ميدل إيست آي: هل انتهتْ التفاهماتُ الروسيةُ – التركيةُ في إدلبَ؟

أشار تقرير لميدل إيست آي إلى التحدّيات المباشرة التي تواجهها تركيا بسبب دور الاحتلال الروسي في الكارثة الإنسانية التي تحصل في إدلب، خصوصاً أنّ طائرات الاحتلال الروسي تشارك بشكلٍ مباشر في استهداف البنية التحتية المدنية مثل المشافي والمخابز وحتى التجمعات السكنية المأهولة.

وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يحاول عدمَ ربط الاحتلال الروسي بشكلٍ مباشرٍ بالأعمال العسكرية الأخيرة، ويكرّر في عدّة مناسبات أنّه يعول على نظيره الروسي “فلاديمير بوتين”، لحلِّ المشكلات على الأرض؛ إلا أنّ هذا الموقف تغيّر وبشكلٍ مفاجئ يومَ الأربعاء.

وقال الرئيس التركي للصحفيين في إشارة إلى اتفاقِ وقفِ التصعيد، إنّ “روسيا، وللأسف، لم تلتزمْ بأستانا أو سوتشي.. لم يعدْ هنالك عملية أستانا. فقدنا صبرنا في إدلب. إنْ لم تتوقّف روسيا عن استهداف إدلب سنتخذ الخطوات اللازمة”.

وهذا يعني بالنسبة للمحلّلين في أنقرة، أن تركيا لن تتسامحَ مع المزيد من هجمات الاحتلال الروسي على المنطقة التي تضمّ نحو ثلاثة ملايين سوري، حيث تسببَ الهجوم الذي يشنّه نظام الأسد بدعم من طيران الاحتلال الروسي، بنزوح حوالي 390 ألفَ شخصٍ باتجاه الحدود التركية، وذلك وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة الأخيرة.

وعقد المسؤولون الأتراك اجتماعات عديدة مع نظرائهم الروس، بهدف التوصّل لاتفاق يقضي بإيقاف المذبحة، وأدّت بعض هذه الاجتماعات لوقفِ إطلاق النار لم يلتزم بها نظام الأسد على الأرض.

وقال مسؤول تركي مطّلع على النقاشات الحاصلة مع الاحتلال الروسي لموقع ميل إيست آي: “نعلم على الدوام أنّ روسيا لن تنفّذ اتفاقَ وقفِ إطلاق النار.. ولكن، توقّف روسيا الهجوم لمدّة أسبوع أو أسبوعين لتتظاهر بأنّها ملتزمة بالاتفاق. حالياً، يعلنون وقفَ إطلاق النار يوم الاثنين ليستأنفوا الهجوم يوم الأربعاء”.

وكانت قوات الأسد قد احتلّت مؤخّراً معرّة النعمان، وبدأت تتّجه لتطويق نقطة مراقبة تركية ثالثة في المنطقة المجاورة. وبحسب المسؤولين الأتراك، فإنّ قلة القوات البرية التي يمتلكها نظام الأسد دفعته لاستخدام تكتيكات وحشية للاستيلاء على الأرض.

وقال مسؤول تركي آخر: “القصف كان استراتيجياً وعن عمدٍ، من المستشفيات إلى المدارس.. يخلقون حالة من الدمار الشامل. يهرب الناس، ومن ثم يستولون على مدنٍ من الاشباح”.

وتعتقد أنقرة أنّ نظام الأسد يحاول الضغط على تركيا للتخلّي على نقاط المراقبة العسكرية في إدلب، مما يُعدُّ انتهاكاً واضحاً لكلِّ الاتفاقيات السابقة, وقال المسؤول: “لن نتخلّى عن هذه النقاط، وسندافع عنها في حال وقوع أيِّ هجوم”.

ومع ذلك، فإنّ المشاكل مع الاحتلال الروسي لا تقتصر فقط على إدلب، حيث يتجاهل الاحتلال الروسي اتفاقاً آخر تضمّن فيه بقاءُ ميليشيا قسد على بعدٍ لا يقلُّ عن 30 كلم من الحدود التركية.

ونفّذت “قسد” بنداً واحداً من الاتفاق، وهو استبدال حرس الحدود التابعين لها بحرس الحدود التابع لنظام الأسد، ولكنّ الاحتلال الروسي لم يطبّق أيَّ بندٍ من بنود الاتفاق. وقال مسؤول تركي ثالث: “الروس لم يخبروهم بأنّه عليهم الانسحاب. متواجدون في كوباني، ومنبج. متواجدون في كلِّ مكانٍ”.

وتستضيف تركيا حوالي 3.5 مليون لاجئ سوري، وتشعرُ بالقلقِ من أيِّ موجة نزوح جديدة سبَبها الهجومُ على إدلب. ويعتقد الخبراء أنّ تركيا ليس أمامها خياراتٍ لمنع أزمة كهذه، بخلاف التوصّل إلى تسوية مؤقّتة، تقبل فيها أنقرة الأراضي التي استولى عليها نظام الأسد الواقعة على الطرق السريعة في M4 وM5.

وكان وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، قال الأسبوع الماضي لوسائل الاعلام، إنّ “المنطقة الآمنة” هي الحلُّ الوحيد لإنهاء قتل المدنيين في إدلب.

وتعمل تركيا حالياً على بناء أكثر من 25 ألف منزل في إدلب. وأعلن أردوغان في وقت سابق من هذا الأسبوع، أنّ ألمانيا وعدت بالمساهمة بمبلغ 25 مليون يورو للمساعدة في تطوير هذا المشروع.

إلا أنّ فقدان السيطرة على المناطق الممتدة من الطرق السريعة M4 وM5 سيعود بالسلب على تركيا لأنّه سيعيق وصولها إلى عفرين.

وفي تصعيد جديد قال أردوغان، إنّ الجيش التركي سيقوم بعملية شاملة في إدلب ضدّ قوات الأسد، إنْ لم توقفْ العملية العسكرية، وذلك بعد أنْ أعلن مجلس الأمن القومي التركي، يوم الخميس، عن استعداد الحكومة التركية لاتخاذ إجراءات إضافية لحماية أرواح المدنيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى