لماذا نظامُ الأسدِ يماطلُ في الإفراجِ عن المعتقلينَ المعارضينَ في سجونهِ رغمَ خطرِ كورونا؟
أعلنت عدّةُ منظمات حقوقية أنّ نظام الأسد متردّدٌ في إجراءاته لإطلاق سراح المعتقلين من سجونه، وذلك عقب مرسوم العفو الذي أعلنه رأس النظام “بشار الأسد” في آذار الماضي، الأمرُ الذي يثيرُ المخاوفَ من حدوث إصابات جماعية في حال انتشر فيروس كورونا داخل سجونه المكتظّة بالمعتقلين المدنيين والناشطين الثوريين والسياسيين المعارضين للنظام.
ووفقاً لمصادرَ محلية خاصة فقد أفرج نظام الأسد خلال الأيام الماضية عن بعض المعتقلين في السجون المدنية ممن تمّ انتهاء أحكامهم أو شملَهم العفو الأخير (وهم شريحة قليلة قياساً بعددِ المعتقلين الكبير)، وفيما يخصّ المعتقلين في الفروع الأمنية فهم بحكمِ المختفين قسرياً، وبانتظار تحويلهم للقضاء لمتابعة أمورهم القانونية، كما تمّ تسجيل عدّة إفراجات محدودة من سجن صيدنايا العسكري، وللأسف لم يتمّ توثيقُ إفراجاتٍ من الفروع الأمنية حتى الآن.
وبدوره قال “فضل عبد الغني” رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان: إنّ “نظام الأسد يسعى للتحايل على الضغوط التي يواجهها من المنظمات والدول التي تخشى تفشّي كوفيد-19 بين السجناء”، موضحاً أنّ “المُفرَج عنهم ليس بينهم أيُّ ناشطين مدنيين أو غيرهم من عشرات آلاف السجناء السياسيين المحتجَزين منذ اندلاع الصراع في سوريا”.
إضافة إلى وجود عدّة تأكيدات من منظمات حقوقية تشير إلى أنّه لم يُفرَج حتى الآن إلا عن بضع مئات من المسجونين بتهمِ ارتكاب جرائم عامة، فيما تمّ وصفه بأنّه لفتة رمزية لصرفِ الأنظار عن مطالبات نظام الأسد بأنْ يحذو حذوَ أنظمةٍ أخرى بينها حليفته المقرّبة إيران، التي أفرجت عن عشرات الآلاف من السجناء مع اجتياح فيروس كورونا للعالم.
كما أكّد “ميشيل شماس” المحامي في هيئة الدفاع عن معتقلي الرأي والضمير في سوريا عبْرَ حسابه على موقع التواصل الاجتماعي بأنّ “مرسوم العفو الذي أصدره الأسد مؤخّراً سيستفيد منه بشكلٍ أساسي تجّارُ المخدِرات والقتلة والمهربون ومخالفات السير والمنقطعين عن العمل ومزوّرو السجلات الرسمية ومنتحلو الصفة”.
مضيفاً بالقول: “وأما المعتقلون على خلفية معارضة النظام فسيكون تأثيرُ العفو عليهم ضيّقاً جداً، على اعتبار أنّ أجهزة الأمن غالباً ما توجّه للمعارضين ثلاثَ تهمٍ وأكثرَ، بحيث مهما صدر عفوٌ فلن يشملهم العفو، وبالنسبة للمعتقلين في الفروع الأمنية ومراكز الاحتجاز السرّية فإنّ تطبيق العفو عليهم يخضع لمزاجية الأجهزة الأمنية التي تحتجزهم”.
أما “أليس مفرج” رئيسة لجنة المعتقلين في الهيئة العليا للتفاوض فقد قالت حول ذات الموضوع: إنّ “العفو كسابقيه، يلتفّ على الضغوطات الدولية بشأن معتقلي الرأي، ولا يشملهم إلا بعددٍ محدودٍ جداً، لا يتناسب مع العدد الهائل من المختفين قسراً، وفي الوقت ذاته يستمرّ باعتقالاته التعسفية، وقتلهم تحت التعذيب وخاصة في مناطق التسويات التي ينتهكها يومياً”، مشيرةً بقولها: وإنّ “هذا ما نرفضه، ونعمل لكي يتمَّ الافراجُ عن المعتقلين، والكشفُ عن مصير المختفين قسراً، والقيامُ بفصل المسار السياسي المعطّل عن الإنساني لإنقاذ حياتهم”.
وقالت “لين معلوف” مديرةُ أبحاث الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية: “في السجون ومراكز الاحتجاز السورية يمكن أنْ ينتشرَ COVID-19 بسرعة بسبب سوءِ الصرف الصحي ونقصِ الوصول إلى المياه النظيفة والاكتظاظ الشديد”.
وكان قد شدّد مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا “جير بيدرسون” خلال الأسبوع الماضي على خطر انتشار COVID-19 عبر السجون المنتشرة في البلاد، وحثّ على اتخاذ إجراءات سريعة لتحرير السجناء منها.