تقريرٌ حقوقيٌ: القواتُ الروسيةُ مسؤولةٌ عن 207 حوادثَ اعتداءٍ على منشآتٍ طبيّةٍ منذُ تدخّلِها العسكري في أيلولَ 2015
طالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير أصدرته أمس الاثنين, محققي الأمم المتحدة في شمال غرب سوريا بأنْ يثبّتوا مسؤولية قوات الاحتلال الروسي عن قصف تجمّعٍ للمدارس في قلعة المضيق، وذلك بعد صدور تقرير مجلس التحقيق الداخلي التابع للأمم المتحدة في شمال غرب سوريا.
وبحسب تقرير الشبكة, فقد شهد النزاع السوري المسلّح الداخلي قيام قوات الأسد وقوات الاحتلال الروسي بعمليات استهداف غيرِ مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية للمراكز الطبية، وكذلك المراكز الحيوية المدنية كالمدارس ومقرّات الدفاع المدني وأماكن العبادة وغيرها.
وذكر التقرير أنّ تكرار قصف المراكز الطبية، والمنشآت الحيوية المدنية قد جاء نتيجة إفلات نظام الأسد التام من العقاب بسبب حقّ النقض الروسي في مجلس الأمن، حيث شعرتْ قوات الأسد أنَّ لديها ضوءاً أخضر، وتستطيع قصف ما تريد وكيفما تريد، ودائماً ما برّرت قصف هذه المنشات بأنّها قد خرجت عن وظيفتها وأصبحت في يد الإرهابيين وبعد تدخّل قوات الاحتلال الروسي عسكرياً في سوريا في أيلول 2015 سارت على النهج الذي اتبعته قوات الأسد ذاته، من قصف المراكز الطبية والمنشآت الحيوية.
وطبقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقلّ عن 43 حادثة اعتداء على منشآت طبية قد وقعت على يد قوات الاحتلال الروسي منذ اتفاق سوتشي في أيلول 2018 حتى 17 نيسان 2020 في حين أنّ حصيلة حوادث الاعتداء التي نفَّذتها هذه القوات على المنشآت الطبيّة في مختلف المحافظات السورية، منذ تدخّلها العسكري في سوريا في 30 أيلول 2015 حتى 17 نيسان 2020 بلغت 207 حوادث اعتداء.
وأشار التقرير إلى إنشاء آلية تجنّب استهداف المراكز الطبية من قبل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية OCHA إلا أنّه نوّه إلى وجود خلل جوهري في عملها ،ولاسيما في ظلّ استمرار نظام الأسد والاحتلال الروسي في قصف مراكز طبية على الرغم من كونها مسجّلة ضمن الآلية وفي هذا السياق أشار التقرير إلى تحديد 7 مراكز طبية قد تمّ استهدافها 12 مرّة، على الرغم من كونها مسجّلة ضمن آلية تجنّب الاستهداف، وذلك من قِبَل قوات الأسد أو قوات الاحتلال الروسي.
وذكر التقرير قرار الأمين العام للأمم المتحدة، بإنشاء “مجلس تحقيق داخلي” بغرض التحقيق في حوادث استهداف منشآت طبية وحيوية وقعت في شمال غرب سوريا، منذ بدءِ تنفيذ اتفاق سوتشي في 17 أيلول/ 2018 وقد أصدر هذا المجلس تقريره في 6 نيسان 2020.
واستعرض التقرير ملحوظات رئيسية عن تقرير مجلس التحقيق الداخلي التابع للأمم المتحدة، الذي كان من المفترض أنْ يحقّق في 7 حوادث ولكنّه لم يتمكّن من التحقيق سوى في خمس منها واتّهم المجلس نظام الأسد بأربع هجمات من ضمن الهجمات الخمس التي حقّق فيها.
وأشاد التقرير ببعض النقاط الإيجابية التي وردت في تقرير المجلس كإثباته عرقلة نظام الأسد للتحقيقات من خلال منعِه مجلس التحقيق من دخول البلاد إضافة إلى تأكيد تقرير المجلس أنّ المراكز الطبية التي تمَّ قصفها كانت تقدم خدمات الرعاية الصحية، وهو ما يدحض رواية نظام الأسد بأنّ هذه المراكز خضعت لسيطرة الجماعات الإرهابية ولم تعدْ تخدم غرضها الأساسي.
ونوّه التقرير إلى بعض النقاط المخيبة للآمال في تقرير المجلس كعدم تحميل قوات الاحتلال الروسي المسؤولية بشكلٍ مباشر عن قصف بعض المراكز الطبية والاكتفاء بالقول نظام الأسد وحلفائه دون تسمية من هم هؤلاء الحلفاء، إضافة إلى أنّ توصيات التقرير بشكلٍ عام جاءت مخيبة للآمال وبشكل خاص فيما يتعلّق بالطلب من آلية تجنّب الاستهداف مشاركة نظام الأسد ببيانات المراكز الطبية، والذي يعطي شرعية لنظام الأسد المتهم بحسب التقرير في قرابة 540 عمليةَ استهداف للمراكز الطبية منذ آذار 2011 حتى الآن.
طالب التقرير كافة لجان التحقيق بأنْ تكونَ مدعومة بآليات عقابية في حال عدم تجاوب السلطات الحاكمة في الدولة مع متطلباتها، كمنعها من دخول البلاد والتشكيك ورفض عملها كما فعل نظام الأسد، ومن الآليات العقابية الطلب من الأمم المتحدة فرض عقوبات أممية على نظام الأسد، اقتصادية وسياسية، وربّما عسكرية.
وأكّد أنّ مهمة لجان التحقيق الأساسية هي الكشف للشعوب المضطهدة عن الجهة التي قامت بقتل أبنائهم وقصفِ مراكزهم الطبية والحيوية، واعتبر أنّ الفشل في تسمية الجهة التي ارتكبت الانتهاك أو الجريمة يعتبر فشلاً مركزياً في عمل لجان التحقيق، وليس فشلاً ثانوياً.
أوصى التقرير بالعمل على إيجاد آلية فعّالة في حماية المراكز الطبية والحيوية المدنية من عمليات القصف الوحشي التي تهدف إلى تدميرها وإخراجها عن عملها الإنساني في أسرع وقتٍ ممكنٍ، حيث أثَّر استهداف نظام الأسد والاحتلال الروسي للمراكز الطبية في شمال غرب سوريا، وفي المناطق التي كانت خارج سيطرة نظام الأسد سابقاً مثل الغوطة الشرقية وداريا ودرعا وغيرها على إمكانات حكومة نظام الأسد في عملية الرعاية الصحية، وجعلها بالتالي مهدّدة بشكلٍ أكبرَ بكثير لانتشار وباء “كورونا” في صفوف أبناء الشعب السوري.
وأخيراً طالب التقرير الأمانة العامة للأمم المتحدة بأنْ يتمّ بذلُ جهود أكبرَ لمنع استخدام حقّ النقض لحماية نظام يرتكب جرائمَ ضدّ الإنسانية وجرائم حرب مثل نظام الأسد.