“لا يدركُ الناسُ ما هو قادمٌ”: كيف تتكشّفُ أزمةِ فيروسِ كورونا في سوريا التي مزّقتْها الحربُ

بينما تدخلُ سوريا عامها العاشر من حربها، فإنّ البلاد لا تبدو أقرب إلى إيجاد حلٍّ سلمي، يحتاج ما لا يقلّ عن 11 مليون شخص في البلاد بالفعل إلى مساعدة إنسانية للبقاء على قيدِ الحياة، في حين أنّ ما يقرب من ثمانية ملايين شخص ليس لديهم وصولٌ مؤكّدٌ إلى الغذاء.

أفادت منظمة أطباء لحقوق الإنسان (PHR) إنّه منذ بداية الحرب الأهلية لعام 2011، كان هناك ما لا يقلُّ عن 595 هجوماً موثّقاً على أكثر من 300 مستشفىً في جميع أنحاء البلاد، معظمها ارتكبها نظام الأسد وحلفاؤه روسيا وإيران.

لم يتمّ إصلاح الكثير من هذا الدمار، لا سيما في معاقل المعارضة السابقة: نصف المنشآت الطبية في البلاد فقط تعمل، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، سجلت سوريا وفاتها الثانية إثر فيروس كوفيد 19 يوم الاثنين، وهو رقم وصفته الأمم المتحدة بأنّه “طرفٌ لجبلٍ جليدي” حيث قد يكون أقلَّ بكثير من الرقم الحقيقي.

كما أخبر مسعفون في جميع أنحاء البلاد أنّ هناك الكثير من المرضى الذين لم يتمّ الإبلاغ عنهم. في حين تفرض دمشق حظرَ تجوّلٍ ليلي، فإنّ إجراءات الوقاية والتدابير لمكافحة المرض التي تتمّ في المناطق التي يسيطر عليها النظام، قد يكون من الصعب فرضها في بقية البلاد.

بينما تشكّل منطقة إدلب وشمال حلب موطناً لأربعة ملايين شخص، وقد نزح مليون منهم العام الماضي وحدهم في هجوم النظام الأخير على المعقل الأخير للثوار، يعيش العديد من المدنيين في مخيمات مكتظّةٍ وغيرِ صحية.

وقال “ريان كوتشي” إنّ هناك ما لا يقلُّ عن 40 هجمة مؤكّدة على المستشفيات منذ أبريل 2019، “المنطقة عُرضةً للخطر وتستعدُ تماماً لكارثة الصحة على وشكٍ تتكشّف”، كما بدأت منظمة الصحة العالمية اختبارات Covid-19 في المناطق التي يسيطر عليها الثوار فقط في نهاية الأسبوع الماضي، فإنّ المسعفين ليس لديهم شعور واضح بالانتشار.

أخبرت منظمة اللاجئون الدولية المستقلة أنّ ثلاثة أشخاص على الأقلّ في إدلب تُوفّوا وظهرت عليهم أعراض Covid-19، وكان العديد من المرضى الآخرين قد تمّ الحجرُ عليهم، وقال “مرام الشيخ” وزيرُ الصحة للحكومة المؤقتة السورية في شمال حلب، إنّ لديهم جهازَ تهوية واحد فقط لكلِّ 26500 شخص و “لا توجد قدرة على الإطلاق” لعلاج أيِّ شخصٍ لديه فيروس كورونا.

وقالت للصحيفة “لدينا أكثر من مليوني نازح [النازحين داخلياً] الذين يعيشون في المخيمات”، “ليس لدينا سوى 65 مستشفىً، مع ما يقارب من 200 سرير في وحدة العناية المركّزة فقط و150 جهاز تهويّة فقط، مقابل 4 ملايين شخصٍ، “جميعُ المستشفيات ممتلئة بالفعل بالمرضى”، وقالت إنّ السلطات فرضت بعضَ التدابير بما في ذلك القيود المفروضة على الحركة إلى تركيا المجاورة، حيث توفي أكثر من 200 شخصٍ من كوفي 19 و13500 قد أصيبوا.

ولكن “مرام الشيخ” قال إن المدارس السورية والجامعات والأسواق لا تزال بحاجة إلى تعقيمها، نحن بحاجة ماسّة إلى حملة توعية، وأضاف إنّ الناس لا يدركون ما سيحدث لهم، في إدلب حظرت حكومة الإنقاذ المدعومة من هيئة تحرير الشام الأسواق المفتوحة إثر المخاوف من فيروس كورونا، ولكنّ المسعفين هناك يقولون إنّهم لا يزالون قلقين للغاية.

وقال الدكتور “حسن حمدي” وهو طبيب في إدلب، إنّ المستشفى الذي يعمل به ليس لديه غرفة عناية مركّزة، وقال “كل ما لدينا هو خزانات الأكسجين ومسكّنات الألم، ولا يمكنك محاربةَ المرض بهذه المعدّات”.

قالت الدكتورة “نعيمة سعيد”، ممثلة منظمة الصحة العالمية لسوريا سابقاً إنّها تعمل على تعيين مختبر اختبار في شمال شرق سوريا، هناك أيضاً مخاوف متزايدة حول السجون المكتظّة إذا كان هناك اندلاع لفيروس Covid-19، يحوي أحد أكبر السجون أكثر من 70،000 محتجزٍ بسبب المظاهرات المناهضة للنظام، ولا توجد وسيلة لعزلِ أو لحَجرٍ صحيّ بشكلٍ فعّال.

في المناطق التي يسيطر عليها النظام هناك تقارير غير مؤكّدة حول اندلاع فيروس Covid-19 بين القوات الإيرانية، التي تقاتل لصالح نظام الأسد، وأفاد “محمد حسن” صحفي سوري في الشمال أنّ هناك تقاريرَ غيرُ مؤكّدة عن 60 حالة مع العديد من أفراد القوات التابعة لإيران في الحَجر الصحي في مستشفى الشفاء على طول الحدود السورية العراقية.

قال النشطاء على الأرض إنّه مع عدم وجود اختبار رسمي، فإنّه من المستحيل تقييمُ الوضع، ولكنّه أمرٌ بالغُ الأهمية بسبب استمرار حركة الوافدين في المنطقة من المناطق التي تفشّى فيها الفيروس مثل العراق وإيران.

وقال “أحمد” وهو صحفي محلي، والذي فضّل عدمَ ذكر كنيته أنّ “هناك موقع شيعي مقدّس في بلدة بالقرب من الحدود مع العراق، والعديد من السوريين والإيرانيين لا يزالون يزورون المكان حتى خلال هذه الأيام، مما يزيد من احتمالية أنْ ينتشرَ الفيروس”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى