابة تكون أقلَّ.

الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى “شارل تيبو” كتب في مجلة “فورين بوليسي” الأميركية عن إمكانية دعم سوريا من دون أنْ يستفيد نظام الأسد من ذلك، وذلك عبْر تحويلِ الأموال للسوريين ومنعِ نظام الأسد من قطع الطرقات لعدم وصول المساعدات إلى مناطق المعارضة.

وتطرّق إلى مؤتمر المانحين حول سوريا الذي يستضيفه الاتحاد الأوروبي في بروكسل غداً الثلاثاء، والذي يتطّلع المانحون و%90 منهم يمثلون الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي خلاله إلى تجديد تعهّداتهم المالية الإنسانية، لكن في المقابل تتجه الأنظار إلى فيتو الاحتلال الروسي الذي يمكن أنْ يؤثر على آلية المساعدة التابعة للأمم المتحدة.

ولفت الكاتب إلى أنّه يجب على الدول المانحة أنْ تضمنَ وصول المساعدات إلى المحتاجين، لا إلى نظام الأسد، موضّحاً أنّ المانحين الرئيسيين مثل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية والمفوضية الأوروبية متردّدون في الدفع، ويخشون أنْ يعرقل نظام الأسد المساعدة لغير الموالين له, وأشار تيبو إلى انّه يتمّ استكشاف خيارات جديدة، مثل العمل مع السوريين خارج سوريا ومنظماتهم غيرِ الحكومية لزيادة التحويلات المالية والمساعدات المرسلة إلى سوريا.

وتواجه سوريا أزمة غذاء غيرِ مسبوقة، حيث يفتقر أكثرُ من 9.3 ملايين شخص إلى الغذاء الكافي في وقتٍ قد يتسارع فيه تفشّي فيروس كورونا, بحسب برنامج الأغذية العالمي الذي أكّد أنّ عدد من يفتقرون إلى المواد الغذائية الأساسية ارتفع بواقع 1.4 مليون في غضون الأشهر الستة المنصرمة، كما أنّ أسعار السلع الغذائية ارتفعت بأكثر من 200 في المئة في أقلَّ من عام واحد بسبب الانهيار الاقتصادي في لبنان المجاور، وبات أكثر من 90 في المئة من سكان سوريا تحت خط الفقر، في الوقت الذي يستمر فيه نظام الأسد حتى الآن بالتعنّت في البدء في الحل السياسي ويصر على إحكام القبضة الأمنية وتحميل تبعات قانون قيصر الأميركي على الشعب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى