من المرجّحِ أنّ تثيرَ غضبَ تركيا.. محادثاتٌ فرنسيةٌ – كرديةٌ في شمالِ شرقِ سوريا

تشير المحادثاتُ منذ يوم الأحد بين وفدٍ فرنسي وأحزاب كردية في شمال شرق سوريا إلى مصدرٍ جديد للتوتّر بين باريس وأنقرة، المحادثاتُ هي جزءٌ من الجهود المبذولة لتوحيد الأكراد استعدادًا لتسوية سلام محتملة في البلد الذي مزّقته الحرب.

التقى الوفد الفرنسي أولاً بالتحالف الوطني الكُردي (HNKS) المقرّب من حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، وبحسب ما ورد أجرى الوفد محادثاتٍ مباشرة مع قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي في اليوم التالي، حيث تعتبر تركيا (PYD) وجناحها العسكري وحدات حماية الشعب (YPG) امتداداً لحزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي ناضل من أجل الحكمِ الذاتي في تركيا لأكثرَ من ثلاثة عقود وصنّفته أنقرة بالإضافة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كجماعة إرهابية.

ولم تنشرْ فرنسا التي استضافت وفوداً سورية كردية في باريس العام الماضي بيانًا رسميًا حول الزيارة، وتوتّرت العلاقات بين فرنسا وتركيا في السنوات الأخيرة، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى سياساتها الإقليمية المتباينةِ، حيث انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الهجومَ العسكري التركي الذي بدأ في تشرين الأول 2019 في المناطق التي تسيطر عليها وحداتُ حماية الشعب في شمال سوريا، والتقى بكبار المسؤولين السوريين الأكراد، في المقابل اتّهم وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ماكرون برعاية الإرهاب.

وقال “ايجور ديلانو” نائب مدير مركز التحليلات الفرنسية – الروسية اوبزوفو ومقرُّه موسكو، إنّ المحادثات الفرنسية الكردية ستزيد من توتّر العلاقات بين أنقرة وباريس، وأبلغ موقع “عرب نيوز” أنّ فرنسا تريد استعادة نوع من موطئ قدمٍ سياسي في الصراع، بعد أنّ دعمت معارضي النظام السوري دون جدوى.

مضيفاً أنّه: “إذا نجح الفرنسيون في توحيد الأكراد السوريين، فسيزودونهم ببعض الائتمان الذي يمكنهم الاستفادة منه للمساهمة على المسرح السياسي في سوريا ما بعد الأزمة، لأنّ الولايات المتحدة ليست مهتمّة بتسوية الأزمة”.

قال “ديلانو” إنّ الهدف الفرنسي الآخر للمحادثات يتعلّق بالأمن، وأضاف: “يقال إنّ العديد من الجهاديين الراديكاليين الفرنسيين هم سجناء عند قوات سوريا الديمقراطية (التي تشكّل YPG المكوّن الرئيسي لها)”.

“اندلعت أعمال شغب في سجن تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية حيث يحتجز آلاف الإرهابيين، بالنسبة لباريس هناك اهتمام مباشر بأنّ لا يفرّ هؤلاء الأشخاص بعيدًا، وفي مقابل التأكّد من عدم حدوث ذلك للأكراد، يمكن لفرنسا أنْ تقدّم بعض الالتزام السياسي والدعم لقضية الأكراد السوريين”.

وعلى الصعيد الإقليمي، قال “ديلانو” إنّ المحادثات الفرنسية الكردية هي ردُّ فعلٍ مباشر على زيادة البصمة التركية في ليبيا، في كانون الثاني ألقت أنقرة وباريس اللوم على عدم الاستقرار في ليبيا، وقال ماكرون إنّ السفن التركية التي ترافق المرتزقة السوريين وصلت إلى الأراضي الليبية، وقال “ديلانو”: “نتيجةً لذلك تحاول فرنسا الاستفادة من الأكراد للحدِّ من طموحات تركيا”.

“صموئيل راماني”، محللُ شؤونِ الشرق الأوسط في جامعة أكسفورد، أخبر موقع “عرب نيوز” أنّ المحادثات الفرنسية الكردية “تتبع سلسلة طويلة من التصعيد المتصوّر ضدّ تركيا من وجهة نظر أنقرة”، وقال: “أرسلت فرنسا سفنًا حربية إلى شرق البحر الأبيض المتوسط في أواخر كانون الثاني، والتي تمّ تفسيرُها على نطاق واسع في تركيا على أنّها إظهار للتضامن مع اليونان، في الآونة الأخيرة أرسلت فرنسا رحلةً غيرَ مصرّحٍ بها فوق ليبيا، وهناك مخاوفُ في تركيا من أنّ فرنسا قد تستخدم حظر الأسلحة البحرية من الاتحاد الأوروبي ضدّ ليبيا لردع الدعم العسكري التركي لحكومة الوفاق الوطني.

وأضاف: “التفاوض مع الأكراد السوريين سيؤجج التوتّرات مع تركيا في الوقت الحالي، أعتقد أنّ التأثير الأكبرَ سيكون على العلاقات الفرنسية التركية بدلاً من السياسة التركية في سوريا “، وعبَّر “راماني” عن شكوكه في المحادثات الفرنسية الكردية، وقال “راماني”: “إنّ جهود الوساطة السابقة، بما في ذلك تلك التي توسّطت فيها فرنسا، فشلت في تعزيز الوحدة الكردية، وبالنظر إلى الانقسامات بين الأكراد حول الرئيس بشار الأسد، ليس هناك ما يشير إلى أنّه سيكون هناك المزيد من النجاح هذه المرّة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى