تمسّكٌ أوروبيٌّ بـ”اللاءاتِ الثلاثِ” والخطوطِ الحمْرِ في سوريا
عُقِد في بروكسل قبلَ يومين اجتماعٌ وزاري أوروبي لبحثِ الملفِّ السوري، ذلك في أول لقاءٍ من نوعِه منذ بضعِ سنوات بترتيبٍ من فرنسا التي تولّت رئاسةَ الكتلة الأوروبية بدايةَ العام لستةِ أشهرٍ أخرى.
وشارك بالاجتماع المبعوثُ الأممي إلى سوريا “غير بيدرسون”، بعدَ إجرائه سلسلةَ استشاراتٍ مع اللاعبين الإقليميين والدوليين في جنيف أو دمشقَ والدول المعنيّة.
وخلصَ الاجتماعُ إلى أنَّ الاتحاد الأوروبي سيكون واقعياً، وسينخرط باقتراحِ “بيدرسون” خطوةٍ مقابلِ خطوةٍ، ومضمون القرار الأممي لدعم التعافي المبكّر في مشاريعِ المساعدات الإنسانيّة.
إلا أنَّ هذا الانخراط سيكون تحت سقفِ الخطوط الحمراءِ واللاءات الثلاثِ الأوروبية، أي، “لا مساهمةٌ بالإعمار، لا تطبيعٌ مع نظام الأسد، ولا رفعٌ للعقوبات”، قبلَ تحقيق تقدّمٍ بالعملية السياسية بموجب القرار الأممي 2254، وفقاً لما ذكرتْهُ صحيفةُ الشرق الأوسط في تقرير.
وتضمّن الاجتماعُ الوزاري نقاشاتٍ صريحةٍ للمشهد السوري وتحولاتِه خلال السنوات الماضية، سواءُ بالجانب العسكري، أو السياسي، حيث “يقف الصراع الآن رهنَ حالةٍ من الجمود العسكري والاستراتيجي، مع عدمِ وجودِ حلٍّ عسكري في الأفق وعدمِ حدوث تحوّلات في الخطوط الأمامية” منذ آذار 2020، ووجود خمسةِ جيوشٍ أجنبية بقوات لها في سوريا، حيث تنقسم إلى عدّة مناطقِ نفوذٍ.
كما تمَّ مناقشةُ الجانب السياسي الذي تضمّن فوزُ رأسِ نظام الأسد في أيار 2021 بولايةٍ رابعة بعدَ انتخابات رئاسية جرى النظرُ إليها على نطاق واسع باعتبارها لم تكن حرّةً ولا نزيهةً، بحسب ما نقلت الصحيفةُ عن مسؤول أوروبي في الاجتماع، مشيراً إلى زيادةِ القبضة الأمنيّة في مناطق سيطرة نظام الأسد.
كذلك سمعَ الوزراءُ تقديرات رسمية من خبراء أممين أنَّ مستويات الفقر في سوريا تقتربُ من 90 في المائة، ويعاني 12.4 مليون شخصٍ، أي 60 في المائة من السكان، من انعدامِ الأمن الغذائي، وأنَّ هناك ما يقدّر بـ 14 مليون شخصٍ بحاجة إلى مساعداتٍ داخل البلاد، وأكثرَ من خمسة ملايين شخصٍ يفتقرون إلى المياه العذبة الآمنة أو الكافية في شمال سوريا، إضافةً لذلك، خسر جيلٌ كاملٌ التعليمَ، وتعرّضتْ المجتمعاتُ للدمار.
كما تمَّ التطرّقُ في الاجتماع إلى اتخاذ بعضِ الدول العربية في الفترة الأخيرة خطواتٍ نحو التطبيع مع نظام الأسد، وذلك رغمَ عدم وجودِ استراتيجية منسِّقةٍ أو منظِّمةٍ للتعامل مع النظام.
وناقش الوزراءُ اقتراحَ “غير بيدرسون”، خطوة مقابل خطوة، للوصول إلى اتفاقٍ بين اللاعبين الدوليين ونظامِ الأسد على خطوات تدريجيةٍ متبادلة وواقعية ودقيقةٍ ويمكن التحقّقُ منها، بحيث يجري اتخاذُها بالتوازي للمساعدة في دفعِ العملية السياسية إلى الأمام بما يتماشى مع قرارِ مجلس الأمن 2254.
وبعد مناقشاتٍ بين الوزراء، ذكر المشاركون أنَّه في 2017، تبنّى الاتحادُ الأوروبي موقفاً قوياً بـوضع حدٍّ للحربِ من خلال تحقيقِ انتقالٍ سياسي حقيقي في سوريا، وأنَّ المبادئ الأساسية لسياسة الاتحاد الأوروبي لا تزال صالحةً وقائمة، وهي لا تطبيعٌ، ولا رفعٌ للعقوبات، ولا إعادةٌ للبناء إلى أنْ يشاركَ نظام الأسد في انتقال سياسي داخل البلاد في إطار قرارِ مجلس الأمن 2254.
وجرى التوافقُ على ضرورة الحفاظ على وحدة الموقفِ الأوروبي وعدم التنازل عن الموقف الجمعي الذي لا يزال صالحاً، وعليه، كان الاجتماعُ الوزاري مناسبةً لتجديد التمسّك بـ”اللاءات الثلاث”، عبرَ إبداء استعدادِ الكتلة الأوروبية الانخراطَ مع الوقائع الجديدة التي تشمل خطوةً مقابلَ خطوةٍ والأولويات الأميركية الجديدة وخطوات التطبيع العربي، لكنْ دون التخلي عن الخطوط الحمرِ.
كما جرى الاتفاقُ في الاجتماع الوزاري على عقدِ مؤتمرِ بروكسل للمانحين باعتبار أنَّ الاتحاد الأوروبي أكثر ُالمانحين بـ25 مليار يورو، لتمويل المساعدات الإنسانية إلى سوريا والتعافي المبكّر، لكنّه شرطَ عدم وصولها لنظام الأسد، إضافةً إلى الاتفاق الجماعي على الانخراط مع الدول العربية لـمنعِ التطبيعِ وإعادةِ نظام الأسد إلى الجامعة العربية في شكلٍ مجاني، ودون ثمنٍ، كذلك ظهر تحذيرٌ أوروبي من أنَّ التطبيعَ مع نظام الأسد يهدّد الحوارَ بين الاتحاد الأوروبي والجامعةِ العربية.