مبعوثُ “ترامب” الخاصِ يكشفُ عن طبيعةِ العلاقاتِ مع موسكو وأنقرةَ حولَ حلٍّ نهائي للأوضاعِ في سوريا وخاصةً في إدلبَ
أعلن المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا “جيمس جيفري”، عن عدمِ قدرة الاحتلال الروسي ونظامِ الأسد على السيطرة على مناطقِ الشمال السوري المحرَّر أو مناطقِ شرق الفرات دون التفاوض مع المجتمع الدولي.
وقال “جيفري” في تصريحاتٍ صحفية نقلت عنه يوم أمس الأربعاء إنّ “الولايات المتحدة تسعى دوماً لإيصال رسالة إلى روسيا والأسد أنّه ليس بمقدورهما تحقيقُ الانتصار في هذه الحرب، ولم يعد بوسعهما استعادة 40% من البلاد و50% من الأراضي الصالحة للزراعة، وثلثَيْ احتياطي الهيدروكربونات دون التفاوض مع المجتمع الدولي”.
وأضاف “جيفري” بقوله: “نحاول أن نشرحَ للروس الذين اعترفوا بأنّ العملية السياسية هي الحل الوحيد لإعادة 12 مليون سوري هربوا من ظلم الأسد، أنّ الهجوم العسكري الكبير الذي تشنّه على إدلب والاستهدافَ الهائل للمدنيين فيها لم يحقق أيَّ تقدّمٍ فعلي”.
كما أشار “جيفري” إلى أنّ الولايات المتحدة كانت قد قدّمت عرضاً للاحتلال الروسي لإيجاد حلٍّ في منطقة إدلب ومحيطِها، موضّحاً أنّ موسكو تتذرع بـ “هيئة تحرير الشام” للقيام بحملتها الوحشية على إدلب، على الرغم من التعهدات التركية بوضعِ حدٍّ لتلك الجماعة وسحبِ سلاحها وإخضاعِها لسيطرتها.
وكشف “جيفري” عن تقديم بلاده عدّة عروضٍ لموسكو لتزويدها بمعدّاتٍ فريدة من نوعها لاستهداف القيادات الإرهابية، إلا أنّ الروس أصرّوا على رفض ذلك، مستدركاً بقوله: “ولهذا لا نريد أن نأخذَ مزاعمهم حول قيامِهم بمحاربة الإرهاب بمفردهم على محمل الجدّ، فلو أرادوا محاربة الإرهاب لتعاونوا معنا بشكلٍ أكبرَ”، على حدّ قوله.
وأشار “جيفري” إلى أنّ الاحتلال الروسي يرى المشافي والمدارس ودورَ الأيتام أهدافاً مشروعة يحتلها الإرهابيون، وذلك بسبب سلوكهم الذي يتبنى وجهة نظر نظام “بشار الأسد”، والتي تعتبر أن أيَّ شخص حمل السلاح ضد أسوأ نظام رأيته هو إرهابي، بحسب وصفه.
وعبَّر “جيفري” عن دعمِ بلاده للموقف التركي الداعي للعودة إلى اتفاقِ وقفِ إطلاق النار في إدلب، وضرورةِ انسحاب ميليشيات الاحتلال الروسي من القرى التي تقدّمت إليها، مضيفاً أنّ “ما شجّع واشنطن على ذلك هو تدعيمُ تركيا لنقاط المراقبة التابعة لها رغم تعرْضها للاستهداف ومقتلِ وجرح عددٍ من الجنود الأتراك.
وتطرّق “جيفري” إلى دعمِ تركيا لفصائلِ الجيش الوطني السوري الحرّ في إدلب، ودورِه في الحفاظ على موقفٍ قوي في هذا الملف، قائلاً: “دعموا المعارضة السورية بأساليبَ مختلفة وعديدةٍ لن أتطرّق إليها، غير أن دعمِهم كان مؤثّراً وفعالاً”.
ولفت المسؤول الأمريكي إلى أنّ السياسة الأمريكية في سوريا تقوم على إخراج الميليشيات الإيرانية من سوريا، وهزيمة تنظيم “داعش” بشكلٍ دائمٍ، وإطلاقِ عمليةٍ سياسية تغيّر سلوك نظام الأسد بطرق جوهرية وأساسية، مضيفاً بقوله “إنّ ذلك لا يعني قيام الولايات المتحدة بإسقاط بشار الأسد، بل تمكين الشعب من ذلك عن طريق عملية ترعاها الأممُ المتحدة”.
وأوضح “جيفري” أنّ موسكو وعدت بتطبيق قرارِ مجلس الأمن رقم 2254 القاضي ببدء عملية للانتقال إلى سوريا مختلفة، تزامناً مع تشكيلِ لجنةٍ لإصلاح أو استبدال الدستور الحالي.
مشيراً إلى أنّ واشنطن تعمل على تطبيقِ الخطة البديلة مع موسكو بهدف الوصول إلى تسويةٍ في سوريا بشكلٍ تدريجي، وذلك من خلال بدءِ العملية السياسية مقابلَ انسحاب القوات الأجنبية بما فيها الإيرانية ووقفِ إطلاق النار، موضّحاً أن بلاده تسعى لتطبيق ذلك من خلال زيادةِ الضغوط بما فيها العسكرية والاقتصادية.
وأشار “جيفري” إلى أنّ الولايات المتحدة نجحت في سبيل ذلك بمنع وصول أيّ مساعدة لنظام الأسد بشأن إعادة الإعمار، وستمنع ذلك حتى ترى أنّ العملية السياسية آتت أُكُلها، كما مارست ضغوطاً دبلوماسية حيث تمّ إخراجُ نظام الأسد من الجامعة العربية، وسعت موسكو لإعادته، وقد تمّ رفضُ ذلك فعلياً في شهر آذار الماضي، وسيتمّ قطعُ أيَّ فرصة لعودته.