فرارُ “الدروز” من قواتِ الأسدِ, طائفيةٌ وفسادٌ..وتجارةٌ بالجنودِ

تزايدت حالاتُ فرارِ عناصر من قوات الأسد في بادية السويداء، نتيجة “طائفية الضباط وعنصريتهم”، وانتشار الفساد، والأوضاع المأساوية للعناصر.

وفرّ أكثر من 70 عنصراً، ما بين آب وأيلول، جميعهم من السويداء “الطائفة الدرزية” المجنّدين في “الفرقة 15″، بسبب الأوضاع المأساوية التي يعانونها، ومما قالوا إنّه “تسلط الضباط العلويين عليهم، وانتشار الفساد والمحسوبيات في مختلف القطاعات”.

إذ يرتبط جميع ضباط “الفرقة 15″، بشبكة فاسدة واحدة، تعمل على تحقيق أكبر الأرباح, من بيع مخصّصات المحروقات في السوق السوداء، وابتزاز المجنّدين بمخصّصات إطعامهم وبدلات النقل والإجازات والندوة. هذا فضلاً عن المياه الملوثة للشرب التي سبّبت الأمراض.

ويقيم غالبية جنود “الفرقة 15” في بادية السويداء ضمن خيم مهترئة، لا تقيهم حرّ الصيف أو برد الشتاء، ما يجعلهم عرضة للحشرات السامة والأفاعي، ولا يتمّ إسعافهم إلا عندما تتدهور حالتهم، إجازة المجند القانونية، لا يحصل عليها إلا بعد دفع تعريفة لدرّاجٍ ينقله إلى طريق دمشق-السويداء، ومن هناك “دبر راسك”. ويملك أحد الضباط “كتيبة” من دراجات نارية، مؤلفة من 20 درّاجة مخصّصة للتنقل بين قطاعات الفرقة، ومنها إلى الاوتستراد.

ويدفع الجندي الواحد مقابل “التفييش” (عدم الحضور إلى الفرقة)، بين 75 ألف و200 ألف ليرة سورية شهرياً، عدا عن الهدايا للضباط من مواد تموينية ومشروبات كحولية، ويجبر الجنود على سدّ الفراغ الذي يتركه “المفيّشون”، والدوام عوضاً عنهم. ولا يسمح لهم إلا بإجازة مدتها 48 ساعة كلّ 20 يوماً، وتنتشر هذه القضية في جميع القطاعات.

عناصر النظام في بادية السويداء أطلقوا حملات عديدة في مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين فيها بتحسين اوضاعهم، وهدّد العشرات منهم بتشكيل فرارٍ جماعي. وقد أدّى انتشار تقارير عن ممارسات ضباط “الفرقة 15” في “شبكة السويداء 24” المحلية، إلى حالة من التخبّط بينهم، ترجمت بتبديل قادة بعض القطاعات، وإجراء جولات تفتيشية مكثّفة من وزارة دفاع نظام الأسد، كما قام قائد الفرقة “اللواء علي أسعد”، بجولة مكوكية لتفقّد قطاعاته بين درعا والسويداء، إلا أنها لم تثمرْ عن أية نتائج إيجابية، واستمر الواقع السيّئ على حاله, إذ يفر 3 عناصر وسطياً كلّ أسبوع من الفرقة.

وتحدثت صحيفة “المدن” الى بعض المجندين الفارين, وأضافت أنّ اقوالهم تطابقت فيما يخصّ المعاملة الطائفية التي يمارسها ضباط الفرقة العلويون، بحق عناصر الفرقة الدروز من أبناء السويداء تحديداً، من خلال نعتهم بـ”الجبناء” وإجبارهم على أعمال السخرة ذلك، فضلاً عن إفراغ جميع القطع العسكرية التابعة لـ”الفرقة 15″ الواقعة داخل المحافظة، من مجندي السويداء، ونقلهم إلى قطاعات البادية ودرعا، ما ساهم بزيادة العنصرية والطائفية والتكتلات بين الجنود والضباط.

وأكّد أحد المجنّدين لـ “المدن” أنّ الفساد يطال حتى لجان التفتيش التابعة لوزارة دفاع نظام الأسد، التي تتفقّد بشكلٍ دوري أوضاع الفرقة، وقال: “كلّ قطاع تصل له اللجنة يقيم لهم الضابط المسؤول عنه حفل شواء، ويقدم لهم مبلغاً مالياً كبيراً، ليصرفوا النظر عن تجاوزاته”. وأشار إلى أنّ عشرات العناصر في الفرقة من غير الدروز، يرغبون بالفرار، لكنّهم يتخوّفون من ملاحقة نظام الأسد لهم في مناطقهم، خلافاً لمحافظة السويداء التي تحوي آلاف الفارين.

وتنتشر قوات الأسد على مساحات واسعة من بادية السويداء، عبر الفرقتين 10 و15، ويبلغ تعداد عناصرهما في المنطقة قرابة 1500 موزّعين على قطاعات. وتنتشر العاشرة من محور تلول الصفا باتجاه الرحبة والحماد شرقاً، وبمحاذاة تل سيس وتل مكحول. أما “الفرقة 15” فتنتشر على نطاق أوسع، بداية من قطاع تل أصفر، ثم الساقية والزلف، ومحسن أبو غانم في عمق البادية. فيما تنتشر ميليشيا “جيش التحرير الفلسطيني” في قطاع العورة، فضلاً عن وجود نقطة لميليشيا “الحزب السوري القومي” في منطقة الدياثة، ونشاط محدود لميليشيات الاحتلال الإيراني، وخلايا من تنظيم “داعش”.

وبحسب “المدن”، فإنّ قيادة “الفرقة 15” لا تنوي إخلاء بادية السويداء، وتُجري عمليات تمشيط دورية بحثاً عن خلايا “داعش” التي تنشط بشكلٍ محدود جداً في بعض أرجاء البادية، كما تعزّز الفرقة من الإجراءات الدفاعية في النقاط القريبة من منطقة 55 كيلومتراً، وقاعدة التنف، فيما تسري معلومات عن إخلاءٍ مرتقبٍ لـ”الفرقة 10″ من المنطقة مطلع العام 2020، أما ميليشيا “حزب الله” فتواجدها محدود في بعض النقاط شمال شرق السويداء، خلافاً لباديتي دمشق وحمص اللتين تنشط فيهما ميليشيات الاحتلال الإيراني بشكلٍ لافتٍ. وبالنسبة لقوات الاحتلال الروسي، يقول أحد المجندين لـ”المدن”: “نصبت قاعدة مؤقتة لها قرب سدّ الزلف جنوبي بادية السويداء مطلع العام 2019، واستخرجت كمية من الآثار، ثم أخلت المنطقة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى