بخصوصِ الاتفاقياتِ المبرمةِ مع تركيا حولَ إدلبَ وشرقِ الفراتِ.. الكرملين يبعثُ برسائلَ حازمةٍ إلى “بشارِ الأسدِ”

حملت زيارة وزير دفاع الاحتلال الروسي إلى دمشق المفاجئة في توقيتها ومستواها وفي الملابسات التي رافقتها، مثل تعمد وزارة الدفاع أنّ طائرة الوزير رافقتها مقاتلات من طراز “سوخوي 35” لحمايتها, رسالتها الأولى، إلى الأميركيين والإسرائيليين، كما للأطراف الأخرى بما في ذلك نظام الأسد.

زيارة العمل كما وصفتها موسكو, التي قام بها وزير دفاع الاحتلال الروسي “سيرغي شويغو” محاطاً بهذه الهالة، لمقابلة رأس نظام الأسد، لنقل أفكار أو رؤى لم يكنْ من المناسب إرسالها على مستوى أقلّ.

وقال بيان وزارة دفاع الاحتلال الروسي, إنّ الوزير بحث مع رأس نظام الأسد اتفاق الهدنة في إدلب، وآليات تنفيذ الاتفاق الروسي – التركي، والوضع في شمال شرقي البلاد.

وكان الاستنتاج الأبرز أنّ الرجل المسؤول بشكلٍ مباشر عن الوضع في سوريا حمل “رسالة حازمة” من الكرملين، بأنّه لن يكون مسموحاً تجاوز اتفاقات الاحتلال الروسي مع تركيا، أو محاولة تعريضها للخطر, وذلك على خلفية تلويح نظام الأسد مؤخّراً، باحتمال استئناف القتال لاستكمال السيطرة على طريق حلب – اللاذقية.

الاحتلال الروسي لا يريد استفزازاً يفجّر آليات عمله المشتركة مع الجانب التركي، خصوصاً أنّ الوضع مال إلى الاستقرار، وبدأ الطرفان خطوات عملية لتنفيذ الاتفاقات، بعدما كان مهدّداً بالانزلاق نحو “السيناريو الأسوأ” بحسب وصف الكرملين.

وفي الأيام الأخيرة، تراجعت لهجة موسكو، حيال أنقرة، ولوحظ تخفيف وسائل الإعلام الروسية حملاتها القوية على الأتراك، وأكثر من ذلك باتت أصابع الاتهام توجّه فقط إلى “قوات إرهابية غير خاضعة للأتراك” تحاول تفجير الاتفاق الروسي – التركي.

ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن خبراء قولهم, أنّ هذا الهدف ليس كافياً لزيارة سريعة على مستوى وزير الدفاع. هي الأولى له إلى دمشق منذ آذار الماضي، برغم أنّ الأوضاع شهدت تطورات متسارعة في البلاد خلال العام الأخير. كان بإمكان موسكو إرسال وفد على مستوى أقلّ، أو استخدام قنوات الاتصال لإبلاغ السوريين بالرسالة.

بياني الاحتلال الروسي ونظام الأسد حول الزيارة توقّفا عند الوضع في منطقة شمال شرقي سوريا. ولا يستبعد بعض الخبراء أنْ يكونَ محور النقاش الأساسي ركّز على الخطوات التالية في “ما بعد اتفاق إدلب”. والمقصود هنا أنّ كل الخطوات التي تمّ اتخاذها بما في ذلك، اتفاق الهدنة الأخير، ركّزت على الوضع في إدلب، من دون أنّ تربطَ ذلك بتطورات الموقف في منطقة “النفوذ الأميركي”.

وأشار خبراء إلى أنّ الاحتلال الروسي أعلن في وقت سابق عن جولات حوار مع ميليشيا “قسد” لدفعها نحو الاقتراب من نظام الأسد، لكنّه (الاحتلال الروسي) التزم الصمت أخيراً حول نتائجها.

وذكر الخبراء بأنّ رأس نظام الأسد أعلن استعداده في حوار أخير مع وسائل إعلام روسية لمواصلة النقاش مع “قسد”. ولفتوا في الإطار ذاته، إلى أنّ الأميركيين يواصلون تعزيز وجودهم، عبْرَ نقل وحدات من العراق إلى سوريا، ما يقلق أكثر موسكو وأنقرة.

ويطرح الخبراء تساؤلاً عن احتمال أنْ تكون موسكو تعمل على إنضاج رؤية جديدة أو اقتراحات لدفع ملف المصالحة بين نظام الأسد و”قسد” ووضع ترتيبات جديدة في مناطق الشرق السوري تكون مرضية لنظام الأسد وتركيا وللجانب الروسي كذلك، وفي حال صحّ هذا التوجّه، تكون موسكو بصدد البدء بوضع الترتيبات اللازمة من وجهة نظرها، للمرحلة اللاحقة للصراع في إدلب.

ويرى بعض الخبراء أنّ ثمة ملف آخر كان أساسياً خلال الزيارة. وهو يتعلّق بملفّ انتشار فيروس “كورونا”، وتزايد مخاوف جديّة من أنْ تكون المعطيات التي يقدّمها نظام السد حول الموضوع، تخفي حقائق مقلقة جداً للاحتلال الروسي. والموضوع هنا لا يقتصر على تأمين العسكريين الروس في سوريا، ووضع آليات كافية لتجنّب انتشار الفيروس في المرافق العسكرية وأماكن وجودهم، إذ تبدو للمسألة أبعاد أسوأ.

ولفت الخبراء إلى تضمين البيان الروسي حول الزيارة عبارات لافتة عن “دفع ملف تأمين المساعدات الإنسانية، وتعزيز التعاون العسكري التقني بين موسكو ونظام الأسد.

وفي حين أنّ الشقّ الأول من العبارة، يتكرّر كثيراً في اللقاءات على كلّ المستويات، ما يعني أنّه لا يستدعي زيارة على مستوى وزير الدفاع، فإنّ الشقّ الثاني كان لافتاً للأنظار، وأثار تساؤلات حول طبيعة التعاون العسكري المقصود، وهل هناك تحضير لإرسال تعزيزات عسكرية جديدة إلى سوريا، وتسليم نظام الأسد أسلحة جديدة؟

ويرى الخبراء أنّ الاحتلال الروسي قد يتجّه إلى سحب جزء مهم من قواته في حال انتشر “كورونا” بشكل واسع في سوريا، لذلك لا بدّ من ترتيبات تضمن عدم انزلاق الوضع الميداني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى