تسريبُ مقاطعَ مصوّرةٍ تكشفُ عن “محارقِ جثثٍ” تابعةٍ للمخابراتِ الجويّةِ والعسكريةِ
أفاد موقع “زمان الوصل” بأنَّه حصل على مقاطع فيديو مروّعة توثّق إحراقَ “المخابرات العسكرية والجوية”، بمساعدة قوات الأسد، جثامين معتقلين ما بين عامي 2011 -2013، في إحدى المناطق الصحراوية التابعة لمحافظة درعا.
وبحسب المعلومات الحصرية التي حصل عليها الموقع، فقد كان يتمُّ نقلُ جثامين المعتقلين، ممن قضوا تحت التعذيب أو جرّاء محاكمات ميدانيّة، في شاحنات متوسطة الحجم ومكشوفة برفقة عربات أمنيّة إلى موقع شبه صحراوي منعزل بالقرب من بلدة “المسمية” الواقعة في الريف الشمالي الغربي لمدينة درعا، وكانت تُغطّى الجثامين بأغصان الأشجار أثناء نقلها.
ووفقاً للمعلومات، “انتظمت مجموعات معيّنة ذات ولاء مطلق بخلفية طائفية، من (المخابرات الجوية والعسكرية) بجولة دورية على فروع المخابرات المحيطة بمنطقة المحارق، وعلى الحواجز والقطعات العسكرية، لتجمع ما لديهم من جثامين، كي يتمَّ رميُها لاحقاً في حفرٍ أعدّت مسبقاً، ومن ثم حرقُها بعد سكب الوقود على كلِّ جثمان، كما تُظهر مقاطعُ الفيديو، وكانت قوات الأسد تؤمّن لهم الدعم اللوجستي”، الأمر الذي يشير إلى أنَّها عملية منظّمة متكرّرة.
وقال الموقع إنَّه تحقّقت من هوية اثنين من أبرز المشاركين في جريمة المحارق، وهما الرائد “ف.ق”، والتابع للأمن العسكري،، والمساعد “م.إ”.
وتوثّق مقاطع الفيديو قيامَ عناصر الأمن بالتنكيل بجثامين المعتقلين وسط طقوس احتفالية، حيث كان يتمُّ الدوسُ على الجثامين وشتمُ أصحابها، ووصفُهم بأنَّ هذا “حمصي” وذاك “حموي”..! الخ.
كما وثَّق أحدُ المقاطع كيف يتولّى بعضُ عناصر قوات الأسد إنزال الجثامين من الشاحنة واحدة تلو الأخرى، وسكب قليل من الوقود عليها، ثم ركلها ودحرجتِها إلى الحفرة، لتتكدَّس فوق بعضها، مشيّعةً باللعنات والشتائم.
وسط هذا المشهد المُفرط في شناعته، يطلُّ أحدُ الضبّاط ليشرف بنفسه على المحرقة، حيث توقد النار في الجثامين، ويتحلق المكلّفون بالمهمّة حول الحفرة وكأنهم متحلقون حول “حفلة شواء”، فإذا ما أحسوا بأنَّ النار لا تواصل اشتعالها كما ينبغي، رموا بقليل من الوقود على الجثامين لتستعرَ من جديد.
وبحسب مصدر الموقع، فكان يحرق يومياً 100 جثمان، تشمل مدنيين اعتقلوا أثناء المداهمات، وجثامين لمعتقلين بالأفرع الأمنيّة بالإضافة لأخرى من المنشقين كانوا معتقلين في سجن سري بمطار دمشق الدولي، منوّهاً إلى أنَّ بين الجثامين نساء وصبية، مشدّداً أنَّ المحارق استمرّت سنوات.
يُشار إلى أنَّ الإدارة الأمريكية اتَّهمت في شهر حزيران 2017، نظام الأسد علناً وبوضوح بإقامة محرقة في سجن صيدنايا للتخلّص من جثث المعتقلين وتحويلهم إلى رماد.
وبعد ساعات خرج نظام الأسد عبرَ وزارة خارجيته ببيانٍ كامل نافياً ما أوردته واشنطن “جملة وتفصيلاً”، وناعتاً إياه بأنَّه “رواية هوليودية”.
كما سبق للشبكة السورية لحقوق الإنسان بالتعاون “المرصد الأورومتوسطي” إصدار تقرير كامل في شباط 2015، يُذكّر المجتمعَ الدولي بأنَّ هناك من أحرق ويحرق السوريين أحياءً وأمواتاً دون أنْ يندّد أحدٌ بفعله الهمجي.
واعترف التقرير يومها أنَّ توثيق جرائم إحراق السوريين أمرٌ بالغُ الصعوبة، وأشدُّ صعوبةً منه العثور على مقاطع ترصد هذه الجرائم، مشيراً إلى أنَّه استطاع التأكّد من أنَّ نظام الأسد أحرق منذ بداية الثورة 2011 وحتى شباط 2015، 82 شخصاً، تمَّ إحراقُهم وهم أحياء.
أما من أحرقهم النظام بعد قتلهم، فقال التقرير إنّه تأكَّد من 773 شخصاً، بينهم 146 امرأةً، و69 طفلاً، وعمليات الإحراق هذه تمّت خلال ارتكاب مجازر في مناطق مختلفة من سوريا، أي إنَّها ترافقت مع الاقتحامات وحملات الدهم حصراً.