الخوذُ البيضاءُ تكشفُ إحصائياتِ وجرائمِ نظامِ الأسدِ خلالَ عام 2021
كشفت منظومةُ “الخوذ البيضاء” الستارَ عن تقريرها المفصّل لعام 2021 بعنوان “أرواحُ السوريين في عام 2021 … ضحيةٌ للحربِ وكورونا”، وثَّق من خلاله الهجمات وخروقات وقفِ إطلاق النار التي أدّت لسقوط الضحايا.
حيث قالت الخوذُ البيضاء إنَّ عام 2021 لم يأتِ بأيّ جديدٍ عليهم سوى استمرار القصف والهجمات التي مازالت تأكلُ أجسادهم -وبهدوء ودون أيّ ضجيج يكترث إليه العالمُ- من قِبل قوات النظام وروسيا التي تتّبع سياسة ممنهجة تتلخّص بالحفاظ على حالة من اللا حرب واللاسلم، بهدف منعِ أيّ حلٍ سياسي على الأرض، وفرضِ واقعٍ عسكري وإنساني يبعد الأنظارَ عن الحلِّ السياسي.
ولفتتْ “الخوذ البيضاء” إلى أنَّ قوات النظام وروسيا صعّدتْ عملياتها العسكرية منتصفَ العام بشكلٍ كبير، على مناطق ريف إدلب الجنوبي وسهلِ الغاب في حماة، بالإضافة إلى تصعيد القصف على مناطقِ ريف حلب الشمالي والغربي، ما تسبّب بتضاعف عددِ الضحايا واستمرارِ عمليات التهجير والنزوح وتدمير البنى التحتية، في وقتٍ اجتاحت موجةٌ جديدة من فيروس كورونا مدنَ وبلدات شمال غربي سوريا، في ظلِّ استهلاكٍ كبير للقطاع الطبي المنهك أصلاً بعد سنواتٍ من الاستهداف الممنهج له.
في حين أشارتْ المنظومةُ إلى أنّها استجابت خلال عام 2021 لأكثرَ من 1300 هجومٍ من قِبل النظام وروسيا تمَّ فيها استخدامُ أكثر من 7000 ذخيرةٍ متنوّعة، منها أكثرُ من 145 طلعةً جويّة جميعُها روسية تمَّ فيها شنُّ أكثرَ من 400 غارةٍ جويّة، و1000 هجومٍ بالقذائف المدفعية تمَّ فيها إطلاقُ أكثرَ من 5650 قذيفةً، و123 هجوماً صاروخياً تمَّ فيها إطلاقُ أكثر من 700 صاروخٍ منها 43 هجمةً بصواريخ أرض ـ أرض، منها اثنان محمّلان بقنابل عنقودية، إضافةً لـ 34 هجوماً بالصواريخ الموجّهة تمَّ فيها إطلاقُ أكثرَ من 40 صاروخاً، فيما كانت الطائراتُ المسيّرة حاضرةً، حيث استجاب الدفاع المدني السوري لـ 8 هجماتٍ بالطائرات المسيّرة، و المئات من الهجمات بأسلحةٍ أخرى متنوعة.
ووثقَّت الخوذُ البيضاء خلال عام 2021 استشهادَ 225 شخصاً من بينهم 65 طفلاً و38 امرأةً نتيجةً لتلك الهجمات التي شنّها الطيران الروسي وقوات النظام واستجابت لها فرقُ الدفاع المدني السوري فيما تمكّنت الفرقُ من إنقاذ 618 شخصاً أصيبوا نتيجةً لتلك الهجمات، من بينهم 151 طفلاً.
حيث كان نظامُ الأسد يركّز في قصفِه على استهداف منازلِ المدنيين والحقول الزراعية، فيما لم يتوقّفْ استهدافُ المدارس، والمشافي، والمرافق الحيوية، واستجابت فرقُ الدفاع المدني السوري، لأكثرَ من 490 هجوماً على منازل المدنيين، وأكثرَ من 620 هجوماً على حقول زراعية، و4 هجمات على مدارس ومنشآت تعليميّة، و 8 هجماتٍ على أسواق شعبيّة، و4 هجمات على مشافي ونقاط طبيّة، و4 هجمات على مراكز الدفاع المدني السوري، و4 هجماتٍ على مخيمات تؤوي مهجّرين، وهجومينِ على مدارس، ومئاتِ الهجمات الأخرى التي استهدفت معامل ومنشآت تجارية ومحطّات وقود وأبنية عامة وطرقات.
وأشار إلى أنَّ ميليشيات الاحتلال الروسي تستخدمُ أسلحةً متطوّرةً وذات دقة عالية في استهداف المدنيين وفرقِ الدفاع المدني السوري، وهي قذائفُ مدفعية موجّهة بالليزر من نوع ( كراسنوبول) ، وهذا ما يؤكّد أنَّ القصفَ ممنهجٌ بهدف إيقاع أكبرَ عددٍ ممكنٍ من الضحايا، حيث وثقت فرقُ الدفاع المدني استخدامَ هذا النوع بأغلب الهجمات المدفعية على المرافق حيوية ومنازل المدنيين، ومن بين المنشآت المستهدفة بقذائف كراسنوبول مشفى الأتارب في 21 آذار الماضي ومعبر باب الهوى، وفي قرية إبلين في 10 حزيران الماضي، ونقطة مرعيان الطبيّة في 8 أيلول، وباستهداف مركزِ الدفاع المدني السوري في قرية قسطون غربي حماة، و منازل المدنيينَ في جبل الزاوية وأريحا، كما أنَّ أغلبَ المجازر حصلت باستخدام هذا النوع من القذائف
وأكّدت أنَّ نظامَ الأسد وحليفه الروسي صعّدا خلال العام الحالي استهدافَهم لفرق الدفاع المدني السوري ومراكزه، في سياسة ممنهجة ومتعمّدة، ما أدى
لاستشهاد 3 متطوعين وإصابة 19 آخرين جرّاءَ هجمات استهدفت فرقَ ومراكزَ الدفاع المدني السوري، حيث تمَّ توثيقُ 4 هجمات استهدفت 4 مراكز للدفاعِ المدني السوري بالإضافة إلى 11 هجوماً استهدفَ الفرقُ أثناء إنقاذِهم الأرواحَ.
وأكّدت الصحفة هذه الهجماتِ بهدف حرمانِ المدنيين من خدمات الدفاع المدني السوري وتهجير المدنيين من مدنهم وقراهم، ومحاولةِ إخفاء الشاهدِ على استهداف المدنيين بمختلف أنواع القصف.
وترافق التصعيدُ الممنهجُ على الأرض تجاه الدفاع المدني السوري مع حملة إعلاميّةٍ يشنّها إعلام نظام الأسد وروسيا في محاولة لتشويه صورةِ المتطوّعين ولتبريرِ قتلِهم، وخاصةً أنّ متطوّعي الدفاع المدني السوري هم المستجيبون الأوائلُ لإنقاذ المدنيين جرّاء الغارات الجويّة الروسية والقصف وهم الشهود الأوائل على الجرائم التي ترتكب بحقِّ المدنيين.
وأوضح التقرير أنَّ مناطق الشمال السوري شهدت أكبرَ موجةٍ نزوح في سوريا منذ عام 2011، بسببِ الهجمات العسكرية والتقدّم البريّ للنظام وروسيا والقصف الذي يستهدفُ التجمعاتِ السكانية، حيث نزح خلال الأيامِ الأخيرة من عام 2019 وحتى 5 آذار 2020 أكثرَ من مليون مدني، أغلبهم نزحوا من ريف حلبَ الغربي وريف إدلب الجنوبي والشرقي وريفِ حماة الشمالي والغربي، وتوجّه أغلبُ النازحين نحو المناطق الحدودية بريفي إدلبَ وحلب، ليتجاوزَ عددُ النازحين الكلّي في شمالِ غربي سوريا 2 مليون مدني معظمُهم نزح عدّةَ مراتٍ ومن مناطق مختلفة في سوريا خلال عمرِ الانتفاضة السورية ضدَّ النظام.
وبخصوص فيروس كورونا، قال الدفاع المدني إنَّه في الوقت الذي لم يهدأ القصفُ والهجمات العسكرية للنظام وروسيا على شمال غربي سوريا، كان فيروس كورونا بما يحملُه من فتكٍ بالأرواح ، يجتاح المنطقةَ بموجةٍ ثانية هذا العام ولاسيما مع وصول متحوّرِ دلتا سريعَ الانتشار، وكانت الموجة خطيرة جداً بسبب طبيعة الظروف وغيابِ الخدمات وضعف البنية التحتية واستحالةِ تطبيق إجراءات التباعدِ الاجتماعي في المخيّمات التي تؤوي أكثر من 1.5 مليون مدني، عانى القطاعُ الطبي من إشغالٍ تام في أسرة العنايةِ المشدّدة وازداد عددُ الوفيات بشكلٍ كبير وبلغ عددُ الوفيات هذا العام بحسب الجهات الطبيّةِ العاملة في شمالي غربي سوريا أكثرَ من 1950 حالةَ وفاةٍ موثقةً، وعددُ الإصابات أكثرَ من 72 ألف إصابةٍ بالفيروس.
وكثّفت فرقُ الخوذ البيضاء جهودَها هذا العام للعمل ضمن الإمكانات المتاحة لمواجهة الجائحةِ وحماية المدنيين في ظلِّ ضعفِ الخدمات والبنية التحتية، وكان الدفاع المدني السوري أطلق العامَ الماضي حملةً لتطهير وتعقيم المرافق العامة وبالتوازي مع عمليات التطهير نفّذ حملاتِ توعوية، بهدف الوقاية من فيروس كورونا ومنعِ انتشاره، ركّزت بشكلٍ أساسي على تقديم الإرشاداتِ الوقائية من فيروس كورونا، إلى جانب الإرشادات المهمّة الأخرى للأهالي، واستهدفت بالدرجة الأولى مخيماتِ النازحين، والمنشآت التعليمية، والمرافقَ الحيوية الأخرى التي تشهد حركةً للمدنيين.
وافتتح الدفاعُ المدني السوري معملاً إضافياً لإنتاج الأوكسجين، بعد النقصِ الهائل الذي حصل هذا العام باعتبار الأوكسجين من أهمّ المستهلكات الطبية للمصابين بفيروس كورونا، ومادةٌ مهمّة في عمل المشافي والنقاط الطبية، وبلغت الكميةُ المنتجة هذا العام، 110آلاف لترٍ، معبأة بأسطوانات مختلفة الأحجام بين كبيرة سعة 50 لتراً وصغيرة سعة 10 لترات، إضافةً لإنتاج الأقنعة البلاستيكية الواقية التي تزوّد بها الفرقُ الطبيّة التي تكون على تماس مباشر مع المرضى وتمَّ إنتاج 80 ألفَ قناعٍ بلاستيكي هذا العام، مع الاستمرار بإنتاج الألبسة الخاصة بالكوادر الطبية والمستجيبة على الخطوط الأمامية لفيروس كورونا وتمَّ إنتاجُ أكثرَ من 4800 بدلةٍ.
وبحسب “الخوذ البيضاء” فإن المخيّمات تزدادُ كلَّ يوم وتكبر مأساتها، والحصار يهدّد أكثرَ من 4 ملايين إنسانٍ في شمال غربي سوريا بعد مساعٍ روسية لإلغاء آلية إدخالِ المساعدات عبرَ الحدود، فيما يعيش مخيمُ الركبان في منطقة التنف جنوبَ شرقي سوريا يعيش حصاراً من قِبل النظام وروسيا منذُ سنوات، وفي وقتٍ يواصل فيه نظامُ الأسد سياسةَ الاعتقال والتجويع للمدنيين في مناطق سيطرته، وهجماته لم تتوقّف على شمال غربي سوريا، ويزدادُ تهديدُ فيروس كورونا وآثارُه ستكون كارثيّةً على جميع المناطق السورية التي دمّرت الحربُ كلَّ ما يمكن أنْ يساهمَ في إنقاذ الأرواح فيها، وتتفاقم المعاناة مع أوضاع معيشية متردّية وجفاف يهدد الزراعة ويجعل جميع السكان أمام خطر مجاعة حقيقية.
وختمت: مع نهاية كلِّ عام وبدءِ عامٍ جديد يتجدّد الأملُ بانتهاء الحرب وأنْ يكونَ عاماً لبدء الإعمار وإعادةِ الحياة لسوريا التي دمّرها نظامُ الأسد وحليفه الروسي، لكن هذا الأمل يتضاءلُ وفي كلّ عام جديد يتراجع اهتمامُ المجتمع الدولي أكثرَ بمأساة السوريين، فيما وقفُ الحربِ والموتِ بات حلماً لا يُعرف متى يتحقّق، أو هل سيتحقّق؟.