قائدُ القيادةِ المركزيةِ الأمريكيةِ: واشنطن ستخفّض عددَ قواتِها في العراقِ وسوريا ويؤكّد وجودَ تنسيقٍ أمريكي مع روسيا ونظامِ الأسدِ

كشف الجنرال “كينيث ماكينزي جونيور”، القائد العام للقيادة المركزية الأميركية، أمس الأربعاء، أنّ واشنطن ستخفّض عددَ قواتها في العراق وسوريا على الأرجح في الأشهر المقبلة، لكنه لم يتلقَّ أوامر بعد ببدءِ سحبِ القوات, مضيفاً أنّ بلاده ليس لها تعاونٌ مع قوات الاحتلال الروسي أو نظام الأسد بمحاربة “داعش”.

وتوقّع ماكينزي، من خلال مؤتمر كونفرانس جمعَهُ مع عدّة مسؤولين، أنْ تحافظَ القوات الأمريكية وقوات الناتو الأخرى على وجود طويل الأمد في العراق، للمساعدة في محاربة الإرهاب ولوقفِ نفوذ الاحتلال الإيراني في البلاد، وفْق تعبيره.

ورفضَ “ماكينزي” الإفصاح عن حجم هذا الوجود، لكنّ مسؤولين أميركيين آخرين قالوا إنّ المناقشات مع المسؤولين العراقيين التي تستأنف هذا الشهر قد تؤدّي إلى خفضِ عددِ القوات إلى حوالي 3500.

وعلى الرغم من مطالبة الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، في الخريف الماضي، بالانسحاب الكامل لجميع القوات الأميركية، البالغ عددها 1000 جنديٍّ من سوريا، لا يزال هناك حوالي 500 جندي، معظمُهم في شمال شرق البلاد، لمساعدة ميليشيا “قسد” في محاربة جيوب مقاتلي تنظيم “داعش”.

وأضاف ماكينزي, “لا أعتقد أنّنا سنبقى في سوريا إلى الأبد، في مرحلة ما، نريد أنْ نصبح أصغر حجماً هناك. أنا فقط لا أعرف متى سيكون ذلك. طالما بقينا، سنعمل بجدٍ للقضاء على داعش “.

وأكّد الجنرال ماكنيزي ومسؤولون أميركيون آخرون، أنّ بإمكان الولايات المتحدة سحبَ قواتها من العراق وسوريا، لأنّ القوات المحلية أصبحت قادرةً بشكل متزايد على مواجهة تنظيم “داعش” بمفردها، مع بعض المساعدة التقنية والاستخباراتية واللوجستية الأميركية.

وأوضح “ماكينزي”، أنّ الولايات المتحدة الأميركية ليس لديها تعاون مع قوات الاحتلال الروسي أو نظام الأسد في محاربة “داعش” بسوريا، لافتاً إلى أنّ العمل العسكري يتطلّب أنْ يكون هناك تنسيق تقني عسكري لمنعِ التصادم بين تلك القوات العسكرية في أرض مليئة بالميليشيات والجيوش العسكرية، وهذا التنسيق موجود مع الاحتلال الروسي والنظام.

وأفاد بأنّ التحالف الدولي لمحاربة “داعش” في العراق وسوريا يحرص على ألا يدخلَ في اشتباك أو اصطدام مع قوات الاحتلال الروسي في سوريا، ولا مع قوات الأسد، إذ إنّ القيادة المركزية التي هو رئيسها تتواصل على مستوى أقل من رتبته مع نظرائهم من الروس والسوريين، لمنعِ التصادم والمواجهة في سوريا، وتنسيق ألا يكونَ هناك تضاربٌ في الحرب على “داعش” في الميدان، مؤكّداً أنّ ذلك ليس تعاوناً بل هي أمور تقنية لعدم التضارب، خصوصاً في العمليات العسكرية والطلعات الجويّة، ونفس الشيء مع نظام الأسد.

واعتبر ماكينزي أنّ الاحتلال الإيراني وميليشياته هي أحدُ أهم التحديات التي نواجهها في سوريا، بجانب محاربة “داعش”، مؤكّداً أنّ جهود القوات الأميركية في قيادة التحالف الدولي هي لمحاربة “داعش”، وما زالت متواصلة في العراق وسوريا، كما أنّ سوريا على وجهِ الخصوص تعتبر بالنسبة لهم تمثل تحدّياً كبيراً بسبب وجود ميليشيات الاحتلال الإيراني، وميليشيات إرهابية متعدّدة، وكذلك قوات الاحتلال الروسي الداعمة لنظام الأسد، وليس هناك أيّ تعاون أو علاقات دبلوماسية مع نظام الأسد بخلاف ما هو عليه الأمر في العراق.

وأضاف, “إنهاء حلم الخلافة لـ(داعش) من قبلِ قوات التحالف كان أحدَ أهم الأهداف والانتصارات التي حققناها إلا أنّ التهديدات ووجود التنظيم لا يزال مستمراً، بيد أنّ وجودنا في سوريا لن يكون إلى الأبد، لذلك نحن نعمل مع القوات المحلية في (قسد) لرفع مستوى الجاهزية والاستعداد والقتال العسكري لمحاربة (داعش) والمخاطر التي تهددهم، ومهمةُ التحالف الدولي هي محاربة (داعش) في سوريا، والتأكد من عدم عودة التنظيم إلى التهديدات والتكوين مجدداً”.

وحول التدخل التركي على الحدود العراقية الشمالية أو السورية، قال الجنرال “ماكينزي” إنّ تركيا لديها قلق ورؤية حول مخاطر الحدود مع سوريا، وتخوفهم من جماعات إرهابية، “ونعترف بذلك، لكنْنا نريد العمل معاً لتحقيق التوازن بين مخاوفهم وقلقهم، إضافة إلى عملنا ومهمتنا هناك”.

وأشار إلى أنّ “قسد” والحكومة العراقية تعملان مع القوات الأميركية في حماية الأمن ومحاربة “داعش”، وواشنطن تدعم الجهود التي يقوم بها الطرفان، كما أنّ دور أميركا هو دعمهم في حماية مناطقهم ومحاربة “داعش”، داعياً هذه الأطراف إلى التعاون مع الأمم المتحدة في قضايا الأمن، والحل السياسي، والعودة الاقتصادية، ومواجهة مخاطر “كوفيد – 19”.

وأكّد ماكينزي أنّ الحرب في سوريا لن يكون فيها أيُّ احتفال بالنصر عسكرياً، بل سيكون سياسياً، بجعل السوريين يقودون بلادهم ويختارون رئيسهم ويمارسون ديمقراطيتهم، والحلّ الذي نقوله لا يمكن تحقيقه إلا بالعمل معاً على ذلك، إذ إنّ الحلَّ العسكري هو أداة لتحقيق التوافق والحل السياسي.

وفيما يخصّ المخيمات في المناطق التي تسيطر عليها “قسد” مثل مخيم الهول، قال إنّ ذلك “أحد أهم الأمور التي تشغل باله، وهو مهم لمحاربة (داعش) وذلك لا يعتمد على العمل العسكري وحدَه، بل يتطلب كثيراً من الجهود السياسية والدبلوماسية والعسكرية أيضاً”.

وأضاف, “الآيدولوجية الفكرية المتطرّفة هي أهم التحديات التي تواجهنا، وتعدّ الغذاء الرئيسي للتنظيم الذي من خلاله يستطيع إعادة تنظيم نفسه من خلال الإرهابيين الذي يحملون نفس التفكير، وكذلك هناك حشد شيعي من ميليشيات إيران، وهي أيضاً في النهاية تغذّي الصراع والأزمة، وروسيا أيضاً سبّبت أزمة إنسانية كبيرة في سوريا، وأرى أنّ الحلَّ السياسي والسلمي متطلب، ولا بدّ من عودة اللاجئين إلى بلادهم، وفي أفغانستان نواجه أيضاً ميليشيات إيران، كما في العراق وسوريا، وهذه مشكلة إستراتيجية تواجهنا في الحقيقة، وجميعها ميليشيات راديكالية، وهناك أطفال صغار ممن كانوا مع (داعش) في مخيماتهم، وربّما سنواجههم لاحقاً مقاتلين في الجماعات الإرهابية، لذلك الحرب العسكرية وحدها لا تكفي هناك”.

ولفت قائد القيادة المركزية في الشرق الأوسط، إلى أنّ جائحة “كوفيد – 19” أثّرت على العمليات العسكرية وعلى الناس في الميدان، لكنّ “كورونا” هي أحد التحديات التي تواجه التحالف، مع كثير من المخاطر الصحية والاقتصادية والفكرية والعسكرية الأخرى، مضيفاً, “(داعش) تقلقنا فعلاً، وهي من أسوأ النماذج العالمية في الميليشيات المسلحة، وما حقّقناه في محاربة تلك الجماعة هو أمرٌ مهم، والأسوأ أنّها جماعة متطرفة فكرية إرهابية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى