وفاةُ معتقلٍ سياسي أمضى 30 سنةً في سجونِ نظامِ الأسدِ
توفي، أمس الجمعة، في محافظة السويداء، المعتقل السياسي “نبيل غالب خير”، الذي أمضى 30 سنة في سجون نظام الأسد، منها 14 عاماً في سجن صيدنايا السيّئ الصيت، والواقع في ريف العاصمة دمشق، وذلك بعد أنْ ألمّت به وعكة صحية خلال احتجازه في سجن السويداء المركزي.
وذكرت رابطة “معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا” المهتمّة بمتابعة أوضاع معتقلي السجن أنَّ “نبيل غالب خير” من مواليد عام 1967، وهو من بلدة القنوات شمالي محافظة السويداء، واعتقلته مخابرات نظام الأسد بتاريخ الرابع من حزيران عام 1991 في أثناء توجّهه للعمل بمنطقة جزين في لبنان.
وأوضحت الرابطة في تقرير نشرته على موقعها الرسمي أنَّ رحلة “خير” بدأت مع الاعتقال من فرع الأمن والاستطلاع التابع لشعبة المخابرات العسكرية في بلدة عنجر اللبنانية، وحُوّل بعده إلى فرع فلسطين في دمشق، حيث بقي حوالى ستة أشهر تعرّض خلالها لتعذيب وحشي سبّب له كسوراً في الفك، وفقد مجموعة من أسنانه نتيجة الضرب والدّوس بالأقدام.
وأشار التقرير إلى أنّه لم توجَّه إلى المتوفى أيّةُ تهمة واضحة، ولم يُقدَّم أيُّ دليل يثبت صحة التقرير الأمني الذي اعتُقل بسببه، وحُوِّل إلى محكمة الميدان العسكري التي حكمت عليه بالإعدام بتهمة “دس الدسائس لدى جهات معادية والاتصال بها ليعاونها على الفوز في الحرب”، ثم خفّف الحكم إلى السجن المؤبّد، ولم تُتَح له فرصة الدفاع عن نفسه أو توكيل محامٍ، ولم يستطع الاتصال بذويه خلال مدّة التحقيق والمحاكمة، ثم حُوِّل إلى سجن صيدنايا الذي قضى فيه 14 عاماً محروماً الزيارة لغاية عام 2005.
ولفت التقرير إلى أنَّ الأطباء شخّصوا إصابته بتسرع القلب الجيبي خلال سجنه في صيدنايا، وعُرض على العديد من اللجان الطبية لمنحه عفواً بسبب حالته الصحية، لكن المخابرات السورية كانت ترفض إخلاءَ سبيله بشكل دائمٍ وتتجاهل معاناته.
ومع انطلاق الثورة السورية وإفراغ النظام سجنَ صيدنايا من معتقليه القدامى، نُقل إلى سجن السويداء المركزي بتاريخ 25 حزيران 2011 وبقي فيه حتى وفاته.
وحمّلت الرابطةُ نظامَ الأسد مسؤولية وفاته بسبب التعسف في اعتقاله ورفض كلّ الطلبات التي قدّمها لإعادة محاكمته أو منحه عفواً عن ربع المدّة وعدم شموله بأيّ لجنة عفو خاص نتيجة وضعه الصحي.
ولفتت نظر المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية إلى أنَّ حالة “خير” واحدة من 10 حالات موثّقة بشكل كاملٍ لديها لمعتقلين منذ القرن الماضي دون توجيه تهمٍ واضحة إليهم، تعرّضوا للتعذيب وسوء المعاملة وإخضاعهم لمحاكمات تفتقر إلى أدنى شروط التقاضي العادل، وتعنّت نظام الأسد في احتجازهم متجاهلاً كلّ الطلبات المقدّمة من قبلهم لإطلاق سراحهم ومراعاة وضعهم الصحي، ومعظمهم مصابون بمرض عضال.
وفي مطلع نيسان الجاري توفي المعتقل السياسي “نايف حماد سعيد”، في سجن دمشق المركزي بمنطقة عدرا، وهو فلسطيني الأصل ويحمل الجنسية الأردنية، واعتقلته مخابرات نظام الأسد عام 1995، بتهمة “حيازة وثائق ومعلومات سريّة يجب أنْ تبقى طيّ الكتمان، حرصاً على سلامة الدولة”، على حدِّ قولها.
وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإنَّ عددَ المعتقلين لدى جميع أطراف الصراع السوري يقدّر بنحو 150 ألفاً، 88 بالمئة منهم لدى نظام الأسد، مات منهم 14 ألفاً تحت التعذيب.